Quantcast
Channel: سينما –ساسة بوست
Viewing all articles
Browse latest Browse all 367

الغرق في بحر الألم.. عرض لفيلم «Manchester by The Sea»

$
0
0

 

تدور أحداث فيلم «مانشستر بجانب البحر – Manchester by The Sea» آخر أعمال المخرج والسيناريست الأمريكي كينيث لونيرجان، حول أب يفقد أبناءه الثلاثة الصغار في حريق ضخم يتسبب فيه بلا قصد، ويمر بمرحلة اكتئاب وحزن طويلة، يفقد فيها مرة أخرى شخصًا عزيزًا عليه، وهو أخوه، ويجد نفسه مسئولًا كوصي عن ابن الأخ، وسط ظروفه النفسية المعقدة والسيئة.

الفيلم الذي رشح مؤخرًا لستة جوائز أوسكار كأحسن فيلم، وأحسن ممثل، وأحسن ممثل مساعد، وأحسن ممثلة مساعدة، وأحسن إخراج، وأحسن سيناريو، كتبه كينيث نفسه، الذي سبق وأن كتب أفلامًا كبيرة مثل أيقونة مارتن سكورسيسي «Gangs of New York»، ويدور في مدينة تحمل نفس اسم العنوان «Manchester by the sea» تقع على أحد الخلجان بولاية ماساتشوستس في الشمال الشرقي من الولايات المتحدة، وهي مدينة أخرى غير مدينة «Manchester» في ولاية نيو هامبشير القريبة، وبالطبع تختلف أيضًا عن مدينة «Manchester» البريطانية التي تمتلك نادي كرة القدم العريق، ومصانع النسيج التاريخية العملاقة.

حياة هادئة على وشك الانهيار

يحكي الفيلم قصة الأب الشاب لي تشاندلر (يؤدي دوره الممثل كيسي أفليك، الشقيق الأصغر للممثل بن أفليك) الذي تجمعه علاقة خاصة بابن أخيه الطفل باتريك، إذ دائمًا ما يقضي معه إجازات نهاية الأسبوع على قارب الصيد الخاص بأخيه جو (كايل شاندلر)، الذي يعمل صيادًا. يتبادلون المزاح، ويصطادون السمك بالصنانير، ولا يكف لي عن احتضان وتدليل ابن أخيه.


يقيم لي في المدينة الهادئة مع زوجته الجميلة راندي (تُؤدي دورها ميشيل ويليامز الذي سبق ولعبت دور الفنانة ماريلن مونرو في فيلم يحمل اسمه Marilyn)، ومع أطفالهما الثلاثة الصغار، وتبدو الأمور مستقرة وسعيدة إلى أن تحدث كارثة مفجعة، إذ تنام الأسرة في إحدى الليالي شديدة البرد، ويسهر لي مع أصدقائه ويهجره النوم، فيضع مزيدًا من الأخشاب في نار المدفئة ليمنح أسرته المزيد من الدفء، وينسى وضع شبكة الأمان مرة أخرى على المدفئة، وهي التي تمنع ألسنة اللهب الصغيرة من التطاير خارج المدفئة نفسها.

يخرج لي ليقوم بشراء بعض الاحتياجات من المتجر الذي يبعد عن منزله 20 دقيقة، ليعود فيجد منزله، وقد اشتعلت فيه النيران، فيما يحاول رجال الإطفاء السيطرة على الحريق، وزوجته تصرح ملتاعة، ورجال الإسعاف يجرونها جرًّا لمنعها من دخول المنزل المشتعل، حيث أطفال الصغار يرقدون هناك للأبد.

انهيار ثم انكسار

ينهار لي تمامًا، وفي قسم الشرطة حيث اصطُحب لأخذ إفادته يحاول الانتحار بمسدس رجل شرطة غافله وسحب سلاحه، فيما يحاول أخوه جو ووالده مواساته والتخفيف عنه. يعتني به أخوه ويراقبه عن كثب ليتأكد أنه لن يُؤذي نفسه مرة أخرى، يبدو لي وقد أظلمت الدنيا أمامه تمامًا؛ فيفقد الصفاء والبهجة التي امتازت بهما نفسه، إذ كان بالكاد يتحدث لأخيه وابن اخيه باتريك الذي كان يومًا قرة عينه.

ينفصل لي عن زوجته، ويقرر أن يترك المدينة بأكملها التي أصبحت تمثل له عبئًا نفسيًّا كبيرًا بكل الذكريات الشنيعة التي تحتويها، ينتقل إلى مدينة بوسطن التي تبعد ما يقرب من ساعة ونصف عن مانشستر، ويقيم في غرفة صغيرة للغاية في بدروم يبدو أقرب لقبره منه لمسكن، ويضع براويز تحمل صور أطفاله الثلاثة، يصورها المخرج لونيرجان من الخلف فتبدو منتصبة كثلاثة توابيت مقبضة. يعمل لي في بوسطن عامل صيانة في أحد المباني الصخمة، يقوم بأعمال السباكة وأعمال الإصلاحات الكهربائية للمستأجرين، وعلى الرغم من هدوئه وانكساره، فإنه ينفجر في وصلة سباب عصبية إذا ما استفزه أي من المستأجرين؛ مما أوقعه في مشاكل كثيرة، إلا أن مديره كان دائمًا ما يتساهل معه تقديرًا لظروفه الخاصة.

وبعد استقراره بعدة سنوات، يستقبل لي مكاملة من مدينته الأم في أحد الأيام، ليتم إبلاغه بأن أخاه جو، المريض بالقلب، قد توفي، وأنه يرقد في مشرحة المستشفى.


العودة إلى مانشستر

يبلغ لي مديره بأنه سيحتاج أجازة لمدة أسبوع ليقوم بترتيب جنازة أخيه، ويعود فورًا إلى مدينته، حيث يتسلم جثمان أخيه، ويبدو صامدًا للغاية ويتعامل مع الأمر بهدوء، على الرغم من انهيار صديق العائلة جورج الذي لم يستطع أن يتحمل الخبر. كان على لي أن ينقل الخبر إلى باتريك، الذي أصبح يافعًا الآن وفي المرحلة الثانوية، يمارس رياضة الهوكي، ويلعب على الجيتار في فريق روك أسسه مع أصدقائه.

يتلقي باتريك أيضًا الخبر بثبات، ولا يبكي إطلاقًا، وربما كانت الوفيات المتعاقبة في عائلته سببًا لهذا الهدوء في التعامل مع الموقف، فمنذ سنوات مات جده، وقبلها مات أبناء عمه.

ويبدأ العم وابن اخيه في رحلة التجهيز للجنازة، إذ ينتقلان لمدينة مجاورة للاتفاق مع دار دفن الموتى، التي ستتسلم الجثة التي ما تزال محفوظة في ثلاجة المشرحة بالمستشفى، وستقوم بتجهيز الجثمان ووضعه في التابوت ودفنه في ساحة المقابر بمانشستر. وأثناء هذه الرحلة الطويلة في الإعدادات التي استغرقت أسبوعًا، يقترب لي مرة أخرى من باتريك، كان هناك أساس قوي لعلاقتهما منذ سنوات، إلا أن ذلك الأساس تعرض للاهتزاز نتيجة سنوات البعد، ونتيجة ظروف لي القاسية، وما تعرض له من صدمة بالغة. تبدو علاقتهما مرتبكة وعصبية، وما زاد الأمر تعقيدًا هو زيارتهما لمحامي جو، حيث ترك الأخير وصيته، ليتفاجأ لي بأن أخاه قد حمله مسئولية الوصاية على باتريك، مما يعني أنه سيدير أمواله، وسيعتني به حتى بلوغه الثامنة عشرة من عمره!

لم يكن لدى لي استعداد نفسي لمثل هذه المسئولية، كما لم يكن يريد العودة إلى مانشستر للإقامة بها مرة أخرى مع باتريك، يحاول إقناع الأخير أن ينتقل معه إلى بوسطن، لكنه يخبره أن لديه حياة كاملة هنا، لديه الهوكي والفرقة ولديه صديقته، ويتحدث إليه محاولًا إقناعه بهدوء أحيانًا، وبحدة أحيانًا أخرى أن عليه ترك بوسطن الذي يعمل بها في وظيفة هامشية، ولا توجد لديه هناك أي علاقات أخرى تربطه، وأن يعود لمدينته ويجد عملًا فيها، ويبقى بجانبه، وبجانب أصدقائه.


مواجهة الماضي

تمضي التجهيزات للجنازة في جو نفسي سيئ، يبدأ باتريك في استيعاب حقيقة ما يحدث، يترك مرحلة الإنكار، ويبدأ في تخيل ما حدث لوالده، يضع نفسه أمام حقيقة الوفاة، وألم الفقد، وقسوة وجود والده لعدة أيام مجمدًا داخل فريزر، ينهار باتريك لكنه يجد عمه لي بجانبه ليسانده، لحظة الضعف هذه أقنعت لي أن يظل في مانشستر بعد الجنازة ليعتني بابن أخيه. وخصوصًا بعد أن اقتنع أن والدة باتريك -الذي تركها جو من قبل لمشاكل لديها مع شرب الخمر- لن تصلح لتربيته، وبخاصة بعد زواجها من شخص غير مريح.

أثناء الجنازة يلتقي لي مع زوجته السابقة راندي، الروح المعذبة التي تحاول أن تجد طريقًا للسلام مع نفسها، ومع العالم بعد ما حدث لأطفالها، كانت راندي، التي تزوجت وأنجبت طفلًا جميلًا، تحاول أن تعتذر لـ«لي» عن كل الغضب، وكل الألم الذي ألقته عليه بعد حادثة مصرع أولادهما، ولكن لا يبدو على لي استعداد لمثل هذا النوع من فتح جراح الماضي. يحاول أن يبقي بينه وبينها مسافة شاسعة، وعلى الرغم من أنه يعاملها بهدوء ولطف، إلا أن غضبًا وألمًا يتنامى داخله، وفي حانة قريبة يفتعل شجارًا عنيفًا ليخرج ما يعتمل في صدره من مشاعر قاسية وأليمة لا يمكن لبشر احتمالها. بأداء غاية في الرقي والرهافة، قدم كيسي أفليك دورًا استثنائيًّا بدا فيه وكأنه يحمل عذاب الدنيا كلها في قلبه.


يتحدث فيلم «Manchester by the Sea» عن الألم، وقسوة الحياة. ويستخدم الفيلم موسيقى الباروك الكلاسيكية طول الوقت خلفيةً، أو إطارًا للأحداث الرهيبة التي تقع في حق شخصيات الفيلم من بشر معذبين. وتتميز موسيقى الباروك التي قدمت في أوروبا في عصر النهضة ما بين القرنين الـ14 والـ17، بالقسوة والقوة.


The post الغرق في بحر الألم.. عرض لفيلم «Manchester by The Sea» appeared first on ساسة بوست.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 367

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>