Quantcast
Channel: سينما –ساسة بوست
Viewing all articles
Browse latest Browse all 367

‏«‏روبيندرونات طـــاغـــور‏»‏.. شاعر وفيلسوف الـــــــســـــلام

$
0
0

«أبـْدٙأُ رِحـْلٙـتـِي صـِفْـر الـيـٙدٙيْـن، ولٙـكـِنْ بِقـٙلْبٍ مـُفْـعـٙمٍ بـِالـرّٙجٙـاءِ، فٙـأنٙـا عٙـلٙـى يٙـقِـيـنٍ أٙنـِّي سٙـأُحِـبُّ الـٙمـوْتٙ كـمـا أحْبــٙبـْتُ الـحـيـاة».

بهذه الكلمات الصوفية عبر عن عشقه للحب والجمال والحياة.

روبيندرونات طاغور شاعر ومسرحي وروائي بنغالي ولد عام 1861 في القسم البنغالي من مدينة كالكتا وتلقى تعليمه في منزل الأسرة على يد أبيه ديبندرانات وأشقائه ومدرس يدعى دفيجندرانات الذي كان عالمًا وكاتبًا مسرحيًا وشاعرًا.

عاش طاغور أنبل ما يعيش الإنسان، وفاضت قريحته بأروع ما أنتجته قريحة شاعر مبدع فنان وفيلسوف عظيم. فطاغور النبيل ينحدر من أسرة بنغالية عريقة في النبل والقدم حيث كان جده الأمير دوار كانات القديس العظيم من كبار الأدباء ورواد الثقافة والفنون. ونشأ طاغور الطفل والشاب في ما بعد في جو منزلي يموج بالموسيقى والشعر هائمًا لا تقيده قيود، فأبى أن يدخل المدرسة في حداثته، فاضطر والده الى استقدام معلم ليدرسه في البيت. نعود إلى نشأة الشاعر العظيم حيث عاش في كلكتا، فكانت الطبيعة مصدر إلهامه. ففي السابعة من عمره فقد أمه. فبكاها وكتب في رثائها أروع أشعاره قائلًا:

سأنظم بدموع آلامي عقودًا، ومن الدر أزين بها عنقك يا أمي. وحزني سيبقى لي وحدي. لقد انطفأ المصباح الذي كان ينير ظلماتي.

ويقول طاغور في صدر شبابه: سأحطم الحجر، وأنفذ خلال الصخور، وأفيض على الأرض، وأملأها نغمًا. سأنتقل من قمة إلى قمة، ومن تل إلى تل، وأغوص في واد، وواد، وأضحك بملء صدري، وأجعل الزمن يسير في ركابي.

كتب طاغور للعالم كله ونشر فيضًا من دواوينه الشعرية وقصصه ومسرحياته. وقد توالت عليه المآسي والمصائب، وخاصة بعد فقدان زوجته التي أحبها حبًا لاحدود له، وذلك سنة 1902، وإثر ذلك فجع بابنته الكبرى سنة 1904، ووالده سنة 1905، وابنه الصغير سنة 1907. لكنه لم يضعف، ولم يهن، فمضى في طريق المجد قائلًا: إن عاصفة الموت التي اجتاحت داري، وقصفت أبنائي كانت على نعمة ورجمة. لقد جعلتني أحس بنقصي، فدفعتني لطلب الكمال، وألهمتني أن العالم لا يفتقد ما يضيع منه.

كانت فلسفة طاغور فلسفة الحب والجمال والأمل والثقة بالإنسان، المبنية على تفتح روحه، وتطور وعيه، وتحقيق طاقاته. ولهذا فقد ارتبطت المثالية الإنسانية عند طاغور بالعمل والتطبيق، وكان هو نفسه مثالًا لكل مبدأ أعلنه أو فكرة نادى بها.

إن جيتانجال أو القربان الشعري، وجورا روية، وكتب البريد في المسرحية، هي من أهم أعماله التي تعكس فلسفته في الحب والجمال والبشرية.

ويرى المرأة – في ضوء فلسفة – طاغور:

هي الوحي في فكر العقول تهفو..

هي الزهر في روض الغرام تنمو..

هي الطير في جو الهيام تعلو..

هي النجم في لثام الحب تبدو..

هي القمر في ظلام الليل تزهو..

هي الشمس في فضاء الكون تسمو..

هي السعادة في سماء الحب ترنو..

هي الروح في أجواء العواطف تجثو..

هي الجمال في معاني الحنان تشدو..

هي الفتنة في ألوان الجاذبية تغدو..

هي الحب في قضايا العشاق تشكو..

هي قبلات في ليالي الربيع تحلو..

 

قدم طاغور للتراث الإنساني أكثر من ألف قصيدة شعرية، وحوالي 25 مسرحية بين طويلة وقصيرة وثماني مجلدات قصصية وثماني روايات، إضافة إلى عشرات الكتب والمقالات والمحاضرات في الفلسفة والدين والتربية والسياسة والقضايا الاجتماعية، وإلى جانب الأدب اتجهت عبقرية طاغور إلى الرسم، الذي احترفه في سن متأخر نسبيا، حيث أنتج آلاف اللوحات، كما كانت له صولات إبداعية في الموسيقى، وقام بتحديد أكثر من ألفي أغنية، اثنتان منها أصبحتا النشيد الوطني للهند وبنجلاديش، ولكن معظم إنتاجات طاغور كانت تتمحور حول شيء واحد، هو الحب حيث يقول:

لقد جاء الحب.. وذهب

وترك الباب مفتوحًا…

ولكنه قال انه لن يعود

لم اعد أنتظر إلا ضيفًا واحدًا

انتظره في سكون

سيأتي هذا الضيف يومًا

ليطفئ المصباح الباقي..

ويأخذه في عربته المطهمة

بعيدًا.. بعيدًا..

في طريق لا بيوت فيه ولا أكواخ.

وعلى ذكر أعماله ظهر  ديوان: قربان الأغاني، باللغة الإنجليزية في سبتمبر (أيلول) من العام 1912. لقد عكس شعر طاغور حضورًا روحيًا هائلًا  وحوت كلماته المنتقاة بحساسية فائقة جمالًا غير مستهلك، لم يكن أحد قد قرأ شيئًا كهذا من قبل. وجد الغربيون أنفسهم أمامهم لمحة موجزة وإن كانت مكثفة للجمال الصوفي، الذي تختزنه الثقافة الهندية في أكثر الصور نقاءً وبوحًا ودفئًا. وفي غضون أقل من سنة، في العام 1913، نال طاغور جائزة نوبل للآداب، ليكون بذلك أول أديب شرقي ينالها. وفي العام 1915 نال وسام الفارس من قبل ملك بريطانيا جورج الخامس، لكنه خلعه في العام 1919 في أعقاب مجزرة أمريتسار سيئة الصيت، والتي قتلت فيها القوات البريطانيةأكثر من 400 متظاهر هندي.

أمضى طاغور ماتبقى من عمره متنقلًا بين العديد من دول العالم في آسيا وأوروبا والأمريكتين، لإلقاء الشعر  والمحاضرات والاطلاع على ثقافة الآخرين، دون أن ينقطع عن متابعة شؤون مدرسته، وظل غزير الإنتاج حتى قبيل ساعات من وفاته، حين أملى آخر قصائده لمن حوله، وذلك في أغسطس (آب) من العام 1941 في أعقاب فشل عملية جراحية أجريت له في كالكوتا، وقد توفي طاغور عن عمر يناهز 80 عامًا.

The post ‏«‏روبيندرونات طـــاغـــور‏»‏.. شاعر وفيلسوف الـــــــســـــلام appeared first on ساسة بوست.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 367

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>