مُقدمة
كلُّنا نعرف فيلم سَيّد الخواتم أو The lord of the Rings، وهو واحد من أعلى الأفلام في تاريخ السينما تقييمًا، وهو من الأفلام النادرة متعددة الأجزاء التي حققتْ نجاحًا، عكس معظم أفلام الأجزاء التي تحقق نجاحًا في الجزء الأول فقط، ثم تأتي الأجزاء الأخرى مخيبة لآمال الجماهير، وتحصل على تقييم منخفض، ومثال ذلك فيلم The matrix فالجزء الأول Matrix حقّقَ تقييمًا عالميًا بواقع 8.7 /10، بينما حقّقَ الجزء الثاني Matrix Reloaded، تقييمًا 7.2 /10، وحقّقَ الجزء الثالث Matrix Revolutions تقييمًا 6.7/10.
لكن فيلم The lord of the Rings حقّقَ نجاحًا استثنائيًا حيث حصل الجزء الأول منه The fellowship of the ring على تقييم 8.8، والجزء الثاني The two towers على تقييم 8.7، والجزء الثالث The return of the king، على تقييم 8.9؛ ليكون الجزء الثالث هو الأنجح في السلسلة كلها، ومعناه أنّه لم يكن فحسب موافقًا لتوقعات وآمال جماهير الفيلم، بل فاقَ توقعاتهم، ولسنا هنا بصدد التحدث عن الفيلم وصناعته على مستوى القصة والأداء والإخراج والتصوير والحبكة، لكننا سننطلق إلى موضوعٍ هام جدًا يخصنا كلنا كبشر، ويمسّني شخصيًا خلال تجربتي الحياتية التي أعتقد أن ستُماثل الكثير من تجاربكم وحياتكم.
لا تُكن جولوم، في مَشهدٍ رائعٍ فريد في الجزء الثاني The two towers، كان الكائن جولوم يحدث نفسه ويواجهها بخصوص الخاتم – الغالي – وكيف أنّه يجب أن يسرقَ الخاتم مِنْ فرودو باجنز وساموايز جامجي.
كان جولوم الشرير الذي يسكنه يقول لسميجول (بقايا الإنسان الأصلي في نفسِه): You’re theif, you’re liar.
هذا هو الفخ الذي وقع فيه سميجول، وأصبح منبوذًا ملعونًا، لأنّه سمح لعقدة الذنب أن تستوليَ عليه للدرجة التي جعلته يصدق أنّه مسخ، ثم تدريجيًا تحول كليًا إلى هذا المسخ جولوم، بدأ سميجول في هذا المشهد يستعيد إنسانيته عندما واجه جولوم الساكن بداخله، وقال له: go away and never come back، وأخذ يكررها مرةً وأخرى حتى يصدقَها ويتقوَّى بها على جولوم الساكن بداخله، الذي يدفعه لكلّ شرٍ خبيث!
كذلك نحن عندما نتعامل مع أخطائنا في الماضي مهما كانت شناعتها وحجمها، نبدأ بِقول: أنا فاشل، أنا مجرم، أنا خائن، أنا لا أصلح لشيء، أنا لا أستطيع التحكم في أعصابي، أنا غاضب دائمًا، أنا لا قيمة لي؛ حتى نتحول تدريجيًا لهذا الوصف الذي نصفُ بِه أنفسنا، ونفقدُ مع الوقت كل تفاصيل الجمال التي تسكننا؛ لأننا نركز بكل طاقتنا على سقطاتنا وأخطائنا.
على المستوى الحياتي والمهني والديني وكل الجهات التي يُطالب الإنسان فيها بالسعي نحو الأفضل، إذا تعامل مع أخطائِه كما تعامل سميجول مع نفسِه؛ سيتحول مع الوقت إلى جولوم !
أخفقتَ في تجربةٍ ما في حياتِك؟ تجرعتَ مرارة الإخفاق مرات ومرات في جانبٍ معين أو جوانب كثيرة؟!
هل الحل أن تلطمَ وتبكيَ وتصفَ نفسَك بصفاتِ القُبح كُلِّها، ثم تقعدَ عن العملِ لتحسين الوضع للأفضل؟
كلّ ما عليك أنْ تفعلَه عندما تمرّ بتجارب غير مُوفقة أن تفعلَ الآتي:
- أنا أخطأتُ = أنا إنسان طبيعي.
- ما الذي فعلته يُعتبر خاطئًا الآن وفقَ معرفتي وتجاربي ووفق آراء من أثق فيهم.
- ما الذي فعلته ويعتبر صحيحًا الآن وفقَ معرفتي وتجاربي ووفق آراء من أثق فيهم.
- ما الذي عليَّ أنْ أفعلَه حتى أحسنَ الوضعَ في الوقت الحاضر، وأبْدَأْ العملَ في تحسينِ الوضع.
خلاصة: نفسُك أحقّ النّاس بصحبتِك، سامحها على أخطائها ولا تستغرق أبدًا في جلدها، وحاول دائمًا أن تحسنها ولا تكُنْ جولوم!
The post لا تَكُنْ جولوم! appeared first on ساسة بوست.