بعد انتظار عامين، بات مُحبو سلسلة أفلام «حرب النجوم» Star Wars، على موعد مع الفيلم الثامن من الملحمة الفضائية التي قدمها المخرج الأمريكي الكبير «جورج لوكاس»، لأول مرة عام 1977 من بطولة النجم «هاريسون فورد».
وصدر الفيلم الجديد بعنوان «Rogue One»، من إخراج الإنجليزي «جاريث إدواردس» المشهور بإعادة تقديم قصة الوحش «جودزيلا» في 2014 بعد النجاح الكبير للفيلم الأصلي عام 1998.
وبشكل أساسي، تدور سلسلة حرب النجوم، في المستقبل، داخل حدود مجرة بعيدة، وصل سكانها من البشر والكائنات الأخرى الذكية، إلى إمكانيات تكنولوجية متقدمة، تُمكّنهم من السفر بسرعة الضوء، وبناء مُستعمرات في كواكب عديدة، واستغلال طاقة الكون، وصناعة أسلحة فتاكة، واستخدام الذكاء الصناعي في إعداد الجيوش والقوات المحاربة.
هذه العالم، تحكمه إمبراطورية قوية، تعتمد على جيش كبير، وقادة في غاية الدهاء، لإحكام فرض السيطرة على عوالم المجرة المُختلفة. وما بين الحين والآخر، تظهر حركات متمردة تُحاول مقاومة الإمبراطورية، وتحقيق العدل والمساوات، وفرصة تقرير المصير لجميع الشعوب في أنحاء المجرّة.
المتمرّد الأوّل
تدور أحداث الفيلم الذي يأتي بعنوان فرعي داخل قصة حرب النجوم الأساسية، حول العالم الكبير «جالين إرسو»، الذي سبق وعمل لصالح الإمبراطورية في تطوير الأسلحة، إلا أنه قرر الانشقاق عنها، والعيش في سلام مع زوجته وابنته الصغيرة «جين»، في كوكب بعيد؛ ليعمل في مجال الزراعة، وليقضي أيامه مع أسرته في هدوء.
لكن الأمور لا تسير كما أراد، إذ يُطارده «أورسون كرينيك»، وهو أحد القادة العسكريين في الإمبراطورية، ويمتاز بمشاعر باردة، وقسوة قلب ملحوظة (يُؤدي دوره «بن ميندلسون»)، ويُهدد بإيذاء أسرته؛ إذا لم يستجب جالين؛ ويعود معه إلى الإمبراطورية؛ من أجل استكمال سلاح رهيب يسمى «نجمة الموت»، فلا يجد جالين أمامه سوى الرضوخ للمطلب، ولو حتى بشكل مؤقت.
يصطحب كرينيك العالم العبقري البائس (أدى دوره ببراعة الممثل الدانماركي «مادس ميكلسون»، الذي تألق مؤخرًا في دوره الشرير بفيلم دكتور سترينج) إلى كوكب بعيد، وتنقطع أخباره تمامًا عن ابنته جين لمدة 15 عامًا. في هذه الأثناء يعتني بالابنة أحد نشطاء المقاومة الفاعلين، ويُدعى «سو جريرا»، وهو مقاتل شرس فقد قدميه خلال حربه المستمرة مع الإمبراطورية، واستبد بهما قدمين آليتين؛ ليتحول إلى «سايبورج» مهيب الشكل، يبعث بالرعب في قلوب مقاتلي الإمبراطورية (أدّى دوره الممثل الحائز على أوسكار فوريست ويتيكار)
تتربى جين في رعاية «سو»، وتصبح واحدة من متمردي المقاومة، تحمل الحقد والكره لقادة الإمبراطورية، الذين حرموها من والدها، وفرضوا عليها حياة الهرب والاختباء تحت الأرض هربًا من بطشهم. وقد أدّت دورها الممثلة الإنجليزية التي ترشحت للأوسكار عام 2014، «فيليسيتي جونز».
ويستمر الفيلم في تقديم «الثيمة» الأساسية التي اعتاد عليها محبو سلسلة حرب النجوم في السبعينات والثمانينات؛ ليقدم المستقبل بشكل مختلف عن كل أفلام حروب الفضاء المستقبلية، سواء في شكل مركبات الفضاء شديدة الضخامة، أو الروبوتات الشبيهة بالبشر المقنعين ذوي الهياكل المعدنية اللامعة، أو الأسلحة التي تأتي أحيانًا على شكل حيوانات آلية ضخمة، تطلق النار من مدافع في رؤوسها تارة، وعلى شكل دبابات عتيقة ذات مدافع ليزر فتاكة تارة أخرى. أو في شكل ملابس الأبطال التي تحمل لمحة من ملابس فرسان القرون الوسطى، أو في أسلحتهم الشخصية من بنادق وسيوف ليزر، وغير ذلك.
خلف خطوط العدو
يتغير مسار الفيلم حينما بتفاجأ المتمردون بهبوط مركبة تابعة للإمبراطورية، يقودها طيار تابع للإمبراطورية، يُخبرهم في ذعر أنه ليس عدوًا، وأنه جاء في سلام؛ ليحمل رسالة من العالم «جالين إرسو»، لابنته جين، وأن الرسالة غاية في الأهمية، وتحمل توجيهًا غاية في الخطورة.
تشاهد جين وحدها الرسالة الهولوغرافية المصورة، والتي تحمل وجه والدها وهو يتحدث إليها عن سلاح نجمة الموت الفتاك، الذي اضطر للمساعدة في بنائه، إلا أنه بنى داخله نقطة ضعف سوف تمكن المقاومة من تدميره تمامًا والانتقام من الإمبراطورية.
تحمل جين هذه الرسالة إلى اتحاد المتمردين الذي يمثل مقاتلين وقواد منشقين من جميع أنحاء المقاومة، إلا أنها تفشل في إقناعهم بتشكيل بعثة شبه انتحارية لتدمير السلاح، كان الاتحاد يخشى أن يكون في الأمر خدعة، ورأوا أن الأمر به مخاطرة كبيرة جدًا قد تؤدي لانكشاف وتدمير اتحاد المقاومة نفسه.
لكن جين، المدفوعة بالاشتياق للعودة مرة أخرى إلى والدها، قررت التمرد على المتمردين، وتنفيذ المهمة بصحبة الطيار «بودي» (يُؤدي الدور الممثل الإنجليزي الباكستاني «ريز أحمد»)، لكنها تتفاجأ بأن متمردين آخرين قرروا الانضمام إليها في مهمتها شبه المستحيلة خلف خطوط العدو.
تحمل المركبة التجارية التي يقودها بودي أيضًا، اثنين من مقاتلي الفنون الحربية الآسيوية، أحدهما ضرير يدعى «شيروت»، لديه قدرة كبيرة على استخدام حاسة السمع، واستخدام ما تُعرف بقوة «The Force» في الشعور بما يحيط به والقتال ببراعة.

وبشكل عام، القوة هي إحدى مكونات عالم حرب النجوم، منذ بدأت الملحمة، وهي مجال عام يُحيط بكل شيء، ويربط كل مكونات المجرة، ومن يستطيع استخدام القوة، فبإمكانه القيام بأمور خارقة، كالسفر عبر الزمن، واسترجاع الماضي، والتغلب على الجاذبية.
وينضم للفريق المتمرد ـ أيضًا ـ الروبوت الإمبراطوري خفيف الظل «K-2S0»، والذي أعاد المتمردون برمجته؛ ليصبح واحدًا منهم، ويساعدهم في اختراق الإمبراطورية، ومن قام بالأداء الصوتي للروبوت، هو الممثل الأمريكي «آلات تودكي»، الذي سبق وقدم الأداء الصوتي المثير للتعاطف للروبوت «سوني» في فيلم «ويل سميث» عام 2004. ثُم ينضم إلى المجموعة ضابط غامض من المتمردين يدعى «كاسيان أندور»، بدا لاحقًا وكأن له أجندة خاصة يسعى لتنفيذها.
الأمل الأخير
يستطيع الفريق ـ بالفعل ـ اختراق نطاق تطوير السلاح الذي يشرف عليه القائد «أورسون كرينيك» الذي يشعر أن طموحاته في الترقي لأعلى سلم القيادة العسكرية بالإمبراطورية على المحك، وأن مشروعه نجمة الموت الذي أنفق عليه سنين عمره يتعرض لخطر شديد؛ فيواجه الفريق مع قواته بشراسة مرعبة، يستخدم فيها قواته البشرية والروبوتية وكل الأسلحة الممكنة في القضاء عليهم، تدور معارك مصممة بعناية، مليئة بالتفاصيل و«الكادرات» الواسعة التي استخدمت فيها تقنية التصوير بكاميرات الآيماكس ثلاثية الأبعاد، والتي تغمس المشاهد في عالم القتال الفضائي العنيف، حيث سيلاحظ المشاهد تطورًا هائلًا في المؤثرات البصرية مع الاحتفاظ بنفس الثيمة الرئيسة التي اشتهرت بها حرب النجوم منذ بدايتها.
يحاول الفريق بعد خسائر فادحة في محاولة الحصول على مخططات تصميم نجمة الموت، وهو السلاح القادر على تدمير كواكب بأكملها، بحيث يستطيعون مهاجمة نقطة الضعف في السلاح وتدميره. ويزيد من مهمتهم تعقيدًا ظهور القائد الملحمي الظلامي «دارث فيدر» واضطرارهم لمواجهته، ودارث فيدر في الأصل واحد من فرسان «الجاداي»، والجاداي منظمة تسعى لاستخدام الحكمة والفلسفة والقوة «The Force» وأساليب القتال في تحقيق الخير، إلا أن فيدر انشق عنهم بعد تمكنه من استيعاب استخدام القوة لتحقيق أغراضه الشريرة.
تمضى أحداث الفيلم المشوقة، وتتصاعد مع الوقت؛ لتعطي انطباعا بأن ذلك الهدف شبه مستحيل، وأن تحقيقه يلزمه معجزة؛ مما يجعل المشاهد طوال الوقت في حالة فضول وتحفز لمعرفة كيف يمكن أن يتم ذلك. ساعد في تعزيز هذا الشعور بالتوتر الموسيقى الملحمية لـ«مايكل جياشيون» (ألف أيضًا موسيقى دكتور «سترينج» و«جوراسيك وورلد» وأفلام التحريك «زووتوبيا» و Inside Out)، الذي مزج فيها مقطوعات حرب النجوم الأصلية بمقطوعات وتوزيعات جديدة، ضخمتها تقنيات الصوت شديدة النقاء، التي ساهمت في دعم الإبهار البصري بإبهار سمعي يحيط بالمتلقي من كل مكان.
فيلم «Rogue One»، قصة صراع لا ينتهي بين الخبر والشر، كما أنه قصة أمل في إمكانية تحقيق البشر للعدل والمساواة، واستخدامهم التطويل للتناغم مع الكون، لا السيطرة عليه.
للمزيد، يُمكنك مشاهدة مقابلة مع أبطال الفيلم:
The post المتمرد الأول والأمل الأخير.. عرض لـ«Rogue One» أحدث أفلام «حرب النجوم» appeared first on ساسة بوست.