مدخل
بداية من هو «الجوكر»: هو شخصية خيالية شريرة في القصص المصورة، من نشر «دي سي كومكس». يعد الجوكر عدو «باتمان» اللدود؛ كونه تسبب مباشرة في عدة مآسي في الحياة الخاصة بباتمان، كشلل «باربارا غوردون»، ووفاة «جيسون تود» (روبن الثاني)، الشخصية من تأليف كل من «جيري روبنسون» و«بيل فينغر» و«بوب كين»، أول ظهوره كان ربيع 1940 في باتمان.
طوال ظهوره في القصص المصورة، يظهر الجوكر في صورة مجرم خبير تعددت أوصافه الصورة الأصلية والسائدة حاليًا، هي «السايكوبات» الذكي جدًا، ذو الحس الفكاهي السادي، في حين صوره كتاب آخرون أنه مخادع غريب الأطوار، بالمثل، طوال قصة الشخصية الطويلة، هناك عدة حكايات مختلفة تحكي عن أصلها، والأكثر شيوعًا منها تصوره سقط في خزان نفايات كيميائية بيضت جلده، وحولت شعره إلى اللون الأخضر، وشفتيه إلى الأحمر اللامع، معطية إياه مظهر مهرج.
يتشح «هيث ليدجر» في نسخة «نولان» للجوكر الفريدة من نوعها بالواقعية الشديدة، التي يمازجها الكثير من الحكمة والفوضوية، التي بدت واضحة في اختياره لمكياجه الذي أخفى ملامحه بمكياج غير تقليدي، بالنسبة لنسخ الجوكر القديمة التقليدية.
والسؤال الذي يتساءله البعض، هل شخصية الجوكر حقيقة؟ أم هي محض خيال نسجه كاتب محترف؟ ما سر الواقعية الشديدة التي ميزت نسخة نولان وليدجر عن باقي النسخ التي قد تناولتها أفلام «الوطواط فارس جوثام النبيل»؟
وكلمة السر التي تعانق شيطان التفاصيل الذي يكمن في نسخة نولان للجوكر هي «جورج ميتسكي»!
قد يبدو اسم «جورج ميتسكي» مألوفًا لدى البعض من هواة الغوص في علم الجريمة والبحث والتنقيب عن المجرمين المسلسلين في تاريخ الجريمة الغامض على مر العصور!
وجورج ميتسكي هو سفاح، ومفجر مجنون، فجر ما يزيد على 50 مكان طوال 16 عام في نيويورك، ولم يستطيعوا القبض عليه، إلا بعد هذه الفترة، وأرسلوه إلى مصحة عقلية، ألهم العديد من المؤلفين، وساهم في تطوير شخصية الجوكر، بالشكل الذي ظهر فيه في فيلم Batman: The Dark Knight
جورج ميتسكي «المفجر المجنون»
جورج Metesky، المعروف أيضًا باسم «مفجر مجنون» (ولد في 2 نوفمبر 1903، كونيتيكت، الولايات المتحدة توفي 23 مايو 1994، واتربوري، كونيتيكت) الإرهابي الأمريكي المعروف، الذي قام بزرع ما لا يقل عن 33 قنبلة في جميع أنحاء مدينة نيويورك، خلال 1940 و1950، وحلت مطاردة من العمر (16) لقاذفة قنابل جنون باستخدام أحد التطبيقات الأولى من التنميط الجنائي.
والتنميط الجنائي – لمن لا يعرفه – هو ما يسمي أيضًا بتنميط الجاني، وتنميط الشخصية الجنائية، وتنميط علم الجريمة، وتنميط السلوك، أو تحليل التحقيق الجنائي،
وهو طريقة التعرف على مرتكب الجريمة، بناء على تحليل نوع وطريقة الجريمة. تحدد الجوانب المختلفة لشخصية المجرم من خلال خياراته، قبل، وأثناء، وبعد وقوع الجريمة، فيجمع بين هذه المعلومات، مع التفاصيل الأخرى ذات الصلة، والأدلة المادية، ومن ثم مقارنتها بخصائص أنواع شخصية معروفة، والعقليات الشاذة المختلفة لتكوين وصف فعال للجاني. يمكن وصف التنميط النفسي كوسيلة من وسائل تحديد المشتبه به، وهو يهتم بالتعرف على الخصائص العقلية، والعاطفية، والمواصفات الشخصية (طبقًا للأشياء التي فعلت أو تركت في مسرح الجريمة)، وقد استُخدمت هذه الطريقة في التحقيق عن القاتل المتسلسل «تيد بندي»، فقد توقع الطبيب النفسي الخبير بالعقل الإجرامي الدكتور «ريتشارد ب. جارفيس» بفئة عمر بندي، وباختلاله النفسي الجنسي، وكذلك بذكائه فوق المتوسط. نذكر مثالًا أكثر تفصيلًا على كيفية تنفيذ التنميط النفسي، وهي قضية «ليون غاري ريدجواي» المعروف ـ أيضًا ـ باسم قاتل «غرين ريفر»، توضح هذه القضية إمكانية عدم صحة التنبؤات، فقد قدم «جون إي. دوغلاس» المحقق الذي عمل في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ملفًا من اثنتي عشرة صفحة، والذي ذكر فيه أن المشتبه فيه كان:
- من المحتمل أنه ذكر أبيض يعاني من علاقة مختلة مع النساء.
- شخص منظم بما أنه حاول إخفاء الجثث، وكما يبدو أنه أمضى بعض الوقت في النهر.
- شخص ماكر بما أنه استخدم الصخور لتنغمر الجثة أسفل الماء وتختفي.
- قادر على التجوال بمركبة.
- سيقتل مرة أخرى.
- سيكون مثل بقية القتلة المسلسلين، وسيتصل بالشرطة راغبًا في المساعدة في التحقيقات.
دوافع ميتسكي لارتكابه جريمته
أصيب «ميتسكي» في حادث صناعي في عام 1931 أدى إلى إصابته بالسل؛ نتيجة استنشاقه الغاز المسرب، وعلى أثر هذا تقدم ميتيسكي بما يثبت أن الحادث أدى إلى الالتهاب الرئوي التي تقدم للسل، وطالب بتعويض مادي لما حدث له من ضرر أثناء مباشرته لعمله بالشركة، ولكن رد فعل الشركة كان مخيبًا جدًا لآماله؛ إذ رفضت الدعوة، ثم طرده من العمل، بعد ذلك.
في عام 1940 عُثِرَ عمال شركة «أديسون الموحدة» Consolidated Edison على قنبلة يدوية الصنع، معها بطاقة مكتوب عليها «أديسون الموحدة: المحتالون، هذا لكم».
وبما أن الرسالة والقنبلة كانت موجهة إلى تلك الشركة، ظن الجميع أنها مجرد
عملية تصفية حسابات فاشلة، لا أكثر، وقد تم إغلاق ملف القضية، قبل أن تفتح مجددًا بعد العثور على قنبلة جديدة، في شارع 19، على مقربة من مكتب أديسون الموحدة في «إيرفينغ بلازا»، سبتمبر 1941، أي بعدها بعام واحد، وكانت القنبلة مشابهة في البناء لأختها السابقة في عام 1940، وهي نفس السنة التي أعلنت فيها الولايات المتحدة عن دخولها في الحرب العالمية الثانية، لذلك قرر صانع القنابل المجهول أن يرسل الخطاب التالي لشرطة نيويورك «لن أصنع المزيد من القنابل خلال فترة الحرب، مشاعري الوطنية دفعتني لاتخاذ هذا القرار، بعدها سأقدم أديسون الموحدة إلى العدالة، وسوف تدفع ثمن أفعالها الخسيسة»، ووقع على الرسالة «F.P.».
– توقيع رسائله FP، الذي اكتشف المحققون في وقت لاحق أنه يعني «معرض لعب».
اختفت أخبار Metesky وتهديداته لفترة حتي ظهر 29 مارس (آذار) 1950 ببلاغ عن وجود قنبلة ثالثة في محطة «غراند سنترال»، لكنها لم تنفجر!
ولكن بعدها بشهر واحد انفجرت قنبلة في كشك الهاتف داخل مكتبة نيويورك العامة، تليها قنبلة أخرى في محطة غراند سنترال. على مدى خمس سنوات قام Metesky بزرع ما يقرب من 30 قنبلة في جميع أنحاء نيويورك، في أماكن عشوائية، مثل «محطة بنسلفانيا»، ومحطة حافلات هيئة ميناء، «باراماونت» مسرح بروكلين (الآن أرنولد وماري شوارتز مركز رياضي)، وقاعة «راديو سيتي ميوزيك»، وأسفرت بعض التفجيرات عن عدد قليل من الجرحى «أكثر من 10 جريح»، لكن لم يسقط قتلى!
ولقد وصل عدد القنابل المزروعة في سنة 1956 إلى 33 انفجر منها 22 فقط، بينما فككت البقية.
بعد 16 سنة من المحاولات الفاشلة في التحقيق في قضية المفجر المجنون قام المفتش «هوارد فيني» من مختبر الجريمة شرطة مدينة نيويورك بتحويل القضية إلى James A. Brussel ، لتحليل معلومات المفجر المجنون في مدينة نيويورك، وقام بتكوين ملف تنميطي دقيق للجاني، واسترعى ذلك انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي، فقام بتطوير طريقة التنميط الجنائي مرتكزين على عملية وخطوات بروسل.
وضع بروكسل لمحة مفصلة في ديسمبر (كانون الأول) عام 1956، وتوقع أن منفذها مجنون، كان من الذكور المولودين في الخارج من أصل أوروبا الشرقية.
(2) ما بين 40 و 50 سنة من العمر.
(3) البكالوريوس الذين يعيشون مع أقارب الإناث.
(4) وحليق الذقن، أنيقة الملبس رجل مع بناء الرياضية.
(5) كتاب بجنون العظمة. وأشهرها، وتوقع بروكسل أيضا أن المهاجم سوف يرتدي بدلة زر مزدوجة الصدر. وحث بروكسل الشرطة أن تنتشر على نطاق واسع؛ لنشر هذا الوصف، كما حث شركة أديسون الموحدة للبحث في ملفات موظفين الشركة التي تطابق أوصافهم وصف المفجر المجنون.
تمكنت إحدى العاملات في «أديسون الموحدة» من العثور على عدة رسائل قديمة في أرشيف الشركة بها عبارات شبيهة بما جاء في رسائل «مفجر القنابل المجنون»، تعود إلى مهاجر من أوروبا الوسطى، كان يعمل بالشركة، يدعى «George Metesky» وقد تعرض هذا الرجل في يوم 5 سبتمبر (أيلول) من عام 1931 لحادث تسرب غاز ساخن كاد يقتله، وبعدها فقد وظيفته؛ لأنه طالب بتعويضات أكبر عن الحادث، الذي تسبب له في مرض السل بعد ذلك. لذلك كان يرسل خطابات تهديدية للشركة، قبل أن يتوقف نهائيًا.
بعد مطابقة تفاصيل قصة George Meteskyمع استنتاجات النابغة «جيمس برُوسَلْ»، وبعض الدلائل الأخرى، تأكدت الشرطة أن George Metesky، هو مفجر القنابل المجنون، ذهبت الشرطة إلى منزله في ولاية كونيتيكت لاستجواب روتيني في 21 يناير (كانون الثاني)، وعندما توجهت عناصر الشرطة إلى منزله للقبض عليه فتح الباب، وهو مبتسم بشكل غريب جدًا، ثم قال «أنتم هنا من أجل (مفجر القنابل المجنون) صحيح؟» بعدها اعترف لهم بكل ما اقترفه، وهو مبتسم، وبكل سعادة طلب Meteskyالذي كان في الخمسينات من عمره أن يرتدي بدلته التي كانت مزدوجة الصدر، بأزرار مضاعفة بالفعل، وبهذا تكون توقعات جيمس برُوسَلْ” صائبة كلها، إلا واحدة فقط، وهي أن George Metesky كان مصابًا بالسل، وليس بالسرطان، وتناسب Metesky لوصف بروكسل في كل التفاصيل تقريبا.
وبعد أربعة أشهر من من اعتقال Metesky ،أعلن القاضي أن المفجر مريض بـ«paranoid schizophrenic» (جنون العظمة، انفصام الشخصية)، ومجنون من الناحية القانونية. وغير كفء للمثول للمحاكمة، ولأن المحكمة وجدت أن «Metesky» ليس مجرمًا، بل مجرد مريض نفسي، تم حبسه داخل مصحة للأمراض العقلية، في «Matteawan 957» وعند الإفراج عنه عام 1973، انتقل إلى منزل « Connecticut»، حيث بقي حتى وفاته في عام 1994.
وهنا تنتهي قصة رجل زرع الرعب في مدينة نيويورك لمدة 17 سنة.
قصة مفجر القنابل المجنون
وأختم مقالي بالحديث عن دور الجوكر والتفجيرات التي قام بها في فيلم
The-Dark-Knight
استطاع ليدجر أن يوظف قصة Metesky الواقعية لينفذ عبرها إلى شخصية الجوكر، بدءًا من بذلة Metesky الفريدة من نوعها، والمثيرة للدهشة، وبعض أساليبه الكلامية المحشوة بالحكمة الممزوجة بالسخرية اللاذعة.
أمثال «لا أحد يصاب بالفزع عندما تسير الأمور حسب الخطة، حتى لو كانت الخطة مروعة». «الطريقة الوحيدة للعيش في هذا العالم، هي أن تعيش بلا قواعد». «الجنون كالجاذبية الأرضية، كل ما يحتاجه هو دفعة صغيرة». «هل تعلم كيف حصلت على تلك الندوب؟ الجانب المشرق أنني دائم الابتسام». «ما لا يقتلك يجعلك ـ ببساطة ـ أغرب !».
تشبهها جمل Metesky
«لن أصنع المزيد من القنابل خلال فترة الحرب، مشاعري الوطنية دفعتني لاتخاذ هذا القرار، بعدها سأقدم (أديسون الموحدة) إلى العدالة، وسوف تدفع ثمن أفعالها الخسيسة». «أنتم هنا من أجل (مفجر القنابل المجنون) صحيح؟», «قالها وهو يبتسم ابتسامته المرعبة»، يتشابهان في الجنون والحكمة والسخرية اللاذعة.
……………………………..
مشاهد التفجير في فيلم The-Dark-Knight
المشهد الأول
كلنا نذكر مشهد انفجار المستشفى الشهير، في رائعة The Dark Knight، والأداء المُذهل للنجم الراحل هيث ليدجر، لكن هُناك بعض المعلومات الغريبة المتعلقة بهذا المشهد بالذات، حسب موقع IMDb، نستعرضها في هذا التقرير.
- المبنى الذي تم تفجيره حقيقي، وبحسب «شيكاجو تريبيون»، كان مكونًا من خمس طوابق، لكن مالكه تركه منذ عام 2003.
- في المشهد كان «ليدجر» يرتدي ثوب ممرضة، معلق عليه اسم «ماتيلدا»، ما لا يعرفه الكثيرون أن ذلك هو اسم ابنة «هيث»، ماتيلدا ليدجر.
- خلال الانفجارات المتتالية في المستشفى، حدث فاصل قدره بضع ثوان كان مُخطط له، بينما أداء «ليدجر» تجاه ذلك لم يكن ضمن النص.
- بخصوص هذا الفاصل فقد أورد موقع «فيرجن» أن ذاك الفاصل طال لبضع ثوانٍ تخطت ضغطة «الجوكر» على زر التفجير، وكان هذا خطأ غير مقصود، ولأن هذا المشهد يجب أن يتم تصويره لمرة واحدة فقط، فإن سُرعة بديهة «ليدجر» كممثل أنقذت الموقف، لذا فإن أداءه بالضغط مرارًا على زر التفجير وكأنه لا يعمل، لم يكن واردًا ضمن نص الفيلم، ولكنه فقط حُسن تصرف من ممثلٍ ممتاز.
المشهد الثاني
عندما خيّر ركاب العبارتين بين تفجير أحدهما الآخر قبيل منتصف الليل، عبّارة تحتوي على أعتى مجرمي المدينة، والأخرى تحوي مواطنين أبرياء لا ذنب لهم. تم التصويت بالأغلبية تحت الضغط العصبي على تفجير العبّارة التي تحوي المجرمين، مما يستدعي بالضرورة عدم الثقة في قرارات الأغلبية، والتي تنبع معظمها من قناعات ومصالح شخصية!
ملاحظة: هذا المشهد هو المشهد الوحيد غير المنطقي في فيلم The Dark Knight بأكمله، كان ينبغي حسب ترتيب الأحداث أن تنفجر إحدى العبّارتين أو كلتيهما، لا أن يحجم الطرفان، وتنتابهما لوثة أخلاقية مفاجئة!
#يتبع ..
The post كلمة السر إلي الجوكر اسمها «جورج ميتسكي» appeared first on ساسة بوست.