في هذا المقال سيتعجب البعض من مقارنتي «في» بالجوكر نسخة نولان ونعتي لهما بالقرينين والسبب في ذلك أن كليهما نبت من رحم الفوضى ثم اتخذاها مطية يحققان بها أهدافهما.
التعريف بهما
«في»: رجل ثوري مدافع عن الحريّة، أقسم على قتل الخونة والمتعطشين للسلطة وجعل انتقامه منهم وتخليص الشعب هدفه الوحيد، له خلفيه ثقافيه واسعة جدًا تساعده على وضع فلسفته الخاصة فهو يؤمن بأنه فكرة أكثر من أنه إنسان، كما أنه يعتقد بوهم الصدفة وانعدامها في حياة كل منّا.
كلاسيكي، ورومانسي ساخر، بارع في صنع المتفجرات المنزلية واستخدام السكاكين بكل مهارة، واختراق الأجهزة والحواسيب، يحب الشعر وقراءة المسرحيات ويردد منها الكثير في حديثه، يعشق شخصية إدموند دانتيس من الكونت دي مونت كريستو رائعة المؤلف الكبير آلكساندر دوماس، تعرّض في ماضيه لتجارب بيولوجية أدت إلى فقدانه الذاكرة وساعدت على تكوين شخصيته بسماتها الأساسية والتي تختلف عن البشر العاديين.
الجوكر: شخصية هزلية خيالية لمجرم يميزه وجهه الملطخ بالأصباغ وتفكيره الجنوني باعتباره ممثلًا للفوضى التي يراها أكثر الأنظمة عدلًا.
له فلسفته الخاصة به؛ فهو يؤمن الجوكر بأن العدالة العشوائية تعني عدم وجود عدالة من الأصل أي أن حياتك ما هي إلا نكتة كبيرة، لا عجب إذًا برغبة «باتمان» في تدمير «الجوكر»، خصمه وشبيهه غير الشرعيّ الذي يهدد وجوده نفسه ولا يري العالم المشرق الذي يراه البعض منا، هو يرى عالمًا آخر مليئًا بالشرور والنزعات المتطرفة والخبيثة المختبئة في صدور أصحابها الذين لا يجرؤون على التعبير عنها لأسباب مختلفة كوجود الرادع القانوني, كذلك هو لا يرى أي فائدة من الحياة فالجوكر شخصية عدمية، يؤمن بأن وجود الإنسان عديم القيمة وخال من أي معنى حقيقي لذلك فهو يريد أن يحظى بمكانة ما وأن يعترف به الآخرون واقعًا وفكرة.
«في» يعيش هو الآخر خارج القواعد الطبيعية وهو الأقرب لشخصية الجوكر وإن اختلفا في بعض المعتقدات وأسلوب التعبير عنها ولا عجب عندما أقول إن الجوكر لو التقى «في» لكانا خليليْن، فشخص يرتدي زيًا أسود ويرتدي قناعًا يحمل ابتسامة ساخرة، عاشق للفوضى، محطم للقواعد والقوانين التي أقامها أصحابها في قلوب شعوبهم كأصنام جوفاء، يأبى عابدوها تركها أو الكفر بها، شخص كهذا هو بالتأكيد يناسب الجوكر.
وللجوكر كما لقناع «في» ابتسامة ساخرة تخفي وراءها الكثير من الوجع فهي غارقة في فلسفة نبتت من رحم مجتمع لا يرى إلا ذاته، مجتمع يأكل فيه السادة أطايب الطعام ثم يلقون إلى الفقراء فتات ما تبقى منهم.
أصول الجوكر و«ڤي» الغامضة جعلتهما متشابهين
يبدو لنا الجوكر وكأنه جاء من لا مكان، يظهر فجأة في مدينة جوثام ليقلب فيها الأمور رأسًا على عقب، ونحن لا نمتلك أي دليل محدد عن ماضي الجوكر، حتى إن الملازم «كوميشينر جوردون» عندما ألقى القبض عليه لم يستطع الوصول لأي معلومة عنه. وعلينا أن نتساءل: كيف صاغ الجوكر فلسفته تلك هل كان كاتبًا مثقفًا يومًا ما، سياسيًا مباشرًا لشئون الدولة، أم أن الأمر كله كان نتاج حياة وخبرات ممتلئة صاغت آراءه وأفكاره عن العالم؟ كل ما نستطيع الجزم به هو أنه من المستحيل أن يكون الجوكر بلا ماضٍ، وطريقنا الوحيد لمعرفة ماضيه هو آراؤه وأقواله نفسه، التي لا بد من تحليلها ومعرفة ما يدل منها على تاريخه.
وهكذا «في» خلفيته وأصوله مجهولة إلى حد كبير يبدو معه وكأنه قد نبت من رحم اللاشيء، وكثيرًا ما سألته «إيفي» عن أصوله وماضيه فهذا الرجل الغامض لا يعرف له عائلة ولا اسم حقيقي ولا زوجة ولا أطفال ولا مهنة مثله مثل الجوكر مجرد فكرة أو فلسفة ترتدي قناعًا في إشارة أن القناع أصبح هو اللغة السائدة في مجتمع يرتدي كل يوم ألف قناع، مجتمع يخفي قلبه الأسود خلف قناع من مبادئ زائفة لا تروج إلا على السذج من الناس.
لذا فقناع جاي فوكس وميكاج الجوكر غير المرتب لم يكن سوى رسالة عميقة لها فلسفة من نوع خاص إلى أصحاب المبادئ الزائفة أن الفكرة هي الحقيقة وهي الواقع وإن خفي علينا من خلفها.
خلف القناع فكرة وخلف الندوب فلسفة
«كنت أحاول أن أفهم ما يحدث، عندما رأيت نزيل الغرفة (5 )، نظر إليَّ ولكن ليس بعيون، فلم تكن هناك عيون، لكني أعرف أنه كان ينظر إليَّ، لأني شعرت بذلك».
هكذا دونت الطبيبة ديليا ساريدج يومياتها في مكز حجز لاركهيل حاكية عن نزيل غرفة (5) أو ((Vالذي لم يكن سوى «v» ومركز حجز لاركهيل هو واحد من مئات المعتقلات التي يعذب ويباد فيها كل ما هو غير أوروبي كالمسلمين، اليهود، الباكستانيين، الشواذ، والناشطين السياسيين والإصلاحيين إضافة إلى عديمي النفع من الشعب بواسطة النظام الفاشي الجديد النورسفاير.
في فترة وجوده بالسجن تعرّض كما الكثيرين غيره من السجناء لتجارب طبيّة مروعة أجرتها وأشرفت على تطوير الهرمونات الاصطناعية لإعطائها إياهم الدكتورة ديليا ساريدج بوجود القائد على المعسكر لويس بروثيرو، ومع بركات ودعم الكاهن ليلمان اللاإنسانية بعد حصوله على الرشوة، فشلت البحوث وتوفي كل من كان في السجن واحدًا تلو الآخر عداه هو صاحب الزنزانة رقم خمسة فلم تكن هناك أي عوارض جسدية خطرة بل على العكس أظهرت النتائج زيادة في قواه الجسمانية وتوسعًا في قدراته العقلية بشكل لا يصدق.
«خلف هذا القناع يوجد أكثر من لحم, خلف هذا القناع يوجد فكرة سيد كريدي, والأفكار مضادة للرصاص».
هكذا قابل «في» رصاصات كريدي ساخرًا منه ومن سياسة حزبه القمعية، ليعلم هو وأشباهه أن القناع وإن أخفى الوجه فإنه لن يخفي الفكرة التي تأبى أن تكون سجينة لحم ودم بل إنها تسعى للإفصاح عنها وإن حاربها الجميع وطمسها البعض فترةً، وإن رموها بالرصاص، فإنها مضادة للرصاص لا تموت بموت صاحبها بل بضعف إيمان حامليها، فكيف بقناع هو فاضح لها، معلن عنها، ناطق باسم جاي فوكس الثائر، مبتسمًا ابتسامة تسخر من أنظمتهم القمعية وعقولهم الجامدة.
هذا عن «في» فماذا عن الجوكر؟
في مشهدين من أروع مشاهد فيلم The Dark Knight تحدث الجوكر عن مصدر الندوب حول فمه، في المرة الأولى قال لأحد رؤساء العصابات (جامبل) إن سبب الندوب هو أبوه الذي كان سكيرًا وشريرًا وهاجم أمه مرة بسكين «أتريد أن تعرف كيف حصلت على هذه الجروح؟ أبي كان سكيرًا وشريرًا وفي ليلة جن أكثر من العادة، ماما أمسكت بسكين المطبخ لكي تدافع عن نفسها ولم يعجبه هذا لذا وأنا أشاهد يقتلها بالسكين يفعلها ضاحكًا، ويستدير لي ويقول لماذا أنت متجهم، يهجم علي بالسكين لماذا أنت متجهم يضع السكين في فمي، لنضع ابتسامة على هذا الوجه».
في المرة الثانية قال الجوكر لريتشيل إن سبب الندوب هو أن زوجته الجميلة، التي كانت تؤنبه لأنه لا يبتسم كثيرًا، كانت تخوض المراهنات، والأرجح أنها كانت تستدين ولا تستطيع رد النقود، فشوه المرابون وجهها، ولم يكن لديهما أموال لإجراء عمليات تجميل، فاكتأبت، ولكي يثبت لها الجوكر أنه لا يهتم بالندوب – على حد روايته – وضع في فمه شفرتي حلاقة ومزق بهما فمه، كان يريد فقط أن يرى ابتسامتها مرة اخرى، يريدها أن تعلم أن الندوب لا تهمه!
«أردت فقط أن أرى ابتسامتها مرة أخرى، أردت فقط أن تعلم أني لا أهتم بالندوب». ولكن رد فعلها كان صادمًا «لم تحتمل وجهه بعد ذلك وهجرته». ويختم الجوكر كلامه قائلًا بهيستيريا وهو يبتسم «الآن أنا أرى الجانب المشرق. الآن أنا أبتسم دائمًا».
يعلق الكاتب أمير ذكي على هاتين القصتين في مقال له بعنوان «التحليل النفسي والفلسفي لشخصية الجوكر» فيقول: منطقيًا هذان التفسيران متضادان، فمن المستحيل أن يصدقا معًا مع إمكانية كذبهما معًا، وهذا ما يمكن أن يسارع إليه الذهن البشري في هذه الحالة، ولكني لن أسارع بإصدار هذا الحكم المنطقي، بل على العكس، سوف أفترض أن هذين التفسيرين صحيحان، لا أعني بذلك أنهما المصدر المباشر للندوب حول فم الجوكر، فقد يكون سبب ذلك مصدرًا آخر، ولكني أرى أن ذكر الجوكر لهاتين القصتين في جو متوتر وبهذا الانفعال الملحوظ هو شيء له دلالته، وسيؤدي بنا إلى معرفة مصدر الندوب في شخصية الجوكر.
الجوكر ربط – بوعي أو بغير وعي – الآلام التي تعرض لها أثناء الجرح الذي حدث بفمه بالآلام التي تعرض لها من علاقته بأبيه وزوجته، مما جعله يضع المواقف الثلاثة على مستوى واحد في الذاكرة، أذكر أنني قرأت رأيًا للفيلسوف الأوروبي جان جاك روسو يقول فيه إن الذاكرة هي الفيصل في تأصيل الشعور بالألم، لأن الامتداد الزمني الحاضر للألم الجسداني يكون ضيقًا للغاية.
نستنتج من هذا أن مشاعر الجوكر المبكرة تجاه العالم كانت مزدوجة، تتكون من كراهية وحب، فقد كره الجوكر أباه وأحب أمه (في ثنائية فرويدية تقليدية)، كراهيته لأبيه الشرير – وفقًا للقيم التقليدية للحضارة – جعلت الجوكر ينضج مرتبكًا، لم يصبح مثالًا سليمًا يحتذى به وفقًا لطبائع الأمور، فأصبح أمام الجوكر طريقان؛ إما أن يصبح طيبًا أو أن يكون شريرًا بشكل أكثر إبداعًا من أبيه (نموذج الأب: مجرد سكير يهان في الخارج ويمارس ساديته وعنفه على أم وطفل ضعيفين).
كان اختيار الجوكر في البداية أكثر هدوءًا، خاصة أن مثال الأم ما زال في ذهنه معقولًا؛ أحب الجوكر أمه في صورة زوجته الجميلة، فما زالت هي الصنم الباقي، ولكن زوجته لم تكن تأبه به، استدانت وشُوهت، كما شُوهت أمه من قبل، وبذلك سقط آخر شيء يمكن أن يُبقي الجوكر عاقلًا بالمعنى التقليدي للكلمة.
هنا أتوقف، وأنا لا أريد أن أسير على نهج التحليل النفسي إلى النهاية، فوضع الجوكر الحالي ليس تلقائيًا حتميًا كما سيستنتج التحليل النفسي إنما هو وضع قائم على اختيار، فقد كان على الجوكر أن يختار، لا شك أن المسار التلقائي والحتمي أثّر على الجوكر، ولكن تأثيره تمثل في جعل موقفه الوجودي أكثر ثراءً. كان من الممكن أن يصير الجوكر متجهمًا وعدميًا ويمضي ببساطة ليشنق نفسه. ولكن الجوكر ليس مريضًا (إن كان هناك مرضى)، الجوكر فيلسوف على نمط وجودي، وبين خياريْ (أن أضحي بنفسي أم أضحي بالآخرين؟) اختار الجوكر أن يضحي بالآخرين بواسطة الآخرين. ا.ه.
الفلسفة العميقة ورؤية المجتمع للجوكر و«في»
ولنبدأ بالجوكر الذي كره أباه حد المقت وأحب أمه حد الولع، تكونت لديه فلسفة عميقة لم يوضح لنا الكاتب من أين استقاها، وقد يكون – كما قلت سابقًا – كاتبًا مشهورًا أحنت ظهره نوائب الدهر وأذلت روحه مصائبها.
«لا تهتم بالمال.. اهتم بالرسالة التي تقدمها من ورائه».
قاعدة لها فلسفة عميقة يتفوه بها الجوكر وهو يحرق نصيبه من المال أمام أحد أفراد عصابة جامبل بكل برود مرددًا «إنه نصفي، كل ما يهمكم هو المال، هذه المدينة تحتاج إلى صنف أفضل من المجرمين». فلسفة عميقة ورسالة أعمق يرسلها الجوكر لنا، كيف أن المال رخيص مجرد أوراق لا قيمة لها إذا لم توصلك إلى أهدافك بالضبط كساق لا تتحرك لا قيمة لها لأنها لا توصلك إلى أهدافك، لذا لا تهتم بالمال اهتم بالرسالة التي تقدمها من ورائه، والرسالة التي أرادها الجوكر أن تصل أن المال لا يعنيه وأنه رخيص لا قيمة له،وأن الأهم فيما يفعله هو ما يصدره للجميع من أفكار، حصد المال؟ ليس مهمًا أن تكون غنيًّا؟ ليس مهمًّا، المهم أن تنجح فيما تزرعه في العقول.
«هل أبدو لك كرجل لديه خطّة؟».
«هل تعلم من أنا؟ أنا عميل الفوضى، أنا كلب ألاحق السيارات، لا أعرف ماذا سأفعل لو أمسكت بها، أنا أفعل ما يخطر على بالي، العصابات لديها خطط، الشرطة لديها خطط،( غوردون ) لديه خطط، أنتم مخططون،المخططون يحاولون السيطرة على عالمهم الصغير، أنا لست مخططًا، أنا أحاول أن أظهر للمخططين كم هي مثيرة للشفقة محاولاتهم للسيطرة على الأمور».
بعيدًا عن ما قاله الجوكر عن نفسه وهو أنه «لا يملك خططًا» فهو مخطط جيد للغاية فقد كانت لديه خطة واضحة ومنطقية ولها هدف محدد وهو إثبات أن جميع البشر يمكن إفسادهم بطريقة أو بأخرى, ولهذا السبب أفسد فارس جوثام الأبيض «هارفي دينت» مدعي المدينة مما جعل دينت يقتل خمسة أشخاص اثنان منهم من الشرطة ثم محاولته للانتقام من جوردن مفتش الشرطة لأنه من وجهة نظره هو السبب الرئيسي في موت حبيبته «ريتشل». ولعل الجوكر في لحظة شعر بالتقزم أمام ذات باتمان النظيفة وهارفي دنت، فدفعه هذا التقزم والشعور بالنقص إلى دفع باتمان وهارفي دنت إلى مستنقعه الآسن، ليصبح الكل سواء فتتساوى القلوب، وتصدق نظرية الجوكر أن الكل قابل للفساد، وأن الخير مجرد نكتة سيئة فقدت بهجتها.
الجوكر يعبر عن شفقته على أولئك الذين يخططون بينما هو يفعل الأشياء هكذا ببساطة، إنهم يظنون أن عالمهم الصغير شيء عظيم، كمثل طفل صاغ من الرمل قصرًا فظنه حقيقة، وظن نفسه ملكًا، إنه مثير للشفقة جدًا.
«أنت كان لديك خطة وانظر إلى أين أوصلتك» جملة دق بها الجوكر وتَدَ الفوضى في قلب هارفي دنت. ومن تدبر حواره مع باتمان في غرفة الاستجواب وحواره مع دنت يخلص إلى أن الجوكر ليس ساذجًا، إنه شخص مقنع جدًا لديه هدف يسعى إليه، مؤثر جدًا في الأشخاص والأحداث.
«بالنسبة لهم أنت مجرد غريب، مثلي، يحتاجون إليك الآن، وحين لا يحتاجون إليك سينبذونك، كالمجزوم».
الجوكر حاول إقناع باتمان بكل الطرق ليترك مبادئه الساذجة بل دعاه لقتله في مشهدين من الفيلم، ولكن الأخير خيب أمله وحافظ على مثاليته وقاعدته الوحيدة بعكس نسخة «بن أفلك» لباتمان فقد رأيناه يقتل بدم بارد.
ولتعلم أن الجوكر لم يكن جزءًا من الخطة أبدًا فهو يحطم كل القواعد المعمول بها ويتحكم بالناس كما لو كانوا جزءًا من لعبة، فهو أراد إثبات أن البشر ذوي الأخلاق يمكنهم التغير للأسوأ وفشل في هذا فشلًا ليس بالذريع عندما أراد تدمير إحدى العبارتين وكان ركاب العبارتين يرغبون في تدمير أحدهم الآخر ولكن جبنوا عن فعل هذا ولهذا قال إن «المدينة تستحق طبقة أرقى من المجرمين».
باختصار الجوكر من البداية كان يحمل خطة واضحة منظمة، لها أبعاد وغايات، ولكنه يطبقها بفوضوية، لأنه يراها عادلة وقد صرح بذلك حين قال لهارفي دنت «هل تعلم شيئًا عن الفوضى؟ إنها عادلة» .
الفوضى عادلة. حقيقة مطلقة جرب بنفسك وأمسك بأوراق كثيرة، ثم قم بقذفها في غرفتك بحيث تحدث أكبر فوضى ممكنة، وشاهد كيف توزعت الأوراق بالتساوي في كافة أنحاء الغرفة. ذلك هو مبدأ (الفوضى عادلة).
«لم لا نقطعك لقطع صغيرة ونطعمك لكلابك، وعندها سنرى كم هو الكلب الجائع وفي بالفعل».
هل تريد أن تعلم لماذا استخدم السكاكين؟ المسدسات سريعة جدًا. لا يمكنك أن تتذوق المشاعر الصغيرة، أتعلم؟ الناس في آخر لحظاتهم يظهرون على حقيقتهم، إذًا أنا عرفت أصدقاءك أفضل مما عرفتهم في أي وقت مضى. هل تريد أن تعرف أي منهم كان جبانًا؟».
«أخلاقهم، قوانينهم،هي نكته سيئة، سيسقطون عند أول مشكلة، إنهم جيدون بقدر ما يسمح لهم العالم، سأريك، حين تسوء الأمور هؤلاء المتحضرون سيأكلون بعضهم البعض. أنا لست وحشًا، أنا ذروة المنحنى».
«لا أحد يفزع حين تجري الأمور حسب الخطة، حتى ولو كانت الخطة مروعة، لو قلت للإعلام غدًا، أن هناك رجال عصابات سيتم إطلاق النار عليهم، أو شاحنة من الجنود ستنفجر، لا أحد يفزع لأن هذا جزء من الخطة، ولكن حين أقول إن عمدة واحدًا بسيطًا سيموت، الجميع سيفقدون أعصابهم».
الجوكر أراد أن يثبت أن الجميع ليسوا ملائكة وأنهم قابلون للفساد فقط ضعهم في مأزق وستراهم يأكلون بعضهم البعض، حتى الكلاب الجائعة يذهب جوعها بوفائها ويترنح أمام وحش الجوع الذي يلتهم أمعاءها الخاوية بلا رحمة، فلسفة عميقة، ومبادئ فريدة تشبه الجوكر وحده، يسعى هو إلى إثباتها، وترسيخها في عقول مستمعيه أن الوفاء صرح ينهار أمام المصلحة، ويتلاشى أمام ضغط الظروف، فحتى الكلب الذي هو رمز الوفاء يخون صاحبه عندما يتعرض للجوع. الحقيقة أن الجوكر لا يؤمن بمجتمعه ولا بنخبته، ولكنه يؤمن أن العدل، والمساواة، والتحضر، والإنسانية مجرد مكياج خارجي يخفي به المجتمع حقيقته المرة. يؤمن أن الكل قابل للفساد وأن وجوه الناس قناع مستعار فقط ضعهم في مأزق أو تحت تأثير شهوة وستراهم على حقيقتهم، الجوكر يؤمن أن شاة ملك عمدة هي أعز على المجتمع من رأس جندي بسيط، لأن هذا ليس من الخطة . الحقيقة أن هذا الجوكر يعاقب المجتمع على نذالته ونفاقه وتناقضه، أنه يحشد الفوضى ضد العقل والحكمة، تدبر ما قاله لدنت عندما قبض أصابعه على مسدسه «اقلب النظام المعروف، وسيصبح كل شيء بحالة فوضى».
«عليك الاستمتاع بتفاصيل المشاعر الدقيقة»، قاعدة استثنائية أ في قاموس «الجوكر»، وهي أن المرء يجب عليه الوقوف بروية أمام المشاعر الإنسانية والاستمتاع بها أيًّا كان الأمر.
«بالمناسبة البذلة لم تكن رخيصة، يجب أن تعلم أنت اشتريتها».
جملة ساخرة أطلقها الجوكر ليسخر بها من برجوازية رجال العصابات وولعهم بالمظاهر الزائفة وظنهم أن حفنة مال تملأ جيوبهم ستجعلهم أرفع وأرقى من باقي البشر. لقد ارتدى الجوكر بذلة غالية الثمن ولكنها ذات ألوان مثيرة للضحك والدهشة معًا ليجعل من نفسه مرآة تظهر لهم بشاعة دواخلهم قبل ظواهرهم، وكذا فعل عندما طلى وجهه بمكياج غير مرتب يخفي به ندوب وجهه، وكأنه يقول لهم هكذا أنتم عندما تجملون ذواتهم بمساحيق المبادئ الزائفة والإنسانية الهشة، فقناعتي أن مكياج الجوكر لم يكن يهدف به إخفاء عاهته بقدر ما كان غرضه السخرية والتهكم من عمليات التجميل المعنوية لندوب وجع المجتمع الذي ما عادت المساحيق تكفيه لإخفاء بشاعته.
«الجنون كالجاذبية الأرضية، كل ما يحتاجه هو دفعة صغيرة».
يرى الجوكر أن الجنون في جوثام يعتمد على دفعة صغيرة تدفع الأحداث في تيار متصاعد من العنف ويتعجب على الدوام من اعتبار الجميع له أنه مخطط ماكر، هو فقط كما يصف نفسه يفسد الخطط ويقلبها على أصحابها.
«قدم بعض الفوضى!».
الجوكر مثله مثل نيتشه (وبما أيضًا مثل ما بعد الحداثيين) في كتاباته الفلسفية لا يؤمن بالنسق، لا يؤمن بترتيب الأحداث والأفكار، نيتشه كما أسلفنا تمرد على النسق الفلسفي الألماني (كانط – هيجل – شوبنهاور) وكتب فلسفته في تأملات وشذرات (فوضوية)، كذلك الجوكر يتمرد على النسق، وعلى عملية التخطيط الإنساني بشكل عام.
«الطريقة المنطقية الوحيدة للعيش في هذا العالم هي العيش بلا قوانين».
الجوكر بالأحرى هو إنسان متميز، ويشتبك هذا المفهوم – بشكل غير دقيق – بمفهوم الإنسان الأعلى عند نيتشه، فالجوكر يريد تطبيق قيمه الخاصة على العالم التي نعرف أنها لا-قيم (مثلما كان يطلق نيتشه على نفسه أنه: لا-أخلاقي).
فانديتا الرومانسية عندما تتزين للثورة
«لقد قررت الليلة الماضية إنهاء ذلك الصمت، أنا من دمر السور القديم في الليلة الماضية لكي أذكر هذه البلدة بما قد نسوه. إذا كانت جرائم هذه الحكومة غير معروفة لكم فسأحاول تعريفكم بها في الخامس من نوفمبر، لكنكم إذا كنتم ترون ما أرى، تشعرون بما أشعر، تسعون كما أسعى، عندها سأطلب منكم أن تقفوا إلى جانبي بعد سنة على أبواب البرلمان، وسويًا سنعطيهم اليوم الذي لن يُنسى أبدًا».
«العدالة، الحريّة، أكثر من كلمات إنها نظريات».
هنالك بالتأكيد من لا يريدنا أن نتحدث!
«على الشعوب أن لا تخشى حكوماتها, بل على الحكومات أن تخشى شعوبها».
«لو كنتم تبحثون عن المذنب عليكم فقط أن تنظروا في المرآة».
«بينما يستعمل الشرطي عصا بدلًا من الكلام, تحتفظ العبارات بقوتها للأبد».
«أمر صحيح في كل الحكومات, معظم الملفات الموثوق بها ملفات الضرائب».
هكذا يرى «في» مجتمعه الغارق في الفحش والكذب والنفاق، المروج للأكاذيب الصادق فقط في ملف الضريبة التي تفرض على المواطنين، ساخرًا من عصا الشرطي التي ظنت أنها أقوى من الكلمات، فلما خرت أمام الكلمات عرفت قوة الكلمة، لا تخف من عصا الشرطي، لا تخف من الحكومات، بل الحكومات هي التي يتوجب عليها الخوف من الشعب، فرموز المجتمع بلا شعب خرساء، بكماء، عرجاء تترنح، والقوة للكلمة، للحشد، للمؤمنين بمبادئهم، القابضين عليها!
في الوقت الذي يبحث فيه نخبة المجتمع عن ضحية يلصقون بها أخطاءهم، كان يتوجب عليهم أن يستديروا قليلًا لربما صادفت وجههم المرآة فعرفوا من المذنب الحقيقي!
«المبنى رمز مثل عمل تفجيره, الرموز تحصل على القوة من قبل الناس، الرمز لوحده لا معنى له لكن مع عدد كافٍ من الأشخاص تفجير مبنى قد يغير العالم».
يؤكد «في» أن الرموز عارية بدون الحشد الشعبي، والمبنى رمز مثل تفجيره، يبقى رمزًا لا قيمة له ولا قوة إلا بالتفاف الناس حوله وتأييدهم المطلق، والرموز والأفكار كلاهما يحتاج إلى جسد وقلب مؤمن فالجسد يتحرك صوب الهدف والقلب المؤمن بها درع يتلقى الضربات فيزداد صلابة وقوة.
«خلف هذا القناع يوجد أكثر من لحم, خلف هذا القناع يوجد فكرة سيد كريدي, والأفكار مضادة للرصاص».
«قيل لنا أن نتذكر الفكرة وليس الرجل، لأنه بالإمكان أن يفشل الرجل، يُقبض عليه، أو حتى يقتل ويُـنسى».
الأفكار لا تموت، الأفكار مضادة للرصاص، خلف كل وجه مزقته المصائب وشوهته المحن فكرة، فلا تكترث للرجل، فالرجل قد يموت، قد يبدل، قد يزل، قد يبيع مبادئه، ولكن تبقى الفكة صامدة، إنها تغادر من غادرها لتستقر في عقل من قدرها!
المشهد النهائي.. هل فشلت الفوضى؟!
«أنت لا تستطيع الاعتماد على أحد هذه الأيام، أنت يجب أن تفعل كل شيء بنفسك أليس كذلك؟ إن هذا العالم الذي نعيش فيه مضحك جدًا».
مشكلة ترولي، هي تجربة أخلاقية تشبه تلك التي طرحها الجوكر، لو أن هناك عربة متحركة بسرعة على طريق معين ويقع في نهايته بضعة أشخاص مقيدين، تقف أنت على بعد ممسكًا برافعة لو حركتها فستندفع العربة نحو طريق آخر يوجد في نهايته شخص واحد فقط ولديك اختياران: الأول ألا تفعل شيئًا فيموت الأشخاص الخمسة، والثاني أن تحرك الرافعة فيموت الشخص الآخر. ما هو الخيار الأفضل؟
قبل النهاية بقليل يطرح الجوكر هذا الاختبار عندما خيّر ركاب العبارتين بين تفجير أحدهما الآخر قبيل منتصف الليل، عبّارة تحتوي على أعتى مجرمي المدينة والأخرى تحوي مواطنين أبرياء لا ذنب لهم. تم التصويت بالأغلبية تحت الضغط العصبي على تفجير العبّارة التي تحوي المجرمين مما يستدعي بالضرورة عدم الثقة في قرارات الأغلبية والتي تنبع معظمها من قناعات ومصالح شخصية!
فلسفة الجوكر هي الأكثر صمودًا!
تعتنق كل شخصية فلسفة معينة وخضعت كل فلسفة منها للاختبار طوال الفيلم، لكن المثير حقًا أن فلسفة الجوكر هي التي استطاعت إلى حد كبير الصمود، بينما استمرّ «بروس وين» في الحفاظ على كينونة «باتمان» بالرغم من علمه أن التزامه بهذا الطريق سوف يُعرّض حياة المواطنين للخطر.
الأمر الذي شكّل تهديدًا حقيقيًا لفرضيته الأخلاقية ودفعه لمحاربة الجوكر دون هوادة واضطر «باتمان» و«جوردن» في النهاية لتزييف انتصارهما للحفاظ على المدينة من التفكك والانهيار، الحقيقة أنه لم يرق لي المساحة التمثيلية لباتمان والذي بقي في خندقه مدافعًا عن «جوثام» ومحاولًا استرجاع حبه القديم لريتشل مما أفقدني الاهتمام بالشخصية ودفعني للاهتمام أكثر بفلسفة الجوكر.
لقد راهن الجوكر من البداية على نجاح نظريته أن الجميع بداخلهم شيطان، وكل ما علينا أن ندفعه إلى الخارج ليتولى الأمور، لقد نجح الجوكر في إفساد فارس جوثام الأبيض، وتحويله إلى قاتل فوضوي، شرس الطباع، لذلك من الخطأ أن نقول إنه فشل مطلقًا، ولكنه أخفق لأنه وثق في نفسه، كما وثق في شرور الناس واعتقد أنه سيكون أقوى من جبنهم، فكانت النهاية إخفاق للفوضى وموت هارفي، وهروب باتمان.
«أهذه خدعة أخي (في) كلا لا مزيد من الخدع، لا مزيد من الأكاذيب.. الحقيقة فقط، والحقيقة هي أنك جعلتِني أدرك أني كنت مخطئًا وأن خيار إنزال العتلة ليس لي لإقراره، لأن العالم الذي أنا جزء منه، والذي ساهمت في تغييره، سينتهي الليلة، وبالغد عالم جديد سيبتدئ، والذي سيبنيه أشخاص آخرون وهذا الخيار خيارهم».
ونقيض ذلك كان الأمر عند «في»، فمشهد النهاية كان مهيبًا، لقد نجح «في» في تحويل الشعب كله إلى نسخ من قلبه قبل وجهه، لقد خرج الجميع كاسرين حظر التجوال، لابسين قناع فانديتا في المشهد الختامي في الفيلم والذي ابتدأ منذ زحف الشعب نحو الميدان الذي يقع به البرلمان والتصوير الساحر لهذا الزحف مرورًا بالمشهد البصري الأروع في الفيلم وهو مشهد انفجار البرلمان بصحبة المؤثرات الصوتية المعبرة ثم استخدام الرمزية الهائل بظهور جميع الشخصيات التي كانت ترتدي قناع «في» بأنها شخصيات الفيلم التي ظهرت جميعًا سواء الموتى أو الأحياء، وأخيرًا تأكيد تلك الرمزية بالحوار الختامي بين(إيفي) و(المحقق) والذي يعتبر أجمل ختام لأحلى كلام.
الفرق بين الجوكر و«في»
لقد امتطى الجوكر صهوة الفوضى ليصبح السيد وغيره العبيد، وهذه البلاد ملكه، يتحكم فيها، يريد تطبيق قيمه الخاصة وفلسفته العميقة على العالم التي نعرف أنها لا-قيم (مثلما كان يطلق نيتشه على نفسه أنه: لا-أخلاقي). يقول الجوكر: «الطريقة المنطقية الوحيدة للعيش في هذا العالم هي العيش بلا قوانين». أما «في» فقد امتطى صهوة الفوضى ليجعل الناس يتكلمون بعد خرس، ويكسرون الخوف الذي بداخلهم من سلطة آدم ساتلر قبل أن يكسروا الحظر.
قالوا عن أدوارهم
من المصادفة الجميلة أن هوغو وهيث ممثلان أستراليان، يبدعان في الأداء الصوتي والجسدي لأدوارهما وخصوصًا شخصيتا «في» لهوغو وشخصية الجوكر لهيث.
-
نرى مذكرات ليدجر والتي سجّل فيها جهوده كي يتغلغل بداخل الشخصية، وننقل منها:
«مكثت في غرفة فندق بلندن شهرًا كاملًا أحاول التركيز فيما يجب أن تكون عليه الشخصية، جربت أصواتًا وضحكات مخيفة عدة تتناسب مع الجوكر وانتهى بي الأمر غائصًا في عقله، شخص لا يمتلك أي ذرّة ندم تجاه أفعاله، لقد ترك لي «كريستوفر» اللجام كي يكون لي كامل التحكّم في الموضوع وهو أمر طريف لأنه لا يوجد حدود لما يمكن للجوكر فعله».
احتوت مذكرات ليدجر أيضًا على أول صورة له في شخصية الجوكر مع تعليق «انطوت ثمانية أشهر الآن».
انتهت مذكرات ليدجر بكلمتين «Bye Bye» في إشارة إلى انتهائه من دوره الصعب إلا أن محبيه يعلمون أن تلك هي آخر كلماته التي خطّها بيده قبل أن يتوفى بجرعة مهدئات زائدة في 22 يناير 2008.
-
في لقاء أجري مع الممثل هوغو طرح عليه بعض الأسئلة منها:
تكلمتُ مرة مع تيرينس ستامب, الذي لعب شخصيتين في الكتاب الهزلي «سوبر مان» و«إيلكترا» وقال إنه سيحاول دائمًا أن يفهم كيف تتحرك الشخصية وسط اللجان. هل عملت أي شيء مثل هذا القبيل أو أخذت حركات V من الكتاب؟
فأجاب: لا, لا وقت لدي, حقيقة لا وقت لدي. لدى V في الكتاب هدوء عظيم, أجل, فهو يتحرك وبإمكانك رؤيته يجلس على قمم الأسقف, لكن يوجد لديه هدوء عظيم. إنه شيء, قام V بإضفاء حياة على القناع, ليس بإمكاني ائتمان حدسي فقط في أي حركات جسدية, سواء كانت حركات الرأس أو الجسد. حقيقة, لا يوجد لدي الوقت الكافي للتفكير أو التخطيط, كل ما علي هو أن أدخل في الشخصية وألعب الدور معتمدًا على معرفتي المحدودة حول القصة في ذلك الوقت, لهذا أقول إنه كان شيئًا تقنيًا بالنسبة لي. لأنني لم يكن لدي الوقت لأدخل في كل ذلك بشكل حرفي, قلت هذا لهم مباشرةً, «اسمع, أنا هنا وسأحاول أداء الدور لكن إذا لم يضبط معي فقط قل لي وسنقوم بالتغيير».
-
في الكتاب يبدو وكأنهم يؤكدون بالرسم والفن, أن V أكثر من مجرد فكرة لشخص ما بواسطة عرض البذلة تبدو فارغة تمامًا. عندما يحركها يبدو مرتديًا القناع والعباءة مندفعة خلفه. هل جرى شيء مثل ذلك في الفيلم؟
فأجاب: ربما, في الحقيقة. بالنسبة لي, إنه خلف ذلك القناع يوجد إنسان بكل معنى الكلمة, لكنك لن ترى وجهه أبدًا ولن تعرف عن حياته شيئًا أبدًا, وحتى من يكون وذلك مهم. إنه عبارة عن فكرة, أنت بحاجة لأن تشعر بذلك إنه إنسان حقيقي ولا تسأل أسئلة كثيرة لأنك إن سألت أسئلة كثيرة عنه سيكون السؤال «بحق السماء كيف يعمل كل تلك الأشياء؟» بالإضافة إلى أنك يجب ألا تذهب بعيدًا جدًا فذلك هو المسار.
The post فانديتا.. عندما يقود الثورةَ قناعٌ «في» و«الجوكر».. عندما تبتسم الفوضي! – ج(3) appeared first on ساسة بوست.