فرنسا مهد الفن السينمائي، وما يقال عن مدى ثراء السينما الفرنسية حقيقي بلا شك؛ فرنسا حيث الأعمال الرائدة للأخوين لوميير وجورج ميليس، مرورًا بتجارب عظيمة والأسلوب الراديكالي للانوفيل فوغ، وصولًا إلى موضة أفلام العنف التي اشتهرت تحت مسمى «التطرف الفرنسي الجديد»، فضلًا عن الفن السريالي.
نشر موقع «تيست أوف سينما» تقريرًا يعرض لك عشرة أفلام فرنسية غنية بمحتواها، فإذا كنت مهتمًا بالفن السريالي أو تريد التعرف إليه، ينصحك كاتب التقرير بالتعرف على تلك القائمة. الفن السريالي هو فن «الفواقعية» وهو مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق، لذا ربما تجد بعض الأفلام جنونية بعض الشيء.
«ماذا لو كان الألم هو ما يجعل الطيور تغني؟»
ربما لم يكن الفيلم أفضل فيلم جريمة على الإطلاق، ولكن من المؤكد أنه أفضل فيلم جنائي في قائمة الأفلام الروائية الطويلة الأولى للوران بوتون الذي أحدث ثورة في فن صناعة الموسيقى التصويرية، خلال تعاون طويل الأمد مع المغني الفرنسي ميلين فارمير.
جورجو «جورجينو فوللي» الشخصية التي يؤديها الموسيقي جيف والغرين، والجميلة الغامضة كاترين ذات الشعر الأحمر، كلاهما أبطال الفيلم الذي يستغرق ثلاث ساعات طويلة من إنتاج فرنسي-أمريكي مشترك، الفيلم يصنف تحت الدراما اللاذعة، مع بعض السريالية وحفنة من الغموض وقليل من الرعب، فضلًا عن الكوميديا السوداء وعناصر خرافية منحرفة.
تبدأ القصة، التي تتحدث عن معاناة لا تنتهي والموت، في أكتوبر (تشرين أول) عام 1918، وتدور حول فوللي الطبيب الشاب الذي يبحث عن مجموعة أطفال، كان يعتني بهم من قبل بداية الحرب العظمى.
أثناء سعيه، يصل إلى قرية صغيرة يحيط بها العديد من المستنقعات، والجبال الغادرة، وشائعات عن انتشار الذئاب. هناك، يلتقي بكاثرين المتقلبة وغير المستقرة عقليًا، والتي يتهمها نسوة القرية بأنها السبب وراء موت تلامذة فولي. ومن تلك النقطة وصاعدًا يزداد الأمر من سيء لأسوأ بالنسبة للطبيب الطيب.
يخلق بوتون فيلمًا شاعريًا حزينًا مروعًا في جو مليء بالحزن الدفين والجنون المتزايد. رسم المؤلف مشهدًا فيه البطل يطارد هدفه وسط هبوب الرياح وعواء الذئاب، وسط ديكورات داخلية متهالكة بنية اللون، وديكورات خارجية ثلجية قاتمة تكاد تشعرك بالبرودة، فضلًا عن روعة المؤثرات المرئية والصوتية التي تخطف الألباب، سيما مع وجود فريق مبدع من الممثلين المحترفين وصانعي الأفلام الذين أخرجوا لك الجوهر العاطفي للفيلم ومدى هشاشته.
يخرج يسوع (بيير كليمنتي) من الماء ليصعد على سرير والدته (زوزو واحدة من أشهر الرموز الفنية في الستينيات والسبعينيات) العائم مكتئبًا غاضبًا من والده الرب، من هنا جاء عنوان الفيلم «سرير العذراء».
في الفيلم تهدئ مريم العذراء من روع طفلها بأغنية أطفال قد حرفت كلماتها قليلًا؛ تخبره فيها عن قصص العائلات التي استطاعت الهرب بأعجوبة من ألمانيا الشرقية. تقنعه أن الناس سوف ينصاعون لأوامره، وتعطيه مكبر صوت وترسله إلى العالم. ولكن للأسف، غُلِقت الأبواب كلها في وجه المخلص، إذ إن مريم المجدلية (زوزو في دور آخر) تطالب بمزيد من الحجارة لمجموعتها.
تشير سخرية «فيليب جارييل» إلى مدى هذيان وتمرد ومرارة الحال أثناء الثورة الفرنسية 68، في محاولة تغيير خيبة الأمل التي أصابت الثوار الشباب. وفي نفس الوقت هي سخرية ترمز إلى مدى اضطراب هذا العصر وبمثابة نصب أبدي لحرية الفن.
الفيلم الذي يتناول فترات زمنية طويلة يبدو كما لو أنه أصداء أحلام نتيجة حمى، أو هلوسات بعد تناول جرعات من عقاقير الهلوسة، صورة مليئة بالأسى والعاطفة صورت ثقافة مغايرة وأوهام المسيحية. عيسى الكليمنتي يجسد الاغتراب والوحدة والارتباك وعدم الثقة بالنفس فضلًا عن التعاطف مع المقهورين والمهمشين.
فيلم امتزجت فيه روعة المشاهد الاستعارية مصحوبة بالرموز الأسطورية وأسلوب فرويد الضمني، وجمال التصوير السينمائي الأبيض والأسود فأخرج لنا عملًا استثنائيًا.
لم يكن ليتخيل كريتيان دي تروا – شاعر من القرون الوسطى – أن قصيدته الرومانسية الأخيرة غير المكتملة «بيرسيفال» أو ما تسمى أيضًا بـ«قصة الكأس» ستكون هجينًا بين فيلم وعرض مسرحي فريد من نوعه يتم إخراجه على يد واحد من أهم رواد السينما.
الفيلم يتناول إحدى أساطير الملك آرثر بأفضل طريقة مبدعة وغريبة تصف الدراما الموسيقية لـ«بيرسيفال لو جالوا» كما الحال في القصيدة الأصلية، يسير على خطى القصيدة الأصلية في تناول قصة فتى عنيد وعديم الخبرة في طريقه للحصول على لقب فارس، بالرغم من أنه ابن وحيد لأمه التي سبق وفقدت ولديها الأكبر سنًا.
نشأ بيرسيفال (فابريس لوتشيني) بمنأى عن الحضارة في ذلك العصر، بدايةً هو فتى ريفي ساذج يقوده الفضول، والرغبة القوية، الحماس الصبياني، وفي طريقه إلى حظ وافر من النضج. يتجه بيرسيفال إلى محكمة الملك آرثر، ويطبق نصائح الكبار حرفيًا وكثيرًا ما يخطئ – لكنه يستغل كل موقف لصالحه ويعيش في عالمه الخيالي الخاص حتى يلتقي بالناسك في لقاء تنويري.
تمكن المخرج من كسر الجدار الماثل بين الممثل والمشاهد بتصويره المسرحي للمشاهد، استمتع بالأسلوب المنمق للرواية والمواقع ذات الطابع التجريدي، ممزوجة بالموسيقى الأصلية الأصيلة لجاي روبرت التي خففت حدة الأحداث، استرخ واستمتع بسطوع ألوان الفيلم.
لا شك أن «ليتان» يعد واحدًا من أبلغ تجارب أفلام رعب الخيال العلمي غموضًا التي عرضت في السينما. استمد «موكي» وحيه من مصادر متنوعة، بل والأهم من ذلك مصادر عظيمة، ليصنع فيلمًا فريدًا من نوعه، مسليًا، فوضويًا، مراوغًا، تأمليًا وأحداثه كلها غير متوقعة بنفس الدرجة. سواء كنت تشاهده بترجمة أو بدون فسيظل مذهلًا.
منذ الدقائق الأولى للفيلم وحتى آخر دقيقة لم يتوقف موكي لحظة عن إثبات كم هي غريبة مشاهدته. اسم الفيلم مأخوذ من اسم بلدة جبلية صغيرة والتي يحتفل سكانها غريبو الأطوار متنكرين لأجل عيد القديسين وعيد الموتى.
أثناء المهرجان، يجد جوك (الذي قام بدوره المخرج نفسه) ونورا (ماري خوسيه نات) أنفسهم متورطين في مأزق أفضل ما يمكن وصفه به أنه كابوس لا ينتهي من محاولات دائمة فاشلة في الهروب، فقد أتوا إلى مدينة مجنونة.
ليتان مدينة يكتنفها الضباب مليئة بالشوارع الضيقة والمباني المتداعية، يجول فيها ضباط الشرطة، ويظهر فيها فرق الأوركسترا ذوو البدل الحمراء بآلات النفخ النحاسية خاصتهم وفتيان الكشافة الذين يحاولون اصطياد وحش وهمي. هناك نهر يمر عبر كهف، يوجد به ثعابين زرقاء لامعة (أو كائنات فضائية؟) قادرة على تحويل الغرقى إلى نوع شبيه بالموتى الأحياء.
استمتع بمشاهدة فيلم الإثارة والغموض والرعب حيث جميع من بالفيلم يبدو كما لو أنه واقع تحت تأثير تعويذة ما.
لو روسينول (العندليب) فيلم متفرد مقتبس عن «أوبرا ليريك» لسترافينسكي والتي يقوم نصها على قصة هانز كريستيان أندرسن الخرافية. تخوض كريستيان تشودي تجربة جريئة والنتيجة النهائية هي تناغم بين أداء منمق للغاية، وفاحش فنيًا، وتوليفة متناقضة من السمات المسرحية ورسوم الكرتون المتحركة «البلاستيكية».
في مدة أقل من خمسين دقيقة مستمرة من الخيال المتقلب البديعي والملهم، تزود الفيلم بعدة مفارقات تاريخية مسلية والتي لا تنتقص من جمال الفيلم ولا من قيمة العمل الأصلي.
يصور الفيلم قصة الإمبراطور الصيني الذي تم علاجه بأغنية العندليب في هيئة حلم صبي يتجول بمحض الصدفة في ورشة عمل الفخار. بمجرد الانتهاء من صنع مزهرية أنيقة، تكون في طريقها إلى الصقل، نرى مشهدًا مع صياد (تينور فسيفولود جريفنوف) والذي يتغنى بقوة الطير «العندليب».
جسدت سوبرانو ناتالي «العندليب» لتملأ بصوتها العذب ليلة ضبابية في مرج مغطى بأقواس الكمان كأعشاب البرك. ثم استكمل ذلك المشهد المليء بالورود بمراوح زرقاء ومظلات تفتح مع إيقاع اللحن.
عندما تتوجه الأحداث إلى المحكمة، تهب عاصفة غريبة بلا توقف، بل وتصبح أكثر عنفًا، تعكس حس تشودي الفكاهي الغريب. أعنف عاصفة تهب في الفصل الثاني؛ في حفل استقبال على ضوء شموع بالية، تقدم فيها صورة عندليب آلي لعوب بزي بدلة سهرة بنفسجية اللون.
لا تعد المؤثرات الصوتية الإضافية مشتتة، نظرًا لأنها تتناغم بعناية مع الموسيقى التي تؤديها أوبرا باريس الوطنية ببراعة.
خادم أصم أبكم يحاول اختطاف كلب مليارديرة بدينة تدعى «أفيدا» بمعاونة اثنين من مدمني الكيتامين، لكن المخطط يأخذ منحنى آخر، فمالكة الكلب تكشف المخطط وتستغل الموقف وتحوره لترغمهما على تنفيذ أمنيتها الأخيرة: أن تموت على قمة أحد الجبال.
عنوان الفيلم مستوحى من الاسم الذي أطلقه أندريه بريتون – أحد مؤسسي السيريالية – على الفنان الرسام المشهور سلفادور دالي، ويعتبر الاسم جناسًا من اسمه. فالفيلم جنون سينمائي سريالي.
يعد الفيلم – تصويره بالأبيض والأسود – من أفضل ما أنتجته أوروبا في الفن السريالي، فالفيلم يمر خلال عدد من القصص غير المترابطة، إذ يبدأ بمشهد رجل ثري يدخل بيته محتفيًا بصيده الجديد، بينما يلاعب خادمه الأصم الأبكم كلبيه من فصيلة روث فايلدر، إلا أن الرجل يلقى حتفه في مفارقة ساخرة فقد مات الثري بينما نال الخادم حريته. المشهد يأتي كإشارة لفيلم فيفا لا مورت «يحيا الموت»، إلا أنه يعد من أحد المشاهد المتفرقة المهمة التي اعتمد عليها الفيلم.
من خلال القصص القصيرة غير العقلانية في بعض الأحيان – وإسقاط الحلم الجمعي – يتم التعامل مع تناقضات الحياة وضحكاتها في مقابل الموت المحتوم والتعليق على المجتمع العصري بطريقة غير مباشرة بين السطور. فإن العمود الفقري للفيلم الغريب في تناقضاته هو خليط عظيم بين الدعابات الغريبة والظلامية الجامدة في نفس الوقت. فالتصوير الأبيض والأسود ذو الدقة العالية والموسيقى المتنافرة غير المتجانسة يستحقان الثناء أيضًا.
قارب سريع تقوده امرأة يجر متزحلقًا خلفه، يسقط ذلك الأخير، ويدخل في غيبوبة من جراء الحادث ليجد نفسه مختلفًا بعد أن يفيق منها. تسيطر عليه ذكريات شبح، ربما يكون والد خطيبته، فيلم يغوص بالمشاهد في عالم الذكريات بعد الموت ما يراه الإنسان وكيف يتم إعادة بناء تصورات وصور في ذكريات إنسان، وهل يمكن للأرواح أن تدرك سبب وفاة أجسادها وتدرك الطريق للخلاص بنفسها.
«دارما جانز» الغامض والمشكك هو النسخة الرابعة من انتاج إف جي آسانج الشاعر الفرنسي والسينمائي والمغني في فرقة موسيقية.
يمكن وصف الفيلم بأنه دراما نفسية ميتافيزيقية أو عمل فني حول «وحدة الأنا» فيأخذ المشاهد إلى العالم المبهم للأشخاص الغريبين المتمركزين حول ذواتهم وإلى عالم الهلوسة البليغة والكوابيس التي تصيب بالدوار.
يدور الفيلم حول البطل المشوش ستانيسلو، شاعر الأساطير الذي يحاول إنقاذ خطيبته ديلي من جحيم «التكرار الجيني» – طفرة في الجينات تسبب تشوهات – والمنظمات السرية، ويبدو أن شبح أستاذ جامعي غامض يدعى ستاركوف ربما يكون والد ديلي يسيطر عليه.
تبدو تلك القصص الصعبة المفتتة أجزاء دقيقة كالانعكاس الغامض في مرآة مهشمة، فهي لغز معقد حبست مفاتيحه في متاهات العقل الباطن، فالقصة التي بنيت على منطق ستان المنحرف الملتوي وذكرياته المتقطعة المتعثرة، تصف ملحمة تأملية عبر عالم الأشباح.
يعيد أسانج تشكيل (أو على الأرجح هو يهدم ويحلل) عقل بطله المحطم ويطمس الخط الفاصل بين الواقع والخيال بينما يغزل لغزًا غامضًا مثيرًا للاهتمام (زائفًا) من خلال الحوارات السخيفة والمناجاة المتحيرة. وفي هذا السياق يمكن أن تكتسب «دارما» معانيَ عدة وإيجاد الأجوبة لأسئلة المؤلف العديدة التي تبعد كل البعد عن البساطة. لكن بلا شك عملية فك الرموز المضنية لطفت من حدتها روعة التصوير الأبيض والأسود القوي.
في أول ظهور له يتخذ الكاتب «يان جونزاليس» مخاطرة كبيرة بنشر عمل درامي مثير مستفز سريالي، وبالتبعية مثير جنسيًا مع أنه لا يظهر الكثير من المشاهد الإباحية. الفيلم يمجد العديد من الذين يعملون ويخلقون الفن السابع، السينما. معتمدًا على عدد لا يحصى من التأثيرات، يستدرجك في عالم يشبه كثيرًا عالمنا إلا أنه تحكمه قوانينه الخاصة ومنطقة الخاص.
يبدأ الفيلم بثناء على فيلم لا بيل كابتيف 1983 ويأخذ قصته من فيلم ذا بريكفاست كلب وأيضًا من فيلم إيل دياكيرون 1971، بينما له إشارات لفيلم لي ليفر روج 1971 ولرباعية الاستغلال الجنسي إلسا، إلى جانب عدة أفلام أخرى، لكن قبل كل ذلك هو بمثابة اختبار معرفي لكل محب للسينما.
تدور الأحداث في قلعة نائية ذات بنية معمارية شاذة، مالكاها الشبيهان بمصاص الدماء على وماتياس يستعدان لتنظيم حفلة جنس جماعي (أورجي) متعجرفة، بالتعاون مع ضيفتهم الخادمة أودو. وضيوفهم هم الفاسقة والفحل والمراهق والنجم.
جونزاليس المؤلف يحاول سبر أغوار احتمالات المجتمع اليوتوبي الذي يتشكل من خلال الرابط العاطفي بين سبعة أشخاص غرباء، وبينما تسلط شخصياته الضوء على الأفكار النمطية عن البشر، تنفضح كل نقاط ضعفهم. كل شخص منهم لديه قصته الخاصة سواء كانت مضحكة، ظلامية، رومانسية، أو حزينة مأساوية أو حتى حقيرة منفرة، فكلها دائمًا تعد تأملات في الحب والأحلام أو حتى الموت.
تلك الأرواح الضائعة هي في الحقيقة وحيدة تبحث عن شيء أو كيان شبيه بالعائلة أو حتى لو كانت عائلة متفتحة توافق على سفاح المحارم، وعلى الأرجح الأمر الأكثر إلحاحًا في غرابته «اعترافاتهم» هو قصة المضيف الخرافية عالية الدقة والوصف الذي اعتمدت على أفلام أخرى كـ«آلا كوايدان وسيلفيستر» أو «كورويل».
كيف كانت لتبدو أيام دايفيد لينش في الجامعة إذا كان ولد قبل عدة عقود؟ بينما نحلم بإجابة ممكنة، خلَّق بول لي وجوليان بيتشارد سيرة ذاتية مزيفة تلقي ببعض الضوء على بدايات المخرج البارز في حياته الفنية. كما هو متوقع أقحموا العديد من الإشارات المأخوذة من أفلام لينش بداية من «إيراسر هيد» مرورًا بـ«توين بيكس» وصولًا حتى «أيلاند إمباير».
مؤلفا الفيلم يفضلان حرية التعبير الفني على الحقائق، لذا في البداية (وتحديدًا في الثانية في الفيلم) يقرران إظهار شخصية دايفيد لينش الصغير في الجامعة عاريًا أمام الصف كله بغرض التعلم. فهو حضر الصف الجامعي متأخرًا ولذا كان عليه أن يخضع للقانون غير المنطوق الذي يقول الأستاذ الجامعي أنه تقليد، فكان عليه أن يخلع عنه ملابسه أمام الطلاب في الصف. ثم عقب ذلك يدرك أن لا شيء في حقيقته كما هو ظاهر، ناهيك عن أن صديقه فريد عازف الساكسفون ربما يكون حقيقة خياليًا ليس واقعيًا.
من الناحية الأخرى يظهر لينش صديقًا ثلاث فتيات، أودري المبهجة، التي تحب الرقص وعيناها مغلقتان، ولورا الحذقة المنحلة التي تخفي علاقتها المعقدة مع والدها العميد خلف ابتسامة عريضة، ثم الثالثة الوديعة كلير التي تكون على النقيض من لورا.
بجانب تلميحات الشخصية، الخبراء في أفلام لينش يلاحظون التفاصيل مثل المفتاح الأزرق واللقطات الضبابية والإضاءة القاتمة التي تتلاشى حتى تصير سوداء، لسوء الحظ، أثناء التوالي غير المشرف لفرضيات لينش وبيتشارد – الموسيقي الفرنسي – السريالية الجريئة تظهر نقائصها.
وربما تعود أسباب أغلب العيوب في الفيلم إلى تقليصات الميزانية وفقدان العمل لخبرات الفريق الكامل لذا يعتمد انطباع المشاهد على أساس رأيه في محبي الخيال. إلا أن لا أحد ينكر الطموح العظيم خلف فيلم لا في ريف دو دايفيد.
مستوحى من أعظم أعمال «أوفيد» – الأديب الروماني الذي عاصر أغسطس -، الفيلم خيال ما بعد الحداثة، فانتازيا شهوانية والذي ينتقل بإطار العمل الأصلي لأوفيد إلى فرنسا العصرية. إذ امتزج فيه عدد قليل من بين 250 من الأساطير القديمة لتخرج بخليط استفزازي من الجمال الزاهد وجو من الإثارة والتشويق إلى حد ما.
وفقًا لـ«أونورية»، فإن البطلة «أوروبا» هي فتاة مراهقة تفر من المدرسة لتجتمع بعشيقها «جوبتر» سائق الشاحنة غير مدركة للرحلة الشاقة التي تنتظرها، تصطدم في رحلتها الآلهة وأنصاف الآلهة والبشر الفانون المذكورون في شعر أوفيد الروائي، لكنهم جميعًا بطريقة ما أظهروا بطريقة سوقية نابية. يظهر «باخوس» مجرمًا صغيرًا و«نارسيسوس» متزلجًا أنانيًا، «تريسياس» طبيب محلي متحول جنسيًا، و«أورفيوس» متعصب ديني، وقصته التي يأتي ذكرها أخيرًا في الفيلم تعد هي الأكثر إرهاقًا.
من خلال سرد مقسم إلى حلقات، فإن مغامرات وإيذاءات تلك الشخصيات وصفت بطريقة طبيعية تمامًا، بأقل ما يمكن من المكياج وتكاد تخلو من المؤثرات الخاصة باستثناء أرجوس والذي يعني واقعيًا أنه تم عمل جروح بسيطة لإظهار التحول الرمزي.
ولعل أحد الأمور التي تميز الفيلم هو إدماج الأشخاص غير المحترفين الذين لا يخجلون من إظهار كل شيء منحتهم الطبيعة الأم إياه فيستحضر إلى أذهاننا عمل بازوليني – شاعر ومخرج إيطالي – ذا ديكاميرون أرابيان نايتس.
The post «مترجم»: 10 أفلام فرنسية رائعة ربما لم تشاهدها من قبل appeared first on ساسة بوست.