Quantcast
Channel: سينما –ساسة بوست
Viewing all 367 articles
Browse latest View live

أن تضيع في بلاد الهند الشاسعة.. عرض لفيلم «Lion»

$
0
0

تبعًا لتقرير أصدره «المركز الوطني للأطفال المختفين والمعرضين لإساءة الاستغلال»، يختفي أو يُفقد كل عام ما يزيد عن نصف مليون طفل حول العالم، 40 ألف منهم يفقدون في الهند وحدها، واحد فقط منهم يحكي فيلم «ليون» قصته المقتبسة عن أحداث حقيقية وقعت لطفل فقير يدعى «سارو»، يبلغ من العمر خمس سنوات، ويعيش مع أمه وأخيه وأخته في إحدى المدن الفقيرة وسط الهند الشاسعة، حيث يساعد أمه في العمل بأحد المحاجر، يحمل معها الحجارة، ويأتي إليها بالطعام، الذي أحيانًا –من شدة الفقر والجوع – ما يختطفه خلسة هو وأخوه الأكبر من سوق قريبة.

بداية المأساة

تبدو هناك علاقة قوية بين الأخ الأكبر «جودو» وأخيه الأصغر سارو، لا يكادان يفترقان، وعلى الرغم من الحياة الفقيرة يبدوان سعيدان بأقل الأشياء، المشي في الشوارع، واستكشاف محطة القطار، وتسلق خزان المياة، والرقص على قدم واحدة.

تنقلب حياة سارو (يؤدي دوره الطفل الهندي الموهوب «صاني باور») رأسًا على عقب في أحد الأيام التي كان هو وأخوه يلهوان فيها في محطة القطار القريبة، حينما طلب منه أخيه الانتظار في عربة متوقفة لقطار؛ ريثما يأتيه بطعام. ينام سارو في عربة القطار من إجهاد يوم طويل؛ ليستيقظ فيجد القطار وقد تحرك، يبحث عن أخيه في كل مكان في العربة الخاوية، لكن جودو ليس موجودًا؛ إذ يبدو أن القطار قد انطلق قبل رجوع أخيه إليه.

يصرخ سارو، الطفل الجميل، واسع العينين، كحيل الرموش، أسود الشعر، دقيق الملامح، باسم أخيه مرارًا وتكرارًا، ويصرخ طالبًا المساعدة من أي شخص قد يسمعه، بلا جدوى. يظل في القطار أيامًا يقطع آلافًا من الأميال عبر الهند، يأكل فتات الطعام الذي يجده تحت مقاعد عربة القطار، ويبيت أعلى رف الأمتعة، وينتظر أن يصل القطار إلى محطة النهاية.

غريب في بلاد غريبة

وفي مصاحبة موسيقى «فولكر بيرتيلمان» و«داستن أوهارولان» شديدة الجمال والحساسية والحزن – المرشحة لجائزة الجولدن جلوب – تبدأ رحلة ضياع سارو نحو المجهول. يصل القطار أخيرًا بعد أن قطع أكثر من خمسة عشر ألف كيلومتر إلى مدينة كلكتا، عاصمة ولاية البنجال الشرقي المحاذية لبنجلاديش، يهبط من القطار، ويسأل كل من يقابله في المحطة المزدحمة أن يدلوه على طريقه لأمه والرجوع لمنزله، لا يبدو أن أحدًا يفهم كلامه، حيث الكل يتحدث اللغة البنجالية هنا، ولا أحد يفهم اللغة الهندية، وبعد إرهاق طويل ويأس من إمكانية التواصل مع أي شخص، يجد سارو عدة أطفال صغار في ملابس بالية ووجوه متسخة، يفترشون أحد الأنفاق القريبة من محطة القطار، ينضم إليهم بعد أن منحه أحدهم «كرتونة» صغيرة؛ ليقوم بفرشها والنوم عليها. يمدد سارو جسده الصغير الضئيل على أرضية النفق الباردة، ويسرى عن نفسه باستدعاء صور في أمه وأخيه جودو في ذهنه، يبدو شديد الحساسية والرهافة وهو يتمتم في سره «سامحيني يا أمي، أنا آسف». لا تكاد عيناه تغفلان حتى يفزع على صراخ باقي الأطفال الذين هاجمتهم عصابة لخطف الأطفال. يسلم سارو ساقيه للرياح، يبدو وهو يجري أميالًا عدة فزعًا وهربًا من وحشية قاطني المحطة، مثل الصغير «فورست جامب» في رائعة «روبرت زيمكس»، وهو يجري من أقرانه المتحرشين به وبإعاقته، بينما صديقته «جيني» تصرخ بالجملة الأيقونية «اجر يا فورست.. اجر»، مع الفارق أن في حالة سارو لا توجد جيني، طفل صغير وحيد في مواجهة الحياة.

يلمح سارو معبدًا قريبًا، يتجه إليه، حيث حجاج المعبد نائمين في حضرة تمثال كبير للآلهة «ما دورجا» متعددة الأذرع، والتي تنيرها الشموع وتنير من تحتها القرابين من الفاكهة والأطعمة الأخرى. يؤدى سارو التحية لتمثال الآهلة في احترام، ثم يتناول من الطعام، ويجلس في أحد أركان المعبد؛ ليسد جوعه.

أمل زائف

في الصباح يصادف فتاة جميلة، تلاحظ خطواته التائهة ونظراته الشاردة، تكلمه بالبنجالية فلا يرد عليها، ثم تخاطبه باللغة الهندية فيتهلل وجهه، أخيرًا هناك أمل. تقدم له نفسها باسم «نور»، ثم تأخذه إلى منزلها، حيث تقدم له الطعام، وتقوم بمساعدته على الاستحمام، وتخبره أن رجلًا سيأتي في الصباح ليساعده في الوصول لأمه.

وفي الصباح لا يرتاح سارو للرجل، لا للمساته ولا نظراته وطريقة كلامه، ووعوده الملتوية بالذهاب إلى مكان ما سيبدأون منه البحث عن أهله. يتسرب شعور فطري بالخطر إلى سارو فيقوم بالهرب من منزل نور.

يستطيع مخرج الفيلم «جارث ديفيس» ببراعة تقديم «مأساة» طفل ضئيل تائه في هذا العالم الكبير، حيث لا أمل في العودة لبيته وحضن أمه، حتى لو كان سيرجع إلى حياته الفقيرة، لكن انقطاع صلة إنسان في هذا العمر المبكر عن أسرته يعني ضياعًا حقيقيًا، متاهة رهيبة، نجح المخرج في نقل المشاعر الدرامية التي تصاحب الوقوع في شركها للمتلقي الذي يضع نفسه أو أبناءه مكان سارو، حيث الرعب هو الشعور الوحيد، الرعب من فقدان العالم الذي اعتدته، والتيه في عالم لا تعرف عنه شيئًا.

وأمل حقيقي

من مكان لآخر يمضى سارو بلا هدف، وينتهي به الأمر في دار للأيتام، حيث يتحسن حاله قليلًا، على الأقل يبيت تحت سقف، وينام فوق سرير حقيقي، ويجد وجبة ساخنة تنتظره وقت العشاء. تساعده دار الأيتام في نشر إعلان يحتوى على صورته وبياناته في صحيفة واسعة التوزيع، إلا أن الأسابيع والشهور تمضي، دون أن يتواصل معه أحد من أسرته. في النهاية تعرض عليه إحدى الأخصائيات فرصة رائعة سوف تغير حياته وتنتشله من قضاء باقي العمر يتيمًا دون أسرة. هناك أسرة أخرى أسترالية تعرض تبنيه. تمد إليه الأخصائية يدها بصورة فوتوغرافية يبدو فيها شخصان، رجل وامرأة تبدو عليهما أمارات النعمة ويسر الحال. تقول له هذان سيكونان والديك. وخلال الأيام القادمة، تقوم الأخصائية بتعليمه مفردات إنجليزية يستطيع التواصل بها، كما تعلمه أصول اللياقة، وأداب المائدة.

يطير سارو إلى مدينة هادئة في أستراليا؛ للعيش مع الزوجين «جون بيريلي» (يؤدي دوره ديفيد وينهام) و«سو بيريلي» (تؤدي دورها «نيكول كيدمان»)، واللذان يبدوان غاية في اللطف والرقة والمحبة، ويبدو أخيرًا وقد عوضته الحياة عن مأساته. تمضي شهور قليلة ويقوم الزوجان بتبني طفل ثان ينتمي لنفس دار الأيتام التي استضافت سارو، إلا أن الطفل الثاني لا يبدو في هدوء وسكينة سارو، يبدو متوترًا ويقوم بضرب نفسه بشدة؛ عندما يغضب أو يشعر بالحزن، لكن العائلة تحاول احتواءه والتخفيف عنه.

البحث عن الأصول

ينتهي هذا الفصل من الفيلم ليبدأ فصلًا آخر حيث يكبر سارو ليصير شابًا يافعًا (يقوم بدور سارو الكبير ديف باتل بطل الفيلم الشهير «Slumdog Millionaire» الحاصل على ثماني جوائز أوسكار)، يقرر سارو دراسة علوم إدارة الفنادق، وينتقل لمدينة قريبة ليقيم فيها ريثما تتنتهي فترة دراسته. ينضم إلى مجموعة من الشباب الذين يدرسون نفس العلوم، ويتعرف على زملاء من جميع الجنسيات، ومنهم من هو قادم من الهند، والذي تجتذبه ملامح سارو. يندمج سارو في مجتمع الدراسة، ويتعرف على فتاة جميلة يقع في حبها – روني مارا، بطلة فيلم «The Girl with The Dragon Tattoo»-، حيث يقضيان الوقت في الدراسة وزيارة أهله والانخراط في مجتمع الشباب، حيث الكثير من الحفلات والرقص ولعب الكريكيت، تلك اللعبة المشهورة في الهند، وأيضًا في أستراليا.

يتغير مسار الفيلم عندما يحضر سارو لحفلة يقميها بعض أصدقائه الهنود، حيث يدعونه إلى مائدة تحتوي العديد من الأطعمة الهندية الأصلية، تجتذب إحدى أطباق الحلويات انتباه سارو، يحدق فيها طويلًا، وفجأة تبدأ الذكريات في الانهمار إلى عقله وروحه، يتذكر أن كان له أخ يأتيه بمثل هذه الحلوى، يتذكر أن له أم هندية، وأنه تاه عن أخيه في محطة للقطار يجاورها خزان عال للمياه.

وفي الثلث الأخير المشوق من الفيلم تدور رحلة سارو للبحث عن أخيه وأمه، يعلم أن المهمة مستحيلة؛ لأن ذكرياته عن مكان إقامته مشوشة وغير واضحة أو مكتملة، كما أن الهند تحتوي عشرات الآلاف من محطات السكة الحديدة قد يقضى عمره كاملًا في زيارتها قبل أن يجد المحطة الصحيحة. إلا أنه لا يفقد الأمل، ويسانده الجميع، حبيبته وأسرته وأصدقاؤه من أجل أن يجد أسرته الأصلية.

ويلقي الفيلم الضوء على مأساة تحدث يوميًا لآلاف من الأطفال الذين يفقدون ذويهم، ويحاول الدعوة لمشاركة النشطاء في الانخراط في البحث عن هؤلاء الأطفال ومساعدتهم على العودة لذويهم. كما أن المنتجين أطلقوا موقعًا إلكترونيًا لدعم الأطفال المفقودين وأطفال الشوارع، وتقديم التبرعات التي تساعد في ذلك، في مثال رائع لقدرة السينما على دعم القضايا المجتمعية والتأثير المباشر في تحسين حياة البشر.

يبقى شيء واحد أخير، وهو أن سارو أو «شارو» باللغة الهندية، تعني «الأسد». ولمزيد من المعلومات عن الفيلم، يُمكنك مشاهدة هذا اللقاء مع أبطاله:

The post أن تضيع في بلاد الهند الشاسعة.. عرض لفيلم «Lion» appeared first on ساسة بوست.


مترجم: أفضل 21 فيلمًا في 2016

$
0
0

مع أنَّ بعض المشاهدين ينتظرون أفلامًا تفصلهم عن الواقع، إلا أن أحداث عام 2016 ربطت بشكل وثيق بين السياسة والفكاهة، فهي السنة التي وضع فيها فيلم «صائدو الأشباح Ghostbusters» بذرة لهيستيريا في مجتمع «حقوق الرجال»، وهي أيضا السنة التي تحول فيها أحد مسارح برودواي إلى مكانٍ للجدال السياسي، وذلك عندما قرر نائب الرئيس الأمريكي المقبل مايك بينس حضور مسرحية «هاميلتون». فضلا عن أنها السنة التي صعد فيها نجم تليفزيون الواقع إلى الرئاسة الأمريكية.

وكما يمكن للسينما العظيمة أن تكون خيالية حالمة، فهي أيضا يمكنها أن تعكس العالم غير المثالي الذي نعيشه، ولكن بألوان مثالية.

قائمة الأفلام التالية اختارها موقع مجلة «Newsweek» الأمريكية، لتضم أفضل أفلام عام 2016.

1- Allied

قد تدفعك أسماء بطلي فيلم Allied أو (حليف)، براد بيت وماريون كوتيارد، إلى الاعتقاد بأن الكيمياء التي تولد بينهما على الشاشة، هي أحد أسباب انتشار الشائعات حول علاقة غرامية تجمعهما في الواقع، والتي كانت سببا في إنهاء زواج بيت من أنجلينا جولي، ولكن في الحقيقة ذلك غير صحيح.

فالبطلة ماريان بوسجور (ماريون كوتيارد)، التي تجسد دور عضو في المقاومة الفرنسية، كانت تضع البطل ضابط المخابرات ماكس فاتن (براد بيت) في مواقف محرجة، وذلك أثناء تأديتهما مهمة خطيرة خلف خطوط العدو في شمال إفريقيا أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتستمر أحداث الفيلم الذي أخرجه روبرت زيميكس، ليقع الثنائي في الحب بينما يقومون بعمليات الاغتيال، ويهربان إلى لندن لإتمام زواجهما، ثم ينجبان طفلا في أوج الحرب، وحينها يبدأ ماكس حملته السرية لاكتشاف ما إن كان زواجه نقيا كما يبدو أم أنه على علاقة مع إحدى الأعداء.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

2- Arrival

تدور أحداث فيلم الخيال العلمي Arrival أو (الوافد) حول وصول الكائنات الفضائية إلى الأرض ولكن المشكلة أنهم لا يتحدثون لغة يعرفها البشر، وهي الفكرة التي تجعل من مخرج الفيلم دنيس فيلنوف من أعظم مخرجي جيله، حيث استطاع تمديد الخيال الصرف لتكون قصة متكاملة عن الزمن واللغة والحب، مع لمسة واقعية تميز هذا العمل عن غيره من الأعمال المنافسة.

وتفوقت الممثلة إيمي آدامز في واحد من أهم الأدوار التي جسدتها، ما يضيف نجاح آخر إلى عدد الأدوار المميزة التي قدمتها من قبل. كما برع مدير التصوير برادفورد يونج في الخدع البصرية للفيلم، في حين ألف الموسيقار جون جوهانسن الحائز على أوسكار، واحدة من أفضل معزوفاته الموسيقية.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

3- Captain Fantastic

يستعرض الفيلم التطور الذي تمر به عائلة أمريكية غريبة الأطوار بعد وفاة الأم، ويجسد الممثل الأمريكي الجنسية وسويدي المظهر فيجو مورتنسون دور الأب المثالي بن الذي يقرر تعليم أطفاله الستة تعليمًا منزليًا في مكان منعزلٍ عن الحضر في أحد الجبال بولاية واشنطن.

ولم يأخذ بن أولاده بعيدًا خوفا وانتظارا لحرب عرقية أو قتال نووي، ولكن فقط ليجعلهم يعيشون نمطًا يعتمد على الطبيعة بعيدا عن الماديات المسيطرة على الحياة في المناطق الحضرية. وبعد وفاة الأم يتعرض الأب وأولاده إلى صدامات مع السلطات التي أجبرتهم على ترك الأدغال والاندماج في المجتمع.

تذكرنا موسيقى الفيلم والمقطوعات الغنائية فيه بالفيلم الكلاسيكي «Sound of Music»، أما الكاتب والمخرج مات روس فاعتمد في كتابة الفيلم على تجربته الخاصة في الطفولة أثناء العيش مع والدته في بلديات مختلفة في ثمانينيات القرن الماضي.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

 4- Christine

إذا أردنا الخروج بفكرة من فيلم Christine أو (كريستين)، فيمكن القول بأن صناعة الصحافة لم تتغير كثيرا منذ سبعينيات القرن الماضي. فهو فيلم يستعرض حياة الصحافية كريستين تشوبوك، التي كانت تعمل مراسلة تلفزيونية في ولاية فلوريدا، تتميز بذكائها وشغفها، وتدخل في معارك مع رئيسها في العمل الذي يحثها على صنع أخبار أكثر إثارة، حيث شعاره في العمل «كلما كانت القصة تنزف استطعتِ الوصول».

ولعبت الممثلة العظيمة ريبيكا هال دور الصحفية تشوبوك، وبتقدم أحداث الفيلم تعاني من اكتئاب وضعت له حدا عندما أطلقت النار على نفسها على الهواء مباشرة، وماتت عام 1974، ويحاول الفيلم استكشاف حياة تشوبوك ودواخلها النفسية التي أوصلتها لحادث انتحارها.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

5- The Edge of Seventeen

قد تكون المرحلة الثانوية سيئة للغاية لكن فيلم The Edge of Seventeen أو (عتبة السابعة عشر) ليس كذلك. فهو فيلم عن المنبوذين وللمنبوذين ويؤديه منبوذون. وكتبت المخرجة الصاعدة كيلي فريمون كريج سيناريو قاسٍ عن طالبة ذكية ولكنها منبوذة، تدرس في السنة الثانية من المرحلة الثانوية، وتنقلب حياتها إلى دوامات من اليأس بعد أن ارتباط صديقتها المقربة بأخيها.

واختارت المخرجة  كريج الممثلة هيلي ستينفليد لتأدية هذا الدور، والتي جمعت في أدائها بين كره الذات بالإضافة إلى الحنان والدفء، ويعبر الفيلم عن ذلك الإحساس بالإهانة البالغة الذي يلازم المرحلة الثانوية، ويقول الكثير عن اكتئاب الطلاب في هذه المرحلة. كما برع الممثل وودي هاريلسون في دور المدرس المشاكس لستينفيلد.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

6- Hail, Caesar

أبرزت الإعلانات الترويجية لفيلم Hail, Caesar أو (تحيا، قيصر!) عددا من نجوم الصف الأول في هوليوود، وأظهرت مؤثرات بصرية جذابة واقتباسات من السيناريو تشويقية. بالإضافة إلى أنه فيلم من صنع الأخوين كوين ما يجعله واعدًا بالنجاح.

وقد يتأثر الفيلم بعد طرح La La Land أو (لا لا لاند) في يناير المقبل، حيث يشتركان في الحديث عن العصر الذهبي لهوليوود، ولكن Hail, Caesar! يعرض جرعة أكبر وأكثر فكاهة عن أسرار الصناعة الهوليوودية.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

7- Hell or High Water

قد يجذبك فيلم Hell or High Water أو (جحيم أو موج عالي) الذي أخرجه ديفيد ماكنزي عندما تعلم أنه اختار الممثل كريس باين ليشارك في بطولته، خصوصا وأنه يجسد الدور المناقض تماما لشخصية كابتن كيرك في فيلم Star Trek، فبدلا عن كونه يصدر الأوامر، فهو يقع في مواقف لا يمكنه السيطرة عليها، بتأديته دور سارق بنوك.

ويلعب الممثل بين فوستر دور شقيقه وشريكه في جرائم السرقة، ويظهر الفيلم العلاقة المميزة التي تربطهما، بالإضافة إلى الدور الصغير والمؤثر لحارس تكساس الذي يتعقب الأخوين، والذي جسده ببراعة الممثل جيف بريدجز. فإذا كنت من محبي فيلم No Country for Old Men لا تفوت مشاهدة هذا الفيلم.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

8- Hello, My Name is Doris

يؤكد فيلم Hello, My Name is Doris أو (أهلا، اسمي دوريس) على أن المتقدمين في العمر يمكنهم أن يقعوا في الحب أيضا. وتلعب الممثلة سالي فيلد دور دوريس وهي امرأة غريبة الأطوار لديها شخص معجبة به بشدة وتراقبه في صمت.

واختار المخرج مايكل شوالتر الممثل ماكس جرينفيلد ليجسد دور جون، زميل دوريس في العمل وهو الشاب المرح الذي تقع في حبه دوريس، ويحولها إلى شخصية سخيفة تنتظر نصائح عاطفية من أحد المراهقين ما يستحق شفقة المشاهدين وتعاطفهم.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

9- Jackie

قد تفوز ناتالي بورتمان بالأوسكار عن دورها في هذا الفيلم، أو لا تفوز، لكن ذلك غير مهم إطلاقا، فإن فيلم Jackie أو (جاكي)، ليس فيلما حول حقائق تاريخية معروفة، إنما عن عالم غير أخلاقي.

وتدور أحداث الفيلم عن أسبوع توقفت فيه المكائد اليومية والتهمتها فاجعة أمريكية باغتيال الرئيس جون ف. كينيدي، والتي كانت فاجعة شخصية أيضًا.

وما جعل آداء بورتمان مقنع للغاية، هو تجسيدها للسيدة الأولى جاكلين كينيدي الأكثر سحرا في التاريخ الأمريكي الحديث، بتأنقها وصوتها ودموعها، ثم يملأ هذه الشخصية الحزن والغضب الدائم، بعد اغتيال زوجها. وبرع المخرج بابلو لاراين في صنع فيلم جذاب يمس المشاعر.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

10- Julieta

من قد يخطر بباله الجمع بين ثلاث قصص مختلفة للكاتبة الأسترالية أليس مونرو ليجعلهم ميلودراما واحدة بغير خط زمني محدد، هذا هو ما فعله المخرج بيدرو ألمودوفار، وبذلك قد يكون أصلح فيلمه الأخير في 2013 I’m so Excited.

ويشبه فيلم Julieta أو (جوليتا) الأعمال العظيمة للمخرجين التي تخلد أسماءهم، ففي هذا العمل تجسد جوليتا كل من الممثلة أدريانا أوجارت في فترة شبابها، ثم الممثلة إيما سواريز في فترة تقدمها بالعمر، ومفتاح هذا العمل هو أن الممثلتين تلعبان دور جوليتا ولكن بشخصيتين مختلفتين. وعلى رغم جرعة الميلودراما القوية للفيلم إلا أنه غير مفتقر للحس الفكاهي.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

11- The Lobster

قد يصاب مشاهدو فيلم The Lobster أو (السلطعون) من إخراج اليوناني يورجوس لانثيموس، بيأس شديد ويجدون أنفسهم في عالم يعمه الخراب، حيث تدور فكرة الفيلم الذي يتأمل في الحب على الطريقة الحديثة، حول إيجاد الشريك العاطفي وكيف أن ذلك مهم للبقاء على قيد الحياة.

وبحسب قانون هذه المدينة الأسطورية فإن أي فرد أعزب يتم ترحيله إلى فندق مخصص يمكث فيه لمدة 45 يوم فقط، ليجد شريكًا له، وإلَّا سيواجه مصيرا بتحويله إلى حيوان من اختياره ليطلق في البرية.

ويجسد الممثل كولن فاريل دور ديفيد الأرمل حديثا، الذي يواجه إحباطًا شديدًا في الفندق قبل تنفيذ قرار تحويله إلى سلطعون، وقرر المخاطرة بحياته والهرب من الفندق إلى الغابات حيث يقابل مجموعة من المنبوذين الذين اختاروا عدم التحول إلى حيوانات والعيش في معسكر خاص بهم باقي حياتهم، وهناك يقابل ديفيد فتاة أحلامه التي تجسد دورها الممثلة راتشيل ويز، ويقرران المخاطرة بحياتهما لإنقاذ علاقة حبهما الممنوعة بقوة القانون.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

12- Love & Friendship

حول الكاتب والمخرج وايت ستيلمان، مخرج فيلم The Last Days of Disco، أحد أقل قصص جين أوستن شهرة، إلى عمل سينمائي يدور حول المرأة ومعاناتها في القرن الـ18.

وتجسد الممثلة كيت بيكنسيل دور المرأة الجميلة سوزان فيرنون، التي تقرر الانتقال إلى منطقة حضرية بعد وفاة زوجها، هربا من أحاديث الناس والشائعات، لتبحث عن رجل غني ومناسب لها ليرعاها وابنتها، وتسعى إلى ذلك بذكائها وقدراتها في التلاعب بمن حولها للحصول على ما تريد.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

13- Manchester by the Sea

لم يكن من المفاجئ استحواذ Manchester by the Sea أو (مانشستر عن طريق البحر)، من تأليف وإخراج كينيث لونرجان، على خمسة ترشيحات للجولدن جلوب منذ أيام، وذلك بالنظر إلى حجم الإشادة بالفيلم منذ وقت مبكر من هذا العام.

ويجسد الممثل كيسي أفليك دور لي تشاندلر، وهو رجل يلفه الحزن واليأس ثم يصبح مسؤولًا عن ابن أخيه بعد وفاة أخيه، وعلى رغم أن الفيلم يوفر جرعة كبيرة من الحزن على العائلة، والمعاناة مع إدمان الكحول، بالإضافة إلى درجة البرودة القاسية في ولاية ماساتشوستس، إلا أنه أيضا يوفر مساحة من الكوميديا السوداء، خصوصًا من ابن الأخ الذي يجسد دوره لوكاس هيدجز.

وقد يؤخذ على الفيلم أن العنصر الأنثوي فيه كان يتطلب تطويرا أكثر، حيث اقتصر دور الأنثى فيه على الشخصيات المدمرة والهيستيرية.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

14- Moonlight

يحكي فيلم Moonlight  أو (ضوء القمر) قصة خاصة جدا لمعاناة طفل ذي بشرة سمراء، يحاول النجاة بعد سنوات من الظلم والرفض والإقصاء.

واختار مخرج ومؤلف العمل باري جينكنز الممثل أشتون ساندرز لتأدية الشخصية المحورية في الفيلم وهو شيرون الذي ينشأ فقيرا مع والدته المدمنة على المخدرات، في إحدى أحياء مدينة ميامي الظالمة، ويحاول الولد البحث عن شيء من العدالة غير الموجودة، ما يدفعه إلى الصمت، ليكبر شيرون وينتقل إلى مرحلة الشباب ولكن جسده وعقله متشبعان بالظلم والإقصاء.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

15- Neighbors 2: Sorority Rising

بالتأكيد من الصعب العيش في منزلك وفي الشقة المجاورة رابطة كاملة يكونها مجموعة من الشباب والفتيات، وخصوصا إذا كنت وزوجتك تبدآن حياة جديدة مع طفلكما الأول. ولكن هذه الفكرة هي التي تدور حولها أحداث فيلم Neighbors 2: Sorority Rising أو (جيران 2: صعود نادي الفتيات).

وكما جمع الجزء الأول من الفيلم عام 2015 بين الثلاثي الكوميدي زاك إفرون وسيث روجان وروز بيرن، فإن الجزء الثاني يستعرض رحلة الثنائي روجان وبيرن مع الرابطة التي تسكن بجوارهما وترأسها كل من الممثلات كلوي جريس مورتز وكيرسي كليمونز وبينيه فيلدتشين.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

16- Nocturnal Animals

يعتبر فيلم Nocturnal Animals أو (حيوانات ليلية)، هو الفيلم الأول للمصمم الذي أصبح مخرجا توم فورد بعد فيلمه الأخير عام 2009 بعنوان A Single Man.

وهو فيلم دراما نفسية قد يُفقد الجمهور أعصابهم، وتجمع بطولته بين كل من إيمي آدامز وجيك جيلنهال ومايكل شانون وإيسلا فيشر.  ويعتمد الفيلم على منظور مشاهديه للحياة، حيث يقدم لهم قصة مزدوجة، الأولى عن صاحبة معرض فني من لوس أنجلوس (آدامز) كئيبة ويملؤها الندم، أما القصة الأخرى فهي الرواية التي كتبها زوجها السابق (جيلنهال) والتي تفضي في نهايتها إلى الانتقام أو الخلاص.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

17- Other People

يكشف لنا فيلم Other People أو (أناس آخرون) لمخرجه ومؤلفه كريس كيلي ثلاث نقاط مهمة أولها أن الممثلة مولي شانون المعروفة بالكوميديا خصوصا في برنامج SNL، قادرة أيضا على القيام بدور درامي قوي وصعب، ففي هذا الفيلم تجسد مشاعر مدمرة للغاية عن أم تحتضر بسبب السرطان. بالإضافة إلى الدور المحوري للابن ديفيد (جيسي بليمونز) المثلي الذي انفصل عن صديقه مؤخرا ويحاول الاستعداد لفقدان أمه.

والاكتشاف الثاني لهذا العمل هو أن الأفلام التي تحكي عن المعاناة مع السرطان كئيبة وحزينة ولكن هذا الفيلم هو أيضا فكاهي ومضحك.

وأخيرًا أن أغنية فرقة Train أو (قطار) التي أطلقت عام 2001 بعنوان Drops of Jupiter أو (قطرات من كوكب المشترى) يمكنها تحريك المشاعر إذا ما وضعت في سياقها الصحيح.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

18- Sing Street

يقدم لنا في هذه المرة مخرج فيلم (Once) الغنائي عام 2007 جون كارني فيلما موسيقيا آخر تدور أحداثه في العاصمة الأيرلندية دبلن حول رجل يهيم في الحب عام 1985، فكيف يمكنه الحصول على الفتاة؟ عن طريق تشكيل فرقة غنائية، ثم يحاول بعدها أن يصبح موسيقيا.

فإذا كان بإمكان العملاقين الكاتب كاميرون كرو والراحل جون هيوز التعاون مع بعضهما في فيلم واحد لكان هذا الفيلم Sing Street أو (شارع الغناء).

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

19- 10 Cloverfield Lane

إذا كنت أحد عشاق الكاتب والمخرج ج.ج. أبراهام (Lost, Alias, Super 8)، أو أحد عشاق الممثل جون جودمان، فإنك بالتأكيد ستحب مشاهدة فيلم 10 Cloverfield Lane أو (10 ممر كلافرفيلد).

فأبراهام منتج هذا الفيلم هو نفسه الذي أنتج فيلما عن احتلال الكائنات الفضائية للأرض عام 2008 بعنوان Cloverfield، ويقول المنتج أن فيلمه الجديد كان عنوانه الأول The Cellar أو (القبو)، وأكد أن الفيلمين لا علاقة لهما ببعضهما بعضا، سوى أنها أفلام دموية.

وتدور أحداث الفيلم في إطار دراما رعب نفسية يلعب فيها جودمان دور هاوارد وهو رجل وحيد متجهم بنى قبوًا بعيدا عن سطح الأرض ليحتمي فيه من أي هجمات قادمة من المريخ، ويتبين له أن هناك هجوما بالفعل، ينقذ منه ميشيل وهي الفتاة التي برعت في تجسيد دورها الممثلة ماري إليزابيث وينستيد، التي تصحو بعد حادث سيارة عادي لتجد أنها في القبو مع هاوارد وتقرر الهرب لتتأكد من حديثه عن الهجوم الفضائي.

ما يجعل هذا الفيلم يستحق المشاهدة هو عدم توضيح المخرج دان تراشتبيرج الحقائق كاملة، حيث يظهر للمشاهد دليلا بين الحين والآخر برويّة.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

20- Weiner

Weiner أو (وينر) هو فيلم وثائقي يعرض الحملة الانتخابية لمرشح حاكم نيوورك عام 2013 أنتوني وينر، وفي لعبة السياسة هناك بندول ساعة إما أن يتحرك باتجاه الفوز أو باتجاه الإهانة، وفي حملة وينر يتحرك البندول باتجاه الإهانة التي تترك أثرا لا يمحى على جانب عينه.

ويعرض الوثائقي مدى تشابه وينر مع العامة من الناس فهو موصوم بعلامة في وجهه وطموح ومدمن على الجنس، يتوق بيأس إلى الخلاص. تحكي معظم الأفلام الوثائقية عن أحداث جسيمة وقعت لكن صناع هذا الفيلم جوش كريجمان وإليز ستينبيرج منحوا المشاهدين منظورا مذهلا للحياة من خلال أنتوني وينر.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

21- The Witch

قد يشكو البعض من أن فيلم The Witch أو (الساحرة) ليس فيلم رعب، لكن هذه كذبة تحتمل المجاملة، فالفيلم مخيف وأكثر ذكاءً من أفلام أخرى مشابهة مثل Paranormal Activity أو (ظاهرة الرعب)، بل وأكثر إثارة للحيرة والإزعاج. وحتى تكون المقارنة عادلة فيمكن مقارنة هذا الفيلم بـ The Exorcist أو (التعويذة).

ويمكن لهذا الفيلم أن يكون عظيما حتى إذا لم يكن يحكي عن ساحرات شريرات للغاية، وذلك لأنه يسحبك إلى رعب الحياة الكولونيالية للمتشددين في نيو إنجلاند. وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه وألفه روبرت إيجرز حول أسرة في القرن الـ17 تمزقها التعاويذ والسحر الأسود.

للمزيد عن الفيلم يمكنك الاطلاع على رابط IMDb من هنا.

The post مترجم: أفضل 21 فيلمًا في 2016 appeared first on ساسة بوست.

سيدة اللوبي الأمريكي.. عرض لفيلم «Miss Sloane»

$
0
0

في دهاليز عالم جماعات الضغط وشركات «اللوبي – Lobbying» الأمريكية التي تملأ العاصمة واشنطن على مقربة من كابيتول هيل، مقر المجلس التشريعي الأمريكي بحجرتيه، الكونجرس ومجلس الشيوخ، تدور أحداث فيلم «السيدة سلون -Miss Sloane» من بطولة النجمة التي رشحت للأوسكار مرتين «جيسيكا شاستين»، وإخراج الإنجليزي المخضرم «جون مادن» الذي سبق وقدم الفيلم التاريخي، والرومانسي الحائز على سبعة جوائز أوسكار Shakespeare in Love عام 1998.

وبنفس الإيقاع السريع والموتر والمحفز لأعمال سياسية من نوع «House of Cards» (بطولة كيفين سبيسي)، و«Charlie Wilson’s War» (بطولة توم هانكس)؛ تدور أحداث الفيلم، الذي يحكي قصة إليزابيث سلون، موظفة كبيرة في إحدى شركات الضغط السياسي الكبرى في واشنطن، تدير فريق من ألمع المحللين الشباب من أجل هدف واحد، فوز القضايا السياسية التي تسند إليها مهما كانت الظروف. يبدأ الفيلم بسلون وفريقها يعملون من أجل مساعدة سيناتور على تخفيض الضريبة الجمركية المفروضة على زيوت النخل المستوردة من إندونيسيا، كان من الواضح أن السيناتور مرتشٍ، وأنه يعمل تحت أجندة خاصة يمولها كبار موردي الزيت الإندونيسيين. إلا أن سلون وفريقها وشركتها لا تردعهم أي موانع أخلاقية، كل هدفهم الفوز، واستباق الخصم، وأن يكون لديهم دائمًا عنصر المفاجأة، وألا يسمحوا لخصومهم بمفاجأتهم.

كثير من القسوة وقليل من النوم

يتمحور الفيلم حول شخصية سلون نفسها، السيدة الأربعينية حادة الملامح، العصبية على الدوام، شديدة الذكاء، وواسعة المعرفة، وعديمة الرحمة، لا تنام إلا نادرًا، وتبتلع أقراصًا دوائية طول الوقت لتساعدها على البقاء متيقظة، تنهي ساعات عملها الطويلة في المكتب، ثم تتجه إلى المنزل فقط لتغيير ملابسها، ترتدي فستانًا أنيق، وتتوجه لأقرب مناسبة اجتماعية يحضرها رجال الكونجرس، والسيناتورز، وأركان الإدارة الأمريكية، والآخرون من النافذين، وذوي السلطة والمال في واشنطن، تتجول بحرية وسط هؤلاء، وتوسع شبكة معارفها دون توقف، وتمد أذرعتها العنكبوتية في كل ركن من أركان عالم السياسة، والمال.

وسلون شخصية وحيدة بلا زوج، أو صديق، أو أبناء، أو والدين، تعيش في شقة صغيرة، ومن حين لآخر تضاجع رجالًا لا تعرفهم في غرفة تستأجرها بفندق بعيد. فقط من أجل الجنس، ليس لديها وقت للحب أو العلاقات أو العواطف، كل شيء حولها تصفه بأنه «مورد – Resource»، وأن عليها استخدام جميع الموارد المتاحة حولها من أجل هدف واحد، الفوز.

يدعوها مديرها جورج دابونت (يؤدي الدور سام ووترستون) إلى اجتماع مهم قضى شهورًا طويلة من أجل إتمامه، يجلسان في حجرة الاجتماعات الكبرى في الشركة مع واحد من أهم رجال الكابيتول، رجل الكونجرس بوب سانفورد (يؤدي الدور شاك شاماتا)، الذي يود التعاقد مع شركة دابونت من أجل هدف محدد، القضاء على مشروع قانون داخل الكونجرس يهدف لتقنين حق امتلاك الأسلحة.

ومن المعروف أن هناك جدلًا منذ سنوات في الولايات المتحدة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إذ يؤيد الحزب الجمهوري الحق لأي شخص في امتلاك سلاح بناءً على التعديل الثاني في الدستور الأمريكي، الذي ينص على «حق الشعب في الاحتفاظ وحمل السلاح، لا يجوز انتهاكه»، بينما يرى الحزب الديمقراطي أن ذلك الهدف لم يعد ضروريًّا، وأن الزمن تغير، وأن هذا الحق سمح لمعتوهين وعنصريين وعاطلين وإرهابيين بالحصول على سلاح، وارتكاب جرائم مريعة داخل المجتمع الأمريكي، وأنه من الأفضل تعديل (هذا التعديل) ووضع قانون أكثر صرامة مع الحق في امتلاك سلاح.

رجل قوي وفكرة غبية

يرغب بوب سانفورد في شن حملة تستهدف سيدات أمريكا، وإقناعهن أن امتلاك السلاح في صالحهن، وليس العكس. ولم يكد سانفورد ينتهي من عرض قضيته أمام سلون حتى انفجرت الأخيرة في نوبة ضحك عصبية، وكادت تصف الرجل بالأحمق، وأوضحت له أن طلبه ذلك لا يمكن أن يتم، السيدات لا تفكرن بهذا الشكل السطحي، وأن عقودًا طويلة مورس فيها العنف ضد المرأة، وكانت هي ضحية رئيسية لحق حمل السلاح، لن يمكن إلغاء تأثيرها بحملة علاقات عامة غبية كالتي يقترحها.

ينتهي الاجتماع الكارثي وسط فورة غضب تصيب مدير سلون، ويتهمها بالغرور والتكبر، إلا أنها تقابل ثورته بهدوء جليدي، وتخبره بعدم اقتناع أنها ستفكر في زاوية أخرى لإتمام الأمر، لكن حملة النساء بلا شك لن تنجح.

بعد ذلك بغير كثير، يقابل سلون مدير شركة ضغط سياسي منافسة تعمل مع المعسكر الآخر، مع رجال الكونجرس التقدميين الذين يريدون تعديل نص الدستور الأمريكي من أجل تقنين الحصول على السلاح. يستطيع «رودولفو شميت» (يؤدي الدور مارك سترونج) إقناع سلون بترك شركتها والعمل لحسابه، ببساطة شديدة استطاع إقناعها بأن بإمكانها تحقيق الفوز إذا ما انضمت إلى معسكره.

الانضمام لمعسكر العدو

وهنا تنطلق البداية الحقيقية للفيلم، ساعتان و12 دقيقة، من التخطيط الإستراتيجي عالي المستوى من أجل هزيمة المعسكر الآخر. تبدأ سلون خطتها بإعلان استقالتها من شركة دابونت، وتعرض على جميع أفراد فريقها فرصة الانضمام معها لشركة شميت، يتحمس أغلب أعضاء الفريق، بينما ترفض صديقتها المقربة جين مولوي (يؤدي دورها أليسون بيل) العرض وسط دهشة واستنكار سلون.

بقسوة بالغة وبقلب لا يرحم، تستغل سلون إحدى عضوات فريقها كورقة ضغط رابحة. تعلم أن إيسمي مانوشاريان (تؤدي الدور جوجو ماباثارو) هي ناجية لمذبحة وقعت في مدرسة ثانوية أمريكية بالتسعينات، ورغم أن إيسمي قد أخفت هذا السر عن الجميع حتى تحافظ على موضوعيتها ومهنيتها، إلا أنه وأثناء مناظرة تليفزيونية على الهواء مباشرة، بين سلون، وممثل للمعسكر الآخر المؤيد لحق امتلاك السلاح دون شرط، تشير سلون إلى إيسمي التي كانت تقف وراء الكاميرات دون وعي بمخطط سلون. تنظر الأخيرة إلى الكاميرا حيث يتابعها عشرات الملايين من الأمريكيين وتخبرهم أن عليهم الوقوف ضد سقوط المزيد من الضحايا، مثل أصدقاء إيسمي التي شهدت مذبحة بأم عينيها، كنتيجة هذا الحق المطلق لامتلاك السلاح. تتجه الكاميرات نحو إيسمي المذهولة لاختراق خصوصيتها وأسرارها على هذا النحو.

الموازين لا تستقر على حال

يشعر المعسكر المضاد بالخطر بعدما نجحت سلون في حشد الرأي العام لصالح «تقييد حق السلاح»، إلا أن حدثًا عرضيًّا يقلب الموازين، تتعرض إيسمي لمحاولة قتل من شخص غاضب، ينقذها منها في اللحظة الأخيرة مواطن كان مارًا بالصدفة، وبالصدفة أيضًا كان يحمل سلاحًا، يقتل المواطن ذلك الرجل الذي كان يصوب مسدسه لرأس إيسمي، وخلال عشية وضحاها، يصبح ذلك المواطن نجمًا تليفزيونيًّا، ومثالًا للمواطن الواعي بحقوق حمل واستعمال السلاح. ويستخدم المعسكر المضاد لسلون قضيتها ضدها، لولا حقوق حمل السلاح، لكانت إيسمي في عداد الموتى.

تدور رحى الحرب في فيلم السيدة سلون بلا توقف بين المعسكرين، وتحمل المشاهد على تيار من المفاجآت التي لا تنتهي، والمؤامرات التي لا تنفك تغزل، وحين يشعر المتفرج أنه نجح في فك عقدتها، يتم حبك مؤامرة أخرى، وخصوصًا مع محاولة معسكر دابونت الضرب في شخصية سلون نفسها، وإقناع لجنة تحقيق من الكونجرس أنها تستخدم وسائل غير مشروعة في عملها، سواء تسهيل الرشاوي، أو التجسس بدون موافقات قضائية، أو إدمان المواد المنشطة الممنوعة.

وهكذا لأكثر من ساعتين من المتعة يجد المشاهد نفسه مع واحد من أفضل أفلام العام الحالي، ومع أداء واحدة من أفضل الشخصيات التي قدمت هذا العام أيضًا على يد الممثلة «جيسيكا شاستين» التي استطاعت التغلب على نفسها هذه المرة، وقدمت أداءً يضارع ذلك التي تألقت فيه من قبل مع الفيلم المستند على أحداث حقيقية «Zero Dark Thirty» عبر دورها كعميلة استخبارات تستطيع كشف موقع أسامة بن لادن؛ تمهيدًا لتصفيته.

اللافت للنظر أن سيناريو «السيدة سلون» هو العمل الأول للكاتب جوناثان بيريرا، ما يؤشر بمولد نجم كبير ذي مستقبل واعد في كتابة الدارما السينمائية المليئة بحبكة، وتشويق ذي مذاق مختلف شديد الاحترافية.

The post سيدة اللوبي الأمريكي.. عرض لفيلم «Miss Sloane» appeared first on ساسة بوست.

فيلم Genius» 2016»: الأب والابن.. والكتابة

$
0
0

عابرون متشابهون، يسيّرهم الموت بالرتابة البطيئة لقطيع من المظلات والقبعات والمعاطف. تنبعث الموسيقى الجنائزية ممتزجة بصوت الصقور من أرواحهم كأنها صدى داخلي لخطواتهم الثقيلة فوق الأرض الغارقة. هو ليس مثلهم، لا يرتدي قبعة ولا يحمي رأسه بمظلة. لا يريد أن يكون مثل كل هؤلاء الذين أسقطهم المطر الغزير من السماء. لا يريد أن يشارك في هذه الجنازة الجماعية؛ ربما لأنها جنازته هو وقد بدأت مبكرًا دون أن ينتبه، أو ربما كان يعرف هذا ولذلك يرغب في الحصول على النجاة المقيمة وراء النافذة المرتفعة لدار نشر (أبناء تشارلز سكريبنر، نيويورك). ينظر لأعلى برجاءٍ مبتل تمامًا حيث يجلس الإله (الأب) بصلابته الحاسمة، ليصوّب أخطاء طالبي الغفران. يُبادل المخرج (مايكل غراندج) بين النطاقين البصريين المتضادين: الكاتب (الابن) في الأسفل لا يمشي مثل بقية السائرين بل يضرب ماء الشارع بقدميه كأنما يطرق باب الغيب. يتودد إلى القدر كي يتحرّك مع إيقاعات أحلامه، بينما المحرر الأدبي في الأعلى منهمك في تنظيم حياة ما من الكلمات. برودة الشارع المزدحم مقابل دفء العزلة لحجرة دار النشر، صوت المطر والرعد مقابل السكون، تبادل لا يكوّن مشهدًا واحدًا ممتدًا من المراوحة بين هذا وذاك، وإنما هو تجسيد للتوتر الكامن داخل استفهامك الشخصي المحتمل عن المشيئة المجهولة.

(ماكس بيركنز) ـ قام بدوره (كولين فيرث) ـ يتحوّل انتظارك لرؤية ابتسامته أو ضحكته إلى أمنية صعبة تتحقق في لحظات نادرة فتصبح حدثًا لافتًا. تتحجّر في عينيه نظرة جامدة لخيبة أمل مبهمة كأنها هوية النظر إلى العالم، لا يمكن اقتلاعها من باطنه. يقرأ مخطوط (توماس وولف) ـ قام بدوره (جود لو) ـ كأنما عثر فجأة على مرآته الضائعة. تعبيرات جامحة لا تنتمي إلى رواية (وولف) بقدر ما كان ماضي (بيركنز) هو الذي يتكلم بعد أن استرد صوته. كأن تعاقب السطور يضيء ظلام الجرح القديم الذي يُبقي المحرر الأدبي شاردًا، غريبًا عن زوجته وبناته، الذي لا تشغل حياته بينهن أكثر من الخطوات الصامتة التي تقطعها خطواته المكتومة داخل متاهة الأبواب والسلالم والحجرات حتى يصل إلى ركن صغير يصلح للانكماش، ولمواصلة القراءة التي لم تتوقف أثناء الجلوس والمشي، والصعود والنزول، والدخول والخروج. لم يكن يقرأ عبارة (إنه الموت في الحياة الذي يحوّل الرجال إلى أحجار) في المخطوط الذي بين يديه، بل كان يعيشها. كانت نسخته الأصغر (الابن) تكلمه من خلال الرواية، ولهذا سنشاهد ابتسامته المندهشة، والممتنة بعد الانتهاء من قراءة (أيها الملاك تطلع باتجاه بيتك).

يقوم فيلم (Genius) على الصراع بين الإله الذي ينتظره القطار دائمًا، والإنسان الذي يكتب وصفًا طويلًا لانتظار مجيء القطار. الصراع الذي تؤلفه أشكال عديدة من الصدام: السيرة الذاتية في مواجهة القص، الطيش الشهواني للغة في مواجهة صياغة الأفكار الكبيرة بأقل الكلمات، أن تكون أخطبوطًا كبيرًا تقبض أذرعته على كل شيء، في مواجهة أن تكون رب أسرة، يعتني بأطفاله، ويوفر احتياجات عائلته.

لكنه الصراع الذي لا يسير في اتجاه واحد، بل يتأرجح طوال الوقت بين الوتيرة التقليدية ونقيضها؛ فالإله يحلم بالجموح بينما يمارس الإخضاع للنظام. الإنسان يريد الأمان المستقر في القواعد وهو يجاهد لمقاومتها. يسعى الأب لاستعادة ذاته السابقة عبر الابن ثم تحويله إلى نسخة امتدادية له، ويسعى الابن لاستعادة الأب الذي فقده في صورة أخرى ثم التحرر منه.

يتحوّل جسد (توماس وولف) الفائض بالاندفاعات الاستعراضية إلى مسودات لا تنتهي من العبارات المتوترة، المرتبكة، التي تحاول حياته أن تقهر الغفلة بواسطتها. أن تصبح الأوراق المكدسة أذرعًا لذلك الأخطبوط الذي يريد أن يكونه حيث لكل تفصيلة ـ مهما كانت ـ مبررها واختلافها عن التفاصيل الأخرى. هناك أشخاص في الدنيا يفكرون هكذا، لكن المحاذير الاعتيادية ستقطع هذه الأذرع قبل أن تتحرك حتى إن الأحمر لن يبدو كلون الرفض في قلم (ماكس بيركنز) بقدر ما هو اللون الطبيعي لدماء الرواية الناجمة عن بتر الكلمات والفقرات؛ دماء (توماس وولف) نفسه. بعد استمتاع حقيقي بقراءة (الكتابة الخاطئة) يحذف (بيركنز) كل ما يراه حشوًا بلاغيًا من التأملات الزائدة، وشطحات الخيال، والاستطرادات الوصفية، والمبالغات العاطفية للمجاز. ينتصر للجزء الضئيل من الجبل الجليدي رغم صرخات ذلك الذي يريد كشف الجبل كاملًا. يحمي الدلالة التي ينتهكها التمادي في الاسترسال والاستغراق في إعطاء المعلومات، دون أن تعطله آلام الكاره لرؤية الكلمات تضيع سدى. يرد الهيبة إلى المنطق الواضح على حساب الزخرفة النثرية للكاتب الغاضب، الذي يشكر الرب أن (تولستوي) لم يقابل مصاص الدماء هذا، وإلا لحصلت البشرية على الرواية العظيمة (الحرب ولا شيء). كأن (بيركنز) يعيد بـ(التكثيف والبساطة) قطع أذرعته هو التي نُزعت من جسده في الماضي. ستطفو هذه الذاكرة في عينيه المرتعشتين، وملامحه المتحسّرة، وأنفاسه المثقلة ببكاء مخنوق وهو يقرأ: (حينما سقط.. صوت قلبه المنكسر لم يكن سوى صمت، ولكن حياته قد تحطمت). الحرب الخالدة بين اللذة (معاندة التماسك) والضرورة (الحبكة الواقعية) التي يخوضها كل منهما ضد نفسه وضد الآخر.

يصحح (توماس وولف) مخطوطه ـ أو يكيّفه بحسب إرادة (ماكس بيركنز) ـ أثناء سيره في الشوارع كأنما يحوّله إلى حياة عادية. كأن هذا التصويب هو ما يتعيّن على البشر أن يقوموا به دائمًا، أو أن هذا الفعل هو ما يؤدونه داخل أعماقهم في كل لحظة، وكان على طفل خائف مثله أن يؤكد ذلك بوضوح. طفل يتيم، بلا أصدقاء، يتوسل للطمأنينة الغائبة بالاستمرار الجنوني في الكتابة، كأنه يحاول اللحاق بصوت شيطان مرعوب في رأسه يخشى نسيان أي شيء. هذا الشيطان ليس إلا روح الأخطبوط الذي يرغب في إنقاذ الماضي بالسيطرة عليه كليًا داخل المفردات المترنحة. يكتب طوال الوقت كممسوس شبق، يضاجع الأوراق بقلمه، ويطارده السهو والفناء، بين التعلق بأمٍ في هيئة عشيقة تكبره في العمر (ألين بيرنستين) ـ تقوم بدورها (نيكول كيدمان) ـ والهروب من عبوديته لها، وبين التعلق بأبٍ في هيئة محرر أدبي والتخلص من هيمنته. الأم التي تحتاجه لأنه يحمل الحياة التي تجعلك تفعل أمورًا ما كنت ستفعلها، وحينما يتخلى عنك لن تشعر بمتعة الحياة ثانية، والأب الذي يريده أن يكون أثره الخاص في الزمن، أن يعطيه الخلود الذي لا تستطيع بناته أن تمنحه له.

يحاول (توماس وولف) أن يخطو بـ(ماكس بيركنز) إلى الإلهام الذي يقوده أملًا في أن يخلق لديه ذلك الفهم أو الاستيعاب للجوهر الموسيقي الذي يبتغي الحفاظ عليه في روايته، ويُصر المحرر الأدبي على تبديد إيقاعاته ودرجاته اللونية. يصحبه للاستماع إلى (الجاز)، وهناك سيبدأ الانضباط الصارم لذلك المتزمت الذي لا يهتم بالموسيقى في التفكك تدريجيًا مع النشوة التي حوّلت الراحة والألفة في أغنيته المفضلة إلى ثمالة راقصة. ينفلت الطائش المدفون بداخله للحظات قصيرة من المرح الاستثنائي (سحقًا للنماذج المعيارية، سحقًا لـ«فلوبير» و«هنري جيمس». لتكن مبدعًا، أضِئ دربًا جديدًا). ستذكرنا الضربات المتصاعدة لقدميه فوق الأرض مع الموسيقى بضربات قدمي الكاتب فوق أرض الشارع وهو ينظر إلى نافذة دار النشر في بداية الفيلم. لكن (بيركنز) سيترك (وولف) الذي لا يعرف متى يتوقف ليلهو مع فتاتين على البار، ويعود وحده إلى المخطوط مستردًا صلابته المتحسرة حيث لن يفصل المخرج (مايكل غراندج) بين تتابع اللقطات التي تدور في فضائين مختلفين. سيجعل موسيقى الجاز تتواصل بينما يُبادل بين الانسجام الملتذ للكاتب مع الفتاتين على الإيقاع الراقص، والعزلة المغلقة، شبه المظلمة للمحرر الأدبي وهو يقرأ الرواية في حجرة بيته. كأن السعادة الحسية الجامحة لـ(وولف) مع الفتاتين والموسيقى لا تتم في مكان آخر بل داخل (بيركنز)، وهو ما سيدفعه لانتقام ـ من ألم ذاتي قبل أن يكون من الكاتب وعبر جسده اللغوي ـ يتمثّل في خط أحمر يحذف بتجهمه الحاد فقرة طويلة داخل المخطوط. ربما من الضروري مقارنة هذا التبادل بين (وولف) في الحانة و(بيركنز) في بيته بالتبادل الافتتاحي بين الكاتب الواقف تحت المطر وينظر لأعلى، والمحرر الجالس داخل السكينة الدافئة لحجرة تصويب الأخطاء.

قبل صدور (عن الوقت والنهر) سيشكّل إهداء الرواية لحظة من الاعتراف المزدوج. يكتب (توماس وولف) في مقدمة الكتاب سطورًا من الامتنان لمحرره الذي ساهمت شجاعته ونزاهته في نشر الرواية، بينما يؤمن (ماكس بيركنز) بأن المحرر يجدر به أن يبقى مجهولًا؛ فهو الذي يخاف دومًا من كونه شخصًا يشوّه كتب الآخرين، يغيّر مصائرها، دون أن يعرف ـ ولهذا لا ينعم المحررون بالنوم ـ هل يجعل الكتاب أفضل حقًا أم فقط يجعله مختلفًا؟

إذا كان الفقدان هو شبح (توماس وولف) فهو يسعى دائمًا لأن يسبقه بخطوة. يتخلى عما لديه قبل أن يضيع منه، مدركًا أن هذا التغييب الاستباقي هو ثمن الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يهجره وهو الكتابة. حتى لو أصبحت في عيون من يحبونك قاسيًا، ناكرًا، ومتجنيًا، ربما الكتابة هي وحدها التي تعرف أنك تحمل من الأسى ما لا يمكن تصوّره، وأن الفقد المتعمّد هو الطريقة المثالية لتحويل البشر إلى خيال طالما أن التخلي سيحدث حتمًا.

بالإمكان تفهم الدوافع والمغريات التي أنتجت حتمية وجود (سكوت فيتزجيرالد) ـ قام بدوره (جاي بيرس) – و(زلدا فيتزجيرالد) ـ قامت بدورها (فانيسا كيربي) ـ و(إيرنست همنجواي) ـ قام بدوره (دومينيك ويست)، ولكنني لا أستطيع تجاهل التفكير في أن طبيعة ظهورهم في الفيلم قد أوقعت هذا الوجود في الشحوب المألوف الذي ينجم عادة عن المرور المقتضب لشخصيات واقعية ومعروفة وسط أحداث لا تخصهم بشكل مباشر، لا سيما لو أن هذا الظهور كان من الممكن الاستغناء عنه أو تعويضه بحيل أخرى، وخصوصًا لو كان هذا الاستغناء سيجعل وجودهم أكثر عمقًا. أتصور أن هذا كان سيتحقق بالفعل لو تحولت هذه الشخصيات الثلاث إلى موضوعات للحوار الجدلي بين (توماس وولف) و(ماكس بيركنز). لو توجه التركيز على علاقتهم بالمحرر الأدبي كمادة كلامية في الصراع بينهما، وهو ما كان سيسمح بالتالي بتوظيفهم داخل مساحة أكبر من الخيال، الأمر الذي تقلص مع الحضور الباهت لأجسادهم. لا يمكنني تجاهل التفكير أيضًا في أن هذا الفيلم ينقصه الانشغال إلى حد ما ـ ودون تخريب الغموض ـ بماضي (ماكس بيركنز). ما الذي جعله محررًا أدبيًا؟ هل حاول من قبل أن يكتب نصه الخاص؟ كيف يرشد هذا الماضي إلى حياته نفسها ـ قبل تكوين الأسرة ـ خارج علاقته بمخطوطات الكتّاب؟ نفس الأمر ينطبق على (توماس وولف) وإن كان إنجاز ذلك سيتطلب حذرًا بالغًا، يشبه السيطرة على ومضات الضوء القليلة والمتناثرة التي لا تُعكر الضباب المنتشر فيما بين أحداث الفيلم، وصفحات الكتابة.

بعد جنازة (توماس وولف) تصل رسالته إلى (ماكس بيركنز) كأنها قادمة من قبره. يغلق (بيركنز) باب مكتبه قبل فتح الخطاب كأنه سيقابل (وولف) شخصيًا، ولا يريد أن يخدش لقاءهما أحد. يخلع قبعته للمرة الأولى كأنما حان الوقت لذلك ثم يبكي كل الدموع التي ظل يحبسها طوال الفيلم وهو يقرأ كلمات ابنه الميت إليه. الرسالة التي كتبها على سرير المستشفى بعد أن ضرب بقدمه مياه الشاطئ ثم سقط كأنما كان يتودد إلى الغيب كي يتحرّك الموت مع إيقاعات أحلامه.

إذا كان الأداء التمثيلي لـ(كولين فيرث)، و(جود لو) من البصمات الفريدة التي ستظل مستيقظة في ذاكرتي السينمائية، وإذا كان لابد أنني سأشير دائمًا إلى براعة اختيار المخرج المسرحي (مايكل غراندج) لممثل المسرح (جود لو) كي يؤدي شخصية الكاتب (توماس وولف) المتسم بالطبيعة المسرحية في كل مرة أتحدث خلالها عن هذا الفيلم؛ فإنني لن أنسى أبدًا اللحظة التي وضع فيها (توماس وولف) كفه فوق عينه بعد أن شعر بالألم المفاجئ عند الشاطئ، الألم الذي امتد في عينيه وملامحه وصوته قبل وقوعه على الرمال بدماغ مثقل بالأورام. أنا أعرف هذه اللحظة جيدًا. أعرف أنها مختلفة عن أي لحظات مشابهة حينما تباغت شخصًا مثل (توماس وولف) كما شاهدته طوال الساعة والأربع وثلاثين دقيقة والخمسين ثانية من أحداث الفيلم التي سبقت هذا المشهد. لحظة لا تخص المرض والموت فحسب بل تخص الكتابة أيضًا. تنتمي إلى الحافة التي يقف عندها كل كاتب يقف تحت المطر وينظر لأعلى. النبوءة التي يحملها، وهو يحاول الهروب من الجنازات الجماعية.

The post فيلم Genius» 2016»: الأب والابن.. والكتابة appeared first on ساسة بوست.

ماضٍ من الهدايا.. عرض لفيلم «A Present from The Past»

$
0
0

في فيلم «A Present from The Past» تقرر كوثر أن تحتفل بعيد ميلاد والدها الـ77 بطريقة مختلفة. منذ 33 عامًا أحب والدها مختار، الأستاذ الجامعي، فتاة إيطالية تدعى باتريزيا، وكان وقتها يحاضر في الأكاديمية المصرية للفنون بروما، في تخصص فنون الأطفال، وهناك تعرف على فتاة أحلامه باتريزيا، وجمعته بها قصة حب عميقة، تبادلا خلالها خواتم الزواج، قبل أن يقرر فجأة العودة إلى القاهرة.

يترك مختار حبيبته باتريزيا، دون أن يحمل معه من أثرها سوى خاتم ومجموعة صور وقطعة ورق صغيرة، مكتوب عليها عنوانها، ولا يترك لها أي شيء من أثره في المقابل.

وقبل يوم عيد ميلاده بشهور قليلة، تحجز كوثر تذاكر طيران، وتدخل غرفة والدها فتجده مستلقيًا على فراشه يقرأ وبجانبه كومة كبيرة من الأوراق والكتب، يسند ساقيه على وسادة مرتفعة ليريح آلامًا مزمنة بظهره، تخبره أنها تحمل مفاجأة وتعطيه التذاكر المطبوعة.

وعلى مدى دقائق نراقب تعبيرات وجه الأب ولغة جسده وحواره مع ابنته، مشاعر عديدة تجيش في صدره عندما فهم أن ابنته تريده أن يسافر معها لروما للعثور على باتريزيا، الذكرى المطمورة بين ضلوعه.

A Present from the Past / ٢٠ سبتمبر – Trailer from Kawthar Younis on Vimeo.

مشاعر متناقضة تفسر لنا تردده في قبول هدية كوثر، فحينًا يبدو متحمسًا للغاية، وأوقاتًا ثانية يشعر بقلق مشوب بخوف، وأحيانًا ثالثة يشعر بغضب.

المفاجأة ليست من نصيب مختار فقط

المفاجأة الحقيقية تنتظر مشاهدي الفيلم، فكوثر ومختار ليسا ممثلين، بل هما ابنة وأبوها فعلًا، وكوثر هي طالبة في معهد السينما، ومختار أستاذ في المعهد نفسه!

تقرر كوثر تسجيل تفاصيل رحلتها مع أبيها إلى روما للبحث عن باتريزيا، لكن بشرط واحد؛ أن يتم كل ذلك بكاميرات خفية طوال الوقت لا يعلم والدها بأمرها، حتى تبدو ردود أفعاله وتصرفاته تلقائية، وهو ما نجحت كوثر في التقاطه بنجاح تام.

تستخدم كوثر كاميرا هاتف آيفون، وكاميرا حاسب نقال، ونظارة تحتوي كاميرا صغيرة، وذلك لتسجيل أحداث الفيلم المثير، ورغم أن كادرات الفيلم مهزوزة طوال الوقت، وليس هناك أي اتزان في تركيب الصور، بل في أحيانٍ كثيرة تسجل الكاميرا تفاصيل خارج الكادر، فتلتقط صورًا للأرض أو الجدران أو أصابع قدم والدها على سبيل المثال، إلا أن ذلك لم يكن مزعجًا للمشاهد، بل ربما أضاف للفيلم واقعية ومصداقية ونكهة تمزج المغامرة بالتشويق والترقب لما ستكشف عنه الكادرات القادمة.

رغم سنوات عمره الـ77، إلا أن مختار يمتلك روحًا شابة، وتعابير وجه بريئة، ونظرات متحمّسة. يردد أغاني أم كلثوم وعبد الحليم المنبعثة في حاسوب ابنته كوثر.

وتجمع بين مختار وابنته كوثر علاقة تبادلية لصيقة، تشعر خلالها أنها تقوم أحيانًا بدور الأم، ويقوم هو بدور الابن. ومن تفاصيل الفيلم تفهم أن مختار قد أنجب كوثر وشقيقتها وقد ناهز الخمسين من عمره، يبدو أنه قد تأخر كثيرًا في الارتباط، سواء مع حب حياته باتريزيا التي تعرف عليها وقد تجاوز الأربعين، أو مع زوجته الحالية التي يبدو أنه تزوجها بعد الخمسين. قد يكون السبب انشغاله البالغ بمسيرته المهنية، لقد أنشأ الرجل أول مركز عربي للأفلام العربية في السعودية عام 1972، وأنشأ نظيره المصري عام 1975.

تخبر كوثر والدتها بالمغامرة التي هي على وشك خوضها مع والدها، تحتفظ الأم الطيبة ذات الوجه المنير بابتسامتها، لكن يبدو على ملامحها وفي صوتها طيف من غيرة ومن قلق، تقول لكوثر: «خليه يسافر هي أكيد باتريزيا دي عجوزة دلوقتي، مش هاخاف عليه يعمل حاجة غلط، أنا موافقة والله».

«بتاع البطيخ»

تبدأ رحلة كوثر ومختار للحصول على تأشيرة دخول إيطاليا، وأثناء مشاويرهما الطويلة في السيارة لإنهاء الإجراءات بين السفارة والقنصلية ومعهد السينما، نستكشف أكثر عالم «كوثر/ مختار» الخاص، بمفرداته التي لا يعلمها أحد آخر، يعبر دكتور مختار عن غضبه من السيارات والأشخاص الذين يستخدمون الطريق بشكل متهور بطريقة طفولية للغاية، يضم أصابع كفه على هيئة «مسدس» يصوبه إليهم ويخرج من فمه صوتًا شبيهًا بالطلقة «بوف.. بوف». ثم يضحك، وتضحك كوثر معه. تشتهي كوثر المانجو، فيشتري لها مختار ويخبئ المانجو في السيارة ليتناولاها سويًا في هدوء. لا يعلق أبدًا على مظهرها أو ما ترتديه من ملابس، لكنه يسألها في مرة ضاحكًا: «لماذا لا ترتدين الحجاب مثل الأخريات؟»، ويمضي في الحديث عن أشياء أخرى وكأنه لا ينتظر إجابة. تطلب منه كوثر أن يبحث عن صور باتريزيا وعن الخاتم والورقة التي تحتوي على العنوان، فيسوِّف فعل كل ذلك وكأنه غير واثق أنهما سيسافران بالفعل، أو وكأنه غير متخيل قدرة ذلك على الحدوث فعلًا.

يحصلان أخيرًا على التأشيرة بصعوبة بعد أن كادا يفقدان الأمل في السفر، هنا فقط يبدأ مختار في البحث عن الخاتم والصور والورقة، يغرق في أكوام الورق والكتب القديمة والأدراج والصناديق التي تبدو بلا نهاية، لكنه يجد أشياء باتريزيا في النهاية، يبدو سعيدًا وكأنه وجد صندوقًا من «هدايا الماضي»، يمسك خطابات باتريزيا إليه، يقول لكوثر «كانت تطلق علي أميري، أميري المصري». «كنت وقتها أضع دائمًا عباءة على كتفي، كنت فعلًا أبدو كالأمير». تقرأ كوثر خطابًا عاطفيًا بينهما، حيث تختم باتريزيا رسالتها بكلمة مكررة ثلاث مرات وتحمل نغمًا موسيقيًا «تينك.. تينك.. تينك»، تفهم أن ذلك كلام مشفر بين أبيها وبين حبيبته القديمة. يقول لها إنه لم يكن يتكلم الإيطالية جيدًا، لذلك قام بتعليم باتريزيا اللغة الإنجليزية، تضحك كوثر وهي تسمعه يتكلم بإنجليزية مكسرة. وتضحك وهو يقرأ لها كلام باتريزيا المكتوب بإنجليزية مكسرة أيضًا «To Throw Kiss Shoulder سوف أضع قبلة على كتفك».

باتريزيا

يُؤجل مختار موعدًا بينه وبين وزير الثقافة لمناقشة مشروع عمره، «إنشاء معهد عالٍ لفنون الطفل»، ويودع زوجته وابنته الأخرى في المطار، ويتوجه مع كوثر إلى روما. يبدو شديد الحماس والسعادة وهو على متن الطائرة، يغني ويقوم بحركات طفولية بيديه، ويتكلم بالإنجليزية مخاطبًا باتريزيا، «باتريزيا أنا قادم». يقول لكوثر إن البحث عن باتريزيا هو واجب قومي، لأن هناك سمعة سيئة عن المصريين، أنهم يواعدون الإيطاليات ثم يرتكونهن، وهو يريد أن يثبت خطأ ذلك، الآن يعود إلى باتريزيا ليعيد لها خاتمها، وليضع نهاية ملائمة وكريمة لقصتهما.

وبعد أن يستقرا في الفندق تبدأ رحلة البحث عن باتريزيا، وعلى الرغم من سنه وآلام ظهره المزمنة، يبدو مختار نشيطًا خفيفًا، كشاب عصري وهو يرتدي «تي شيرتات» البولو والسراويل القصيرة والأحذية الرياضية. تصطحبه ابنته لزيارة «أكاديمية الفنون» مكان دراسته القديمة، ويبحثان عن زميلة قديمة اسمها «د. فاطمة» ليسألاها عن باتريزيا، يذهبان إلى عنوانها أخيرًا، ويفهمان أنها غيرت مكان إقامتها. يصاب مختار ببعض الإحباط، لكن الإحباط الحقيقي يتمكن منه عندما تعرف كوثر أن باتريزيا لا تقيم في روما، إنها تقيم في رومانيا! تبكي كوثر، ويرجع مختار لمشيته المنحنية، وتتفاقم آلام ظهره، ويبدو وقد أضيف لعمره الحقيقي 20 سنة أخرى.

فقاعة معلقة بخيط الذكريات

تبدو قصة «مختار/ باتريزيا» كقصة خيالية خارج خط الزمن المعتاد، شيء ضبابي غير قابل للتصديق، ويبدو مختار نفسه فاقدًا لنقطة ارتكاز عند تعامله مع مسألة باتريزيا، إنه يحبها، لكنه متزوج، إنه يحبها لكنه لم يعد إليها عندما كان بإمكانه ذلك، إنه يحبها، لكن العمر تقدم به وبها، إنه يحبها لكنها بالتأكيد قد مضت قدمًا في حياتها وربما تزوجت ولديها أولاد ولا محل له في حياتها الحالية، ماذا يريد مختار بالضبط؟ لا يبدو وكأن لديه إجابة واضحة. يبدو وكأنه يسبح وفقط في تيار من الذكريات التي لا يزال يربطها بالواقع خيط، لكنها كفقاعة شفافة تطير في الهواء بلا هدف واضح. وربما كان هذا هدف كوثر الرئيسي؛ أن تخلق لوالدها نقطة ارتكاز، أن يقابل باتريزيا ويفهم أن ما يجمعهما هو ذكريات وفقط، وأن عليهما تكريم تلك الذكريات وكفى، لا أكثر من ذلك ولا أقل، لا يوجد أكثر من ذلك يا دكتور مختار. إذن فلترجع من عالم أحلامك إلى واقع عالم الأرض.

هذه القصة الفاقدة لنقطة الارتكاز عكستها كوثر، مصورة ومخرجة فيلم «هدية من الماضي» من خلال أسلوب تصوير الفيلم، لا يوجد مركز، لا توجد بؤرة، لا يوجد Tri-pod يتم تثبيت الكاميرا عليه، يبدو كل شيء سائلًا. حتى في اللحظات التي تكون فيها كوثر بعيدة عن أبيها، وتعلم أنه لا يلاحظ التصوير، تصر على أن تستكمل التصوير بنفس الطريقة، وتترك الكاميرا تتحرك بحرية لتختار زوايا التصوير بنفسها. حتى بوستر الفيلم الرئيسي، يمثل صورة ضبابية Out-of-Focus لها ولأبيها، مؤكدة أن رحلتهما تنتمي لعالم الفانتازيا أكثر من انتمائها لعالم الواقع، حتى اسم الفيلم اختارت له عنوانًا باللغة الإنجليزية وليس العربية، في فانتازيا «مختار/ باتريزيا» لم يكن للغة العربية مكانٌ، كانت إنجليزيتهما الضبابية أيضًا هي القاسم المشترك الوحيد، فكان من الأنسب اختيار عنوانٍ إنجليزي.

وخلال ما تبقى من 78 دقيقة – مدة عرض «هدية من الماضي» – تمضي باقي أحداث الفيلم الممتع في تتبع عنوان باتريزيا وصولًا إلى روما، يتصاعد التشويق مع كل خطوة تقرب أو تبعد مختار عن لحظة لقاء حبيبته، انفعالات الرجل هي البطل الحقيقي للفيلم، لا يوجد موسيقى ولا توجد إضاءة ولا يوجد مكياج، فقط تعبيرات حقيقية مئة في المئة تعكس مشاعر هذا الرجل شفيف الروح في رحلة شوق لمقابلة الحبيبة. رحلة صوفية بامتياز للبحث عن الحب المطلق والمستحيل.

فيلم «هدية من الماضي» يضع المشاهد في مراجعة حقيقية مع النفس، تجعله يسأل ذاته «هل يا ترى أترك العمر يمضي دون أن أنتبه للأشياء الأكثر أهمية؟ الأشياء التي لا يمكن استرجاعها، حتى لو استطعت العثور عليها فيما بعد، لأن الوقت سيكون قد تأخر جدًّا؟»، الفيلم قد يغير نظرة المشاهد لكل شيء حوله، وليعطي لتلك الأشياء/ الأشخاص المميزة حوله، التقدير والاهتمام والتكريم اللائق في الوقت الحاضر، قبل أن تصبح تلك الأشياء/ الأشخاص ذكريات أو في أفضل الأحوال «هدايا من الماضي».

 

The post ماضٍ من الهدايا.. عرض لفيلم «A Present from The Past» appeared first on ساسة بوست.

ماذا لو استيقظت فوجدت نفسك وحيدًا في الفضاء؟ عرض لفيلم «Passengers»

$
0
0

ماذا لو وجدت نفسك وحيدًا على جزيرة نائية، وتأكدت تمامًا أنك ستظل عليها بلا أمل في العودة إلى وطن؟ هل ستقدر على تقبّل فكرة أنك ستقضي بقية حياتك وحيدًا؟ سنوات طويلة لا تحدث أحدا سوى الأشجار والأحجار ومياه البحر وطيور السماء؟ حتى توم هانكس في فيلم «Cast Away» كاد أن يجن بعد شهور قليلة من وجوده وحيدًا على جزيرة نائية، بعد أن تحطمت الطائرة التي كانت تقله، وسقطت في عرض المحيط.

ماذا تفعل لتجد من يؤنس وحدتك؟ ولأي حد سوف تضحي لهذا الهدف؟ هل ستتخلى عن بعض مبادئك في سبيل حماية نفسك من الجنون أو الانتحار؟

هذا ما يحاول فيلم الخيال العلمي الجديد «Passengers» الإجابة عليه عبر بطل الفيلم جيم بريستون (يؤدي دوره كريس برات نجم فيلم Guardians of The Galaxy)، الذي لا يجد نفسه حبيسًا لجزيرة، وإنما حبيسًا لمركبة فضاء عملاقة تقطع مسافات شاسعة بين النجوم بسرعة تقترب من نصف سرعة الضوء. ويجد نفسه وحيدًا رغم وجود أكثر من خمسة آلاف شخص على متن نفس السفينة، لكنهم جميعًا في سبات عميق، لن يقوموا منه قبل 90 سنة!

رحلة نجمية في أعماق الكون

تدور أحداث الفيلم في المستقبل، حيث البشر يستوطنون الكواكب الواقعة في الأحزمة الكوكبية القابلة للحياة، حول النجوم التي لا تزال شابّة، وتُسيّر الشركات الخاصة رحلات تجارية يحمل كل منها آلافًا من البشر على متن سفن فضائية سياحية مجهزة بالكامل لخدمة وراحة ورفاهية المسافرين الذين يودون بدء حياة جديدة على بعض عشرات السنين الضوئية من كوكب الأرض.

إحدى تلك السفن النجمية تسمى «آفالون» وتحمل 5000 مسافر و 259 من طاقم السفينة، تتجه إلى مستعمرة كوكبية تسمى «هومستيد2» في رحلة تستغرق 120 سنة بتوقيت كوكب الأرض، ويتم فيها وضع جميع مسافري وطاقم السفينة في وضع من السبات العميق لا يستيقظون منه إلا قبل الوصول لوجهتهم بقليل، حيث يتم إيقاظ طاقم السفينة أولا قبل الوصول بعدة شهور، ويعمل الطاقم على إيقاظ باقي المسافرين لاحقا، بعد تجهيز السفينة لاستقبالهم ومعيشتهم.

وخلال أول ثلاثين عامًا من الرحلة تمضي السفينة الضخمة، التي تشبه «نحلة» اللعب التي يلهو بها الأطفال، حيث تدور ثلاثة جوانب عملاقة تشبه الأقواس في حركة مغزلية دائمة حول محور طويل يربط محرك السفينة المعتمد على مفاعل نووي، بمقدمة السفينة التي تنشر درعًا للطاقة يقي السفينة من خطر النيازك والكويكبات الصغيرة التي يمتلأ بها الفضاء البين-نجمي. تمضي السفينة في سلام دون أي تحكم من جانب الأرض، لأن الإشارات تستغرق سنوات طويلة للانتقال من الأرض للسفينة التي تمضي بسرعة فلكية، والعكس. يتحكم في كل تفاصيل رحلة السفينة كمبيوتر مركزي قوي، متصل بمئات الروبوتات والنظم الآلية الأخرى.

كارثة غير متوقعة

ثم يحدث أن تقابل السفينة زخات نيزكية عنيفة يقاومها درع الطاقة بشدة حتى يعبر منها بعد مقاومة طويلة تهتز فيها السفينة اهتزازات عنيفة، يبدو بعدها وكأن السفينة قد عبرت الأزمة بسلام إلا أن شيئا يحدث ينبئ بالعكس، من الواضح أن عطًاا فادحًا حدث جعل أحد المسافرين يستيقظ فجأة من سباته الصناعي على عكس المخطط له.

تحتوي السفينة على آلاف من حجيرات السبات العميق المصفوفة بعناية ومربوطة بالكمبيوتر المركزي لمراقبة إشارات المسافرين والطاقم الحيوية، والعناية بضخ الغذاء والأكسجين لدمائهم وكذلك تدليك عضلات أجسادهم، يتم وضع المسافرين في تلك الحجرات على الأرض قبل إقلاع السفينة عبر أجهزة وترتيبات خاصة، والمفترض ألا تنفتح أي من تلك الحجرات قبل مرور 120 سنة من السفر عبر الفضاء.

تنفتح حجرة المسافر «جيم بريستون» وتبدأ مضيفة افتراضية تظهر كهولوجراف في الهواء في إرشاده لما سيقوم بعمله، تطمأنه أنه سيعاني قليلا من غثيان ودوار ما بعد السبات العميق، وترشده إلى حجرته – التي تبدو مثل حجرة فندق فاخرة – حيث تنصحه بالراحة وبشرب الكثير من السوائل. وحينما يستيقظ جيم بعد نوم عميق تظهر له المضيفة مرة أخرى، وتخبره أن عليه التوجه إلى غرفة أخرى لحضور محاضرة تدريبية حول أساسيات العيش في مستوطنة هومستيد 2، يذهب جيم إلى قاعة المحاضرة حيث لا يوجد غيره، وتبدأ سيدة أخرى – هولوجرام أيضًا – في إلقاء المحاضرة موزعة انتباهها بين حضور وهمي، يفهم جيم أن شيئا خطأ يحدث، فيسأل السيدة – التي تتمتع بذكاء اصطناعي يتيح لها فهم الأسئلة والرد عليها – عن سبب عدم وجود باقي أفراد مجموعته. يصاب بالرعب، يدور في جميع أنحاء السفينة الشاسعة بحثًا أن أي شخص، يصرخ ويطرق على جميع الأبواب بلا مجيب. يدرك جيم الكارثة، لقد استيقظ قبل الجميع بـ 90 سنة كاملة!

يحاول جيم بشتى الطرق إصلاح حجيرة السبات الخاصة به والعودة مرة أخرى للنوم، إلا أنه يفشل في ذلك، يحاول الاتصال بالأرض لكنه يدرك أن الاتصال سيستغرق عشرات السنوات ليصل للأرض وليستقبل ردا. يشعر بالضياع التام.

«مرحبًا.. اسمي آرثر»

يؤنس وحدته قليلا روبوت ذو مظهر بشري يدعى «آرثر» (يؤدي دوره الممثل الإنجليزي مايكل شين) يقف في مشرب السفينة، ويبدأ في مباشرة العمل وتلميع الكؤوس وإعداد المشروعات بمجرد إداركه أن أحدا استيقظ. يلعب مايكل شين دورا معقدا للغاية، الروبوت ذو الذكاء الاصطناعي المتقدم الذي يفترض أن يتعاطف مع أزمة جيم ويخفف من روعه، هذا على الرغم من إمكانيات الروبوت المحدودة التي مهما تطورت لن تبلغ أصالة العطف والحب البشري. إلا أن شين يقدم الدور بذكاء شديد جدا، ويستعيض عن نقص إمكانيات التعاطف بحس فكاهي راقٍ للغاية، ربما كان شين أفضل من لعب دور الروبوت الذكي المرح في تاريخ أفلام الخيال العلمي، أفضل كثيرًا من «جارفيس» في Iron Man، ومن «أندرو مارتين» في Bicentennial Man، ومن «تارس» في Interstellar.

ينصحه آرثر بأن يعيش حياته قليلا، ويشغل نفسه بالإمكانيات المذهلة الموجودة على السفينة، وبالفعل يبدأ جيم في استكشاف أجزاء السفينة، هنا يأخذنا المخرج «مورتن تيلدام» – سبق وقدم قصة حياة مخترع الكمبيوتر آلان تورينج في فيلم The Imitation Game – في رحلة بصرية رائعة داخل البناء المعماري المذهل للسفينة، والذي تم تنفيذه بشكل مبهر ليمثل تجربة رفاهية لا تنسى للمسافرين عبر متن السفينة في حال استيقاظهم. يستكشف جيم المطاعم وحمامات السباحة وساحات التريض والأجنحة الفندقية الفاخرة والوافذ الزجاجية الضخمة المطلة على عظمة الكون بالخارج، وكل ذلك مؤتمت ومتصل بأجهزة الذكاء الاصطناعي طول الوقت.

يمضي جيم عامًا كاملًا على متن السفينة، وفي كل يوم يحكم اكتئاب الوحدة قبضته على روحه ليختنق جيم ببطء، ولا يهون عليه كونه مسافرًا على متن واحدة من أعظم معجزات البشر التقنية، ولا تسليه مشاهد الكون الرائعة التي يتطلع إليها من حين لآخر بعد أن يلبس ملابس الفضاء ويخرج خارج السفينة ليسبح في الفراغ مراقبا النجوم والمجرات والسحب النجمية بألوانها المذهلة التي لا يضاهيها أي مشهد على الأرض.

وحدة لا يمكن احتمالها

يؤكد فيلم Passengers، وبعمق، فكرة عدم قدرتنا كبشر على العيش في جزر منعزلة، وأننا كائن اجتماعي لا يستطيع أن يفرط في وجوده مع آخرين مهما كان المقابل. وعلى عكس موجة أفلام التسعينات وأوائل الألفية الجديدة التي تناولت الأزمات الكبرى التي قد تعرض البشر للإبادة، مثل غزو الكائنات الفضائية والكوارث الطبيعية والحرب مع روبوتات عالية الذكاء، ثم قدرة البشر على تخطي ذلك وإعادة إعمار الأرض. على عكس ذلك ينتمي Passengers لفئة الأفلام الجديدة التي ظهرت منذ بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والتي يترك فيها الإنسان الأرض ليبحث عن وطن جديد في أعماق الفضاء يمكنه من البداية من جديد. الساخر هنا أن جيم ترك وطنه الأصلي الأرض ليموت وحيدًا في الفضاء في الطريق لوطن لن يصله.

يمر جيم يومًا بجوار حجيرة السبات الخاصة بإحدى المسافرات، ينظر إلى ملامحها الملائكية من خلال الغطاء الزجاجي الشفاف للحجيرة، يطالع معلومات عنها من الشاشة الصغيرة المجاورة، ويعلم أنها كاتبة وصحفية. تشغل الفتاة «أورورا لين» – الجميلة جينيفر لورانس الحائزة على جائزة الأوسكار – تفكير جيم، يظل أيامًا طويلة يقرأ كل أعمالها المتوفرة على الإنترنت. تجتذبه شخصيتها وطريقة تفكيرها.

هنا ينقلب مسار الفيلم، مع تفكير جيم في إيقاظ أورورا لتؤنس وحدته المفروضة عليه خلال عشرات السنين القادمة، يحاول جيم منع نفسه مرارا خلال أيام طويلة من تنفيذ الفكرة، إلا أنه يفشل. يكاد ينتحر ذات يوم بإلقاء نفسه في الفضاء دون الاحتماء بالبذلة الفضائية، لكنه يمتنع في آخر لحظة.

يصل جيم إلى نقطة عدم الاحتمال، إما أن ينتحر أو يوقظ أورورا. وبالفعل يوقظ أورورا، لكنه لا يخبرها أنه أيقظها، وأنّ عطلًا ما بالسفينة أيقظه وأيقظها هي الأخرى من السبات الآلي.

الحب في مقابل أزمة وجود

تمضي باقي أحداث فيلم Passengers في محاولة جيم وأوروا تجاوز فكرة إمضاء حياتهم الباقية على السفينة فقط بصحبة آرثر ولا أحد غيره، ثم يبدو أنهما تجاوزا ذلك – بروحهما المغامرة التي أتت بهما لهذا المكان في الأصل، روح المخاطرة واستكشاف المستحيل – ويقعان في غرام بعضهما البعض.

هذا قبل أن تتعرض السفينة آفالون لأعطال خطيرة متتالية قد تهدد سلامة الـ 5000 مسافر، بل وقد تنفجر بالكامل ولا تصل لوجهتها أبدا. يحاول جيم استغلال إمكانياته وخبراته كمتخصص في الميكانيكا، وبمساعدة أورورا في مهمة شبه مستحيلة للسيطرة على السفينة وإعادتها للمسار الآمن.

فيلم Passengers هو واحد من أفضل أفلام الخيال العلمي هذا العام، وربما لا ينافسه في جودة الأفكار الفلسفية الذي يطرحها سوى فيلم «Arrival» (بطولة إيمي آدمز وجيرمي رينر) الذي يتناول قصة كائنات فضائية تصل للأرض وتحاول إقناع سكان الكوكب للعمل معًا لتفادي أزمة كبيرة ستحدث في المستقبل.

فيلم المسافرين Passengers لا يعطي فقط أملًا في قدرتنا كبشر على تجاوز أي مصاعب واختراق النجوم للبحث عن مكان نستطيع فيه النجاة والاستمرار، بل أيضا يعظم مثل Arrival من قيمة الاتحاد كبشر، لأنه في النهاية ليس لدينا سوى بعضنا البعض لكي نعتني ببعضنا ونستطيع إبقاء العرق البشري حيًا ينبض في أعماق هذا الكون الشاسع.

The post ماذا لو استيقظت فوجدت نفسك وحيدًا في الفضاء؟ عرض لفيلم «Passengers» appeared first on ساسة بوست.

كوميديا ما بعد الحداثة.. عرض لفيلم «?Why Him»

$
0
0

المتابع لأفلام الكوميديا الأمريكية في العقدين الماضيين، قد يلاحظ انحدارًا في جودة ومستوى لغة الأعمال المقدمة، والتي أصبح كثير منها مصدر إحباط، بعد أن كانت لسنوات، مصدر بهجة للجمهور.

على سبيل المثال، قام ما يقرب من 700 ألف شخص على موقع «IMDB» بتقييم فيلم جيم كاري «The Truman Show» (1998) بإعطائه 8.1 درجة من 10 درجات، بينما تفاوتت تقاييم أفلامه الأخيرة مثل «Dumb and Dumber To» و«Mr. Popper’s Penguins» بين 5.7 درجة وست درجات على أعلى تقدير، علما بأن أعلى تقييم لفيلم كوميدي كان لفيلم «Forrest Gump» (1994) لتوم هانكس، بتقييم 8.8 درجة، يليه فيلم «Life Is Beautiful» للإيطالي روبرتو مونجيني، بتقييم 8.6، ثم فيلم تشارلي شابلين «The Great Dictator» (1940) بتقييم 8.5، يليه مباشرة فيلم «Amélie» (2001) بطولة الفرنسية خفيفة الظل أودري توتو.

الجيل الذي أفسد الكوميديا

الانحدار في المستوى لم يكن فقط من نصيب أعمال جيم كيري، وإنما أيضًا نجوم كبار آخرين مثل بيل موراي وآدم ساندلر وبيلي كريستال وستيف مارتن، وتسبب فيه مجموعة جديدة من الممثلين الكوميديين من مواليد الثمانينيات والتسعينيات، الذين ينتمون للجيل الذي يُطلق عليه «The Millennials»، والتي تقف وراءهم شركات الإنتاج الضخمة لتقديم أعمال تناسب شرائح عمرية تنتمي أيضًا لجيل الألفية والجيل الذي يليه، وهو ما يطلق عليه «Generation Z»، وهم مواليد آخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة.

هذا الجيل الذي ينتمي إليه ممثلون كوميديون مثل سيث روجن وجوناه هيل وجاي باروشيل، وآخرون من يل أكبر قليلًا، من مواليد السبعينيات، مثل داني مكبرايد وكريج روبينسون وفينس فون، ممن لديهم في الأصل إمكانيات أدائية عالية، دفعت مخرجًا بأهمية مارتن سكورسيزي إلى اختيار جوناه هيل لدور في فيلم «The Wolf of Wall Street»، ودفعت كذلك ميل جيبسون إلى اختيار فينس فون لفيلمه الحربي الأخير «Hacksaw Ridge»، إلا أن حالات مثل تلك، تظل استثناءً وسط بحر من الأفلام الكوميدية «الضحلة».

ويعتبر جيمس فرانكو، بطل فيلم «?Why Him»، أحد الكوميديين الجدد، رغم تقديمه أدوارًا درامية هامة، مثل دوره في فيلم «127 Hours»، حيث لعب دور درّاج مغامر تسقط عليه صخرة جبل فتحاصره وسط صحراء لا يوجد بها أحد لنجدته، الدور الذي رشحه لجائزة الأوسكار، ورغم ذلك قدم العديد من الأفلام الكوميدية ضعيفة المستوى مثل «This Is the End» و «The Interview» و «Pineapple Express».

«لنتعرف على صديق ابنتنا»

يتناول الفيلم قصة عائلة مكونة من أب وزوجة وابن مراهق وابنة شابة. تقع الإبنة ستيفاني (زووي دوتش)، في غرام شاب ثري غريب الأطوار يدعى ليرد (جيمس فرانكو)، وتقرر ستيفاني اصطحاب عائلتها لمنزل ليرد في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء يومي العطلة معها ومع ليرد للتعرف على صديقها الجديد الذي تجمعها به علاقة حب قوية.

تفاجأ الأسرة بمدى ثراء ليرد الذي يقيم في بيت ضخم أشبه بقصر مؤثث على طريقة عصرية وتحيط به حدائق شاسعة، وفي نفس الوقت يقيم داخله موظفو شركته التي تعمل في مجال تطوير ألعاب الهواتف الذكية. وعلى الرغم من أناقة كل شيء إلا أن ليرد يقابل العائلة وهو لا يرتدى شيئا في نصفه العلوي! جسده مغطى بعشرات من رسوم التاتو العشوائية التي لا تعبر عن شيء، يستقبلهم بطريقة صبيانية فجة، ويخاطبهم بلغة مليئة باللعنات والشتائم، يبدو مجنونًا وطفوليًّا ومفعمًا بالطاقة ولكن بطريقة خرقاء وفجة للغاية.

يشعر الأب نيد (برايان كرانستون، بطل السلسلة التلفزيونية الشهيرة Breaking Bad) بالقلق من تصرفات صديق ابنته الغريبة، وخصوصًا أثناء معاملته مع زوجته بارب وكأنه يتحرش بها، وكذلك مع ابنه سكوتي والذي يحدثه بلغة تحتوي طن من الشتائم واللعنات وكأنه يرغب في تعليمه قاموس الانحراف عن عمد.

يصطحب ليرد الأسرة في جولة بالمنزل، الذي على الرغم من تصميمه العصري والعملي الجميل، إلا أن ليرد ملأه بمئات الأشياء التي لا يمكن وصفها سوى بالـ«قمامة»، وعلى سبيل المثال ملأ خزانًا زجاجيًا بالبول ووضع فيه غزال موظ محنط، وقدم لهم ذلك بصفته عملًا فنيًّا يعبر عن أن المظاهر قد تخفي الجمال الذي تحتويه داخلها. ملأ أيضًا المنزل بلوحات كبيرة تمثل حيوانات في أوضاع جنسية غريبة. وتماثيل لقرود ضخمة تضحك في خبث وتمسك البنادق.

يحاول ليرد التقرب من أسرة حبيبته عبر إثارة إعجابهم، فيخبرهم أنه قام بعمل وشم جديد على ظهره يحمل صورة الأسرة، ويخبر نيد أنه قام بتركيب مضمارين للعبة البولينج في منزله خصيصًا عندما علم أن «نيد» من عشاق اللعبة، كذلك أحضر طاه يظهر في برنامج شهير لمسابقات الطهي ليقوم بإعداد مأدبة عشاء على شرف الأسرة.

اتفاق من أجل الحب

وبعد يوم وليلة طويلين لا ينجح فيهما ليرد غير في إثارة المزيد من قلق وضيق الأب نيد، يطلب من الأخير مقابلته صباحًا لأمر هام، وهنا يخبره أنه سيطلب من ابنته الزواج منه أثناء الاحتفال بعيد رأس السنة الذي اقترب، وأنه يطلب مباركة نيد قبل أن يقوم بذلك. يرفض نيد بالطبع أن يمنحه مباركته، أولا لأنه لا يعرفه بشكل كافٍ، وثانيا لأن الساعات الماضية لم تكن مشجعة ولا يمكن وصفها بأنها كانت أفضل تجربة تعارف ممكنة.

يطلب ليرد من نيد أن يمنحه أيامًا قليلة ليثبت له فيها أنه شخص جيد ومناسب لابنته، وفي المقابل يعده أنه لن يطلب من ابنته الزواج إلا بعد موافقته. ويوافق نيد على هذا الترتيب.

وبطريقة مشابهة لفيلم (Meet The Parents» (2000» من بطولة بن ستيلر وروبرت دي نيرو، يقوم نيد خلال الأيام التالية بالاقتراب من شخصية ليرد ومحاولة التعرف أكثر على أسراره وأي أمور غامضة أو كارثية يخفيها عليه وعلى ابنته. وفي نفس الوقت يحاول ليرد التقرب من الأب، ويحدث بينهما عشرات المواقف التي يصطدمان ويتعاركان فيها وتبعد الأب أكثر وأكثر عن قرار «نعم» من أجل مباركة الزواج.

تتصاعد أحداث الفيلم النمطي عبر محاولات لا تقل نمطية لتحفيز فضول المتفرج كيف سيوافق نيد في النهاية على ليرد؟ وماذا سيكون رد فعل ستيفاني إذا رفض أبوها؟ وكيف ستكون نهاية الفيلم حينها؟

خلل يصيب الحلم الأمريكي

يعكس الفيلم الخلل الموجود في المجتمع الأمريكي الحالي، الذي اختار شخصًا شعبويًّا مثل دونالد ترامب، ليصبح رئيسًا لأقوى دولة في العالم اقتصاديًا وعسكريًا.

ويوضح الفيلم النقلة التي حدثت في رؤية الشباب الأمريكي للحلم الأمريكي، الحلم الذي لم يعد مجرد الحصول على شهادة جامعية محترمة، والعمل في وظيفة جيدة، وشراء منزل وسيارة والزواج من شابة جميلة وإنجاب ابن وابنة. ولا حتى بدأ شركة من الصفر داخل جراج مثلما فعل «بيل جيتس» و«ستيف جوبس»، ثم بناء تلك الشركة عبر السنين لتصبح كيانًا عملاقًا يضم داخله آلاف من الموظفين الناجحين الذين يضيفون أفكارًا مبهرة للعالم ويضخون مليارات في شرايين اقتصاد بلادهم ليزيدونه قوة.

وأصبح الحلم هو أن يبني الشاب موقعًا إلكترونيًّا أو تطبيقًا للهواتف ليصير فجأة تطبيقًا مشهورًا ويستخدمه ملايين الناس ويدر عليه مئات الملايين من الدولارات، ثم يقضي باقي حياته في محاولة التفكير في الكيفية التي سينفق فيها كل هذا الكم من النقود، وكفى. محاولة غريبة لتسطيح مفهوم ريادة الأعمال، وقصص نجاح أشخاص استطاعوا فعلا بناء شركات تقنية غيرت حياة البشرية مثل فيسبوك وسكايب ولينكد إن وتسلا.

لكن هؤلاء لم يحصدوا مئات الملايين ثم جلسوا ينفقونها كالمجانين، وإنما لا يزالون يعملون لصالح تحسين نمط حياة البشر، وليقدمون المزيد من الإبداعات. مثل «إلون ماسك» صاحب شركة تسلا الذي لأول مرة ابتكرت شركته الثانية «سبيس-إكس» صاروخًا فضائيًّا يستطيع القيام برحلات للفضاء والعودة مرة أخرى ليعاد استخدامه, مما يفتح أفاقًا واسعة في غزو الفضاء. و«مارك زوكربرج» الذي خصص ثروته بالكامل للخير، وتعمل شركته على مد خدمات الإنترنت للقرى والمدن النائية في أفريقيا وآسيا لتمكين سكان تلك الأماكن من استخدام التكنولوجيا لتحسين نمط حياتهم.

يعطي الفيلم انطباعًا عن الشاب الأمريكي العصري، على أنه شاب بوهيمي، إن صح التعبير، يسب كما يشاء في حضور أي شخص، وقد لا يرتدي ملابسه في حضور الآخرين، وينفق ماله باستهتار مبالغ فيه، ويملأ منزله بقطع خردة يصفها بأنها «فن»، ويستأجر اثنين أو ثلاثة من المبرمجين لبناء «تطبيقات ألعاب سطحية» يعتبرها أفكارًا اقتصادية عبقرية. ينغمر في حياة سطحية، ولا ينسى في نفس الوقت أن يكون بيته صديقًا للبيئة، ولا يستخدم أي أوراق قط، إلا في حالة أوراق خاصة معاد تدويرها والتي تستخدم للأكل، وفي الوقت الذي يحرص فيه على الأشجار الذي يصنع منها الورق، لا مانع لديه من أكل لحم «الدببة»!

 

The post كوميديا ما بعد الحداثة.. عرض لفيلم «?Why Him» appeared first on ساسة بوست.

ثلاث نسوة على الهامش.. عرض لفيلم «يوم للستات»

$
0
0

بعد إخراج مسلسل «ذات» المقتبس عن رواية لـ«صنع الله إبراهيم»، وإخراج مسلسل سجن النسا عن سيناريو «مريم نعوم»، تواصل المخرجة «كاملة أبو ذكري»، ما يبدو وكأنه مشروع مستمر لاستكشاف عالم نساء الطبقة المتوسطة، وما تحتها في مصر.

والنساء لدى «أبو ذكري» هم مرآة غاية في النقاء، تعكس أحوال المجتمع المصري السياسية والاقتصادية والثقافية بمنتهى الشفافية والأمانة، مسلسل «ذات» استطاع المرور بأربعة تحولات رئيسة في المجتمع المصري، مع رصد أحوال أسرة الفتاة – ثم الزوجة والأم والجدة فيما بعد – «ذات»، وتأثير العهد الناصري والساداتي والمباركي عليها، ثم الأمل الذي أعطته لها ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وفي سجن النسا تقدم أبوذكري قصة ثلاثة سيدات يعانين الفقر والمذلة في ظل الأوضاع المزرية التي وصلت لها الطبقة تحت المتوسطة في مصر في آخر سنوات حكم مبارك، يرتكبن جرائم مخالفة للقانون والشرع ويلقى بهن إلى السجن، ومع بدء اندلاع «ثورة يناير» يتخذن قرارًا ببدء حياة جديدة.

وتدور أحداث فيلم يوم للستات في حارة شعبية تنتمي للعشوائيات، أيضًا يحكي ثلاث قصص لثلاثة سيدات، وأيضًا يعشن خلال السنوات الأخيرة لعهد مبارك، وأيضًا ينتمين للطبقة تحت المتوسطة. الفيلم من تأليف الروائية وكاتبة السيناريو «هناء عطية»، التي سبق وقدمت فيلم آخر عن الحياة في العشوائيات تحت اسم «خلطة فوزية»، وتقوم بأدوار البطولة النسائية فيه كل من «إلهام شاهين» و«نيللي كريم» و«ناهد السباعي».

حمام سباحة في العشوائيات

الإطار العام للفيلم يتمثل في الإعلان عن افتتاح حمام سباحة ضخم في مركز الشباب القريب من الحارة، يتوافد شباب الحارة من الذكور من جميع الأعمار للاستمتاع بوسيلة ترفيهية لم يكونوا يحلمون بها.

يبدو الأمر بائسًا، فـ«شامية» (إلهام شاهين) تكاد تتعثر وتنكب على وجهها كل ليلة، وهي عائدة لمنزلها؛ نتيجة الطريق الغارق دومًا في مياه المجاري الطافحة، وبدلًا من أن تهتم الحكومة بإصلاح هذه المشكلة تقرر أن تزود الحارة بحمام سباحة! وكما قالت شامية لاحقًا لصديقتها «ليلى» (نيللي كريم) «مش كانوا يوزعوا الفلوس دي علينا أحسن».

يفاجأ رواد حمام السباحة بفتاة تزاحمهم، وهي «عزة» (ناهد السباعي)، الفتاة المندفعة المتشبهة بالصبيان المملتئة خليطًا من جنون السلوك وجمال الروح وطفولة القلب، يطلقون عليها «العبيطة».

تندفع عزة في حمام السباحة وسط مضايقات الأولاد والرجال، ويخرجها الشاب طيب القلب «بهجت» (إياد نصار)، مشرف حمام السباحة، بصعوبة بالغة، ويعدها أن يوم الأحد سيخصص ليكون «يومًا للستات» فقط، وأنه باستطاعتها نزول حمام السباحة بالمايوه، حيث ستشرف عليهن سيدة.

ثلاث نسوة وثلاث قصص

يغير «يوم الستات» بحمام السباحة مسار حياة شامية، وليلى، وعزة، الأولى سيدة في العقد الخامس من العمر، فاتها قطار الزواج، وتعمل منذ صغرها كـ«موديل رسم»، وتستمر في نفس العمل، لم تحب في حياتها، ولم تتمن الزواج، إلا من «أحمد» (محمود حميدة)، إلا أنه تركها وسافر للعمل في الخليج. ليلى فقدت زوجها وابنها، اللذين ماتا في حادث غرق عبارة «السلام 98» (عام 2006) قبل توقيت أحداث الفيلم بسنتين، ومن ذلك الحين لا تلبس سوى الأسود، وتجلس في محل العطور الصغير الخاص بها، مكتئبة وسط جو مظلم، إلا من لمبة صغيرة حمراء لا تغيرها أبدًا. عزة تقيم منذ صغرها مع جدتها المسنة، تقوم برعايتها وإطعامها وتحميمها، لا تعمل خوفًا من أن تحتاج إليها جدتها، ولا تجدها بجوارها، وتساعدنها نسوة الحارة في توفير الطعام لها ولجدتها، في شكل تكافلي اجتماعي نادر.

تخبر عزة جارتها شامية بخبر «يوم الستات»، وتقنع شامية صديقتها ليلى بصعوبة بالغة أن تذهب معهما للترويح عن نفسها، والخروج من الوضع النفسي السيئ. يذهب الثلاثي إلى حمام السباحة يوم الأحد، يزاحمهن الرجال على البوابة؛ يريدون منعهن – والأخريات – من الدخول، إلا أن كابتن بهجت يتدخل لصالح حق السيدات.

الذكورية تحكم حتى حين

وعبر «رموز بسيطة وعبقرية» تفضح «أبو ذكري» السلطوية الذكورية في المجتمع، ومحاولة قمع الأنثى، ليس فقط لتحويلها لكائن ثانوي، أو للحصول والاستمتاع على كل المباهج والإلقاء إليها بالفتات، لا، وإنما من أجل مسخ كينونتها تمامًا والاستيلاء أيضًا على الفتات. حمام السباحة يرمز لتمكين المرأة للتعبير عن نفسها والاستمتاع بحياتها واتخاذ قرارات خاصة بها، ولو يومًا واحدًا في الأسبوع، ينازعها الرجال هذا الحق، وكأن 6 أيام كاملة لا تكفيهم.

تمضى الرموز كثيرة في الفيلم، ومنها «علي» أخو ليلى – أحمد الفشاوي- وهو شاب متعصب يحضر يوميًا للمنزل وسط زوبعة من الغضب، يتهمها بإثارة الفتنة عبر بيع العطور، ويتهم أباه بالخلاعة؛ لأنه يلبس «شورت» في المنزل، لا يعجبه الطعام الذي تضعه ليلى على المائدة، ويتهم المجتمع كله بالكفر، ثم في آخر اليوم يذهب إلى محل «ليلى»؛ ليطلب منها نقودًا؛ لأنه عاطل. المرأة عند علي، وعند الشريحة الذكورية التي يمثلها لا وجود لها، ليس لها مشاعر، وليس لها حقوق، وليس لها أملاكها، كائن مشاع، ليست إنسانة أصلًا. هذا الخلل يركز عليه الفيلم بدرجة كبيرة.

يوم الستات

تدخل الثلاث نسوة إلى حمام السباحة أخيرًا، وسط العشرات من سيدات الحارة الأخريات، تمضى كاميرا «نانسي عبد الفتاح» شديدة الحساسية؛ لتنقل لنا مشاعر وعواطف هؤلاء السيدات، بعدما صار لهن عالم خاص. التحرر من الملابس والأعباء، والاحتفال بالحياة على طريقتهن، يفرشن الملاءات على حافة الحمام، ويأتين بحلل المحشي، ويأكلن وسط غناء المسجل العالي، ووسط رقص وضحكات بعضهن على أنغام الحالة «السريالية» العامة المحيطة بمشهد الحمام. تمضي الكاميرا أيضًا لتغوص بنا مع البطلات الثلاث في مياه حمام السباحة، وفي لقطات عبقرية تحت الماء تستطيع مديرة التصوير تجسيد حالة الفقد التي تعصر قلب ليلى، يخيل إليها أنها تشاهد ابنها تحت الماء، تمد يدها إليه، وتحتضنه، قبل أن تغيب عن الوعي. ترقب الكاميرا تعبير النشوة الطفولية على وجه عزة تحت المياة وفرحتها بالمايوه، قطعة الملابس التي تمثل بالنسبة لها مقاومة الحرمان والقدرة على امتلاك الأشياء والاستمتاع بها. أيضًا تنقل إلينا شعور شامية بعودة الروح لأنوثتها المطمورة، يتغلغل الماء تحت المايوه الذي يغطي جسمها بالكامل، تشعر بالبرودة تمس كل بقعة في جسدها، تشعر أنه أكثر من مجرد موديل أصم للرسم.

تقوم كابتن «مارجريت» – هالة صدقي – بانتشال ليلى قبل أن تغرق، تحتضنها شامية وتنجح في إفاقتها، تبكي ليلى لأول مرة منذ وفاة ابنها، تزغرد النساء أن ليلى قد ارتاحت أخيرًا. في نفس الوقت يسأل النساء شامية عن طبيعة عملها، تحكي لهم عن وظيفتها التي ورثتها عن أمها وخالتها، وتمثل لهم الأوضاع التي تتخذها أمام الفنانين، تضحك النسوة، بينما تنساب الدموع في عيني شامية، يطيبن خاطرها معترفات بأنها مسكينة وأن وظيفتها عبء ثقيل، وليست فرصة للانحلال كما كانوا يظنون.

يسترق «إبراهيم» (أحمد داود) النظر من ثقوب في فراشة الخيامية التي تحيط حمام السباحة حماية للسيدات من المتلصصين، تلفت عزة انتباهه بالمايوه ذي الألوان الزاهية – المايوه الوحيد في الجمع النسائي – وبضحكتها العالية، وبطاقتها الطفولية التي لا تنضب، يقابلها في الطريق ليلًا ويخبرها أنها معجب بها، ويريد رقم تليفونها، تبدو متشككة في البداية من نواياه، لم يسبق لأحد أن صارحها بمشاعر حب أو إعجاب، الكل ينظر إليها كـ «عبيطة الحارة» وفقط. تخبره أنه ليس لديها موبايل، ويعدها أنه سيشتري لها واحدًا.

من حمام السباحة إلى عالم القلوب

تتصاعد أحداث الفيلم وهو يتابع قصص الثلاث نسوة، اللائي، وعلى الرغم من وجودهن على هامش الحياة، حيث لا يلاحظهن أحد على الإطلاق، ولا يعنين شيئًا لأي أحد من ساسة الدولة أو المسئولين فيها، إلا أنهن يعنين لبعضهن البعض الكثير، يصارح أحمد شامية بأنه لم يتوقف عن حبه لها، وأن ظروفه العائلية والاقتصادية كانت سبب ابتعاده عنها. أحمد الذي ترك العمل في الخليج ورجع صفر اليدين بعد أن تم فسخ عقده. صعد يومًا إلى سطح المستشفى الخليجي المكلف بحراستها وأطلق وابلًا من رصاص طبنجته في الهواء، «عمري ما لمست الطبنجة، أمال أنا فرد أمن إزاي؟ ولزمتي إيه؟» هكذا يقول لصديقه الكابتن بهجت معبرًا عن أزمة «رجولة» وأزمة «هوية» وأزمة «تمكين» في المجتمع المصري كله، وليس شقه الذكوري فقط.

كابتن بهجت يتوقف عن إرسال رسائل نصية قصيرة لهاتف ليلى، يحاول فيها مواساتها ودفعها للمضى قدمًا في حياتها، يبدو أنه كان واقعًا في حب ليلى منذ زمن، والآن وبعد أن بكت ليلى واستراحت، فالأفضل له أن يتحرك للفوز بقلبها. يستطيع أخيرًا إقناعها بتغيير اللمبة الحمراء الخافتة، ويقوم بمساعدتها على تركيب لمبة بيضاء متألقة تنير ابتسامة وجهها.

«علي» المتشدد يحاول تلويث سمعة عزة بعد أن رفضت محاولاته الفجة لتقبيلها، يحاول أن يفضحها في القرية؛ فيمنعه أبوه «فرغلي» – فاروق الفيشاوي- وأخته ليلى، ويهم بضرب أبوه، لكن الحارة تمنعة وتلفظه خارجها.

وعلى الرغم من محاولة أبوذكري للتأكيد أن المجتمع المصري يحاول جاهدًا تحقيق التوازن الإيجابي داخله؛ ليستطيع النجاة على الهامش، إلا أن ذلك لا يخلو من محاولات عصبية مشاغبة لفرض السيطرة من الشق الذكوري على الشق الأنثوي، ومن الطبقة الأعلى – قليلًا- اجتماعيًا على من أقل منها.

بعد قضائهن وقتًا لطيفًا يوم الأحد في حمام السباحة، تكتشف النسوة أن الرجال قد سرقوا ملابسهن، يلطمن خدودهن ويبكين حظهن، كيف سيرجعن إلى منازلهم بدون ملابس. وبعد أن تساعدهن «مارجريت» في استعادة ملابسهن، تقرر النسوة رد الصاع صاعين للرجال.

وهكذا تستمر لعبة القط والفار في «يوم للستات»، أحيانًا بشكل لطيف مشاغب، وأحيانًا بشكل فج وقاسي، إنعكاسًا لنفسية جمعية متوترة تسكن المجتمع المصري كله، وليس فقط جيوبه الهامشية.

The post ثلاث نسوة على الهامش.. عرض لفيلم «يوم للستات» appeared first on ساسة بوست.


عندما تبدو أمريكا أسوأ مكان في العالم.. عرض لفيلم «Where to Invade Next؟»

$
0
0

منذ أن انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية مع قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945، لم تربح أي حرب أخرى.

ساخرًا، يقرر مخرج الأفلام الوثائقية «مايكل مور» تعيين نفسه قائدًا أعلى للقوات المسلحة الأمريكية، ويعفي جنرالاته من أي مغامرات جديدة لغزو دول أخرى، إذ تكفي مغامرات كوبا وفيتنام وكمبوديا والعراق وأفغانستان.

ويبدأ مور حملة مكونة من رجل واحد لغزو عدة دول أوروبية وإفريقية من أجل هدف مختلف، وهو العثور على أكثر الأمور الرائعة في تلك الدول، ليغتنمها ويعود بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

يعود مخرج الأفلام الوثائقية الحائز على جائزة الأوسكار مايكل مور، بفيلم جديد بعد انقطاع ست سنوات كاملة. قدم مور المشهور بجرأته وثقافته الواسعة وسخريته اللاذعة، العديد من الأفلام الوثائقية التي جعلت هذا النوع من الفن أكثر شعبية، بل واستطاعت أفلامه منافسة الأفلام الروائية والتجارية على شباك التذاكر.

على سبيل المثال، فيلمه «Fahrenheit 9/11» الذي يعرض للكيفية التي استغلت بها إدارة جورج بوش الابن لتفجيرات 11 سبتمبر (أيلول)، لتبرير حروب «جشعة وغير عادلة». وحقق الفيلم إيرادات وصلت إلى 119 مليون دولار في الولايات المتحدة فقط، متجاوزًا بذلك فيلم«The Aviator» للنجم «ليوناردو دي كابريو» والمخرج الكبير «مارتن سكورسيزي»، والذي حقق 102 مليون دولار داخليًا في نفس سنة العرض 2004.

غزو بلا حرب

في فيلمه الجديد «أين سنغزو في المرة القادمة؟ – Where to Invade Next؟»، يسافر مور في رحلات مكوكية لثمانية دول تشمل النرويج وتونس وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وأيسلندا والبرتغال وسلوفانيا لاكتشاف أفضل الممارسات التي تقوم بها مجتمعات هذه الدول من أجل تحسين نمط حياة مواطنيها.

في إيطاليا، زار مور إحدى المصانع الكبيرة لإنتاج الدراجات البخارية الرياضية، ليكتشف أن جميع الموظفين يحظون بساعتي راحة للغداء يوميًا، لا يأكلون فيها في المقصف، وإنما يذهبون لمنازلهم لقضاء هذا الوقت مع أسرهم، وليستمتعوا بوجبة منزلية ساخنة في صحبة أزواجهم أو زوجاتهم، وأبنائهم، ويأخذون كل الوقت اللازم لذلك، ثم يعودون لأعمالهم وقد شحنوا طاقتهم.

المثير للاهتمام أن الإيطاليين يعملون ست ساعات يوميًا فقط. يسألهم مور: «وماذا تفعلون في باقي الوقت»، ليجيبوه بأنهم يفعلون كل شيء ممكن للاستمتاع بالوقت، كالاستماع للموسيقى، وممارسة الهوايات، أو تعلم أمور جديدة، أو ربما يكتفون فقط بالجلوس على المقاهي مع أصدقائهم.

إلى جانب هذا، فمن حق الموظف الإيطالي أجازة سنوية مدفوعة لـ40 يومًا. يصدم مور عائلة إيطالية، عندما يُخبرها بأن عدد أيام الأجازة المدفوعة المتاحة للموظف الأمريكي «صفر».

في المقابل، تصدم العائلة الإيطالية، مور، عندما يُخبرونه أن القانون الإيطالي يفرض على أي شركة، منح الموظفة التي تلد، أجازة أمومة لخمسة أشهر. «إنها أهم فترة في حياة الرضيع»، هكذا تقول السيدة الإيطالية، ليرد عليهم مور بحسرة: «كل بلاد العالم تمنح أجازة أمومة، ما عدا بلدين: الولايات المتحدة وغينيا الجديدة».

يستأذن مايكل مور العائلة الصغيرة في غرس العلم الأمريكي في بيتهما الإيطالي الجميل، ويعلن لهما غزو أمريكا لإيطاليا رسميًا، وأنه غنم منها أفكار سينقلها معه للولايات المتحدة: ساعتي الغداء في البيت، وساعات العمل الأقل مع بيئة عمل أفضل، وأجازة أمومة طويلة كافية.

أفخم مطاعم فرنسا

وفي فرنسا يأخذنا مور إلى مدينة صغيرة، حيث يقوم بزيارة أفخر المطاعم الموجودة في هذه المدينة «كافيتريا المدرسة». تقدم المدارس في الفرنسا وجبات صحية ولذيذة، يشرف عليها مجلس كامل يضم أعضاء من بلدية المدينة، وأخصائيي تغذية، وأعضاء من جهات تعليمية، لوضع برنامج غذائي صحي لطلاب المدارس يُراجع ويُقرّ أسبوعيًا.

يجلس مور على طاولة طعام ليأكل مع أطفال في المرحلة الإبتدائية، حيث يُقدّم الطعام إليهم بنظام «Full Courses Menu»، شاملًا عدة أطباق متتالية تبدأ بفاتح الشهية، ثم أطباق رئيسية، ثم طبق للتحلية.

يصطحب مور عبوة كوكاكولا معه، ليكتشف أن الأطفال لم يتذوقوها في حياتهم. يسأل الشيف إذا ما كانوا يقدمون للأطفال شطائر «الهامبرجر»، فيجيبه الشيف: «نعم، مرة واحدة في السنة».

يُصدَم مور عندما يعلم أن الشيف لم يأكل شطيرة برجر واحدة في حياته. فجأة تبدو ثقافة الطعام الأمريكية في الفيلم غريبة ومنبوذة.

تمكين المجتمع يعني سعادته

وفي ألمانيا يصحبنا مور إلى مصنع «Faber Castle» الشهير لصناعة الأقلام الرصاص. يجلس مور مع مدير المصنع في مكان جميل وسط المدينة ليتحدث إليه عن أحوال العمال، ثم يسأله: «أين يقع المصنع؟»، يشير الرجل إلى مبنى قريب أنيق، ويقول: «ها هو أمامك»، يصرخ مور: «ما هذا؟ لا يمكن، هذا مبنى به نوافذ كبيرة، ويدخل إليه الشمس؟»، يضحك الرجل ويخبره أن عليه إبقاء العمال أصحاء وسعداء، كلما فعل ذلك زادت إنتاجيتهم وقلت مشاكلهم ولم يعان من أي ضغوط من نقاباتهم القوية.

يفهم مور أن ألمانيا تهتم بتمكين الطبقة المتوسطة عبر ضمان تمثيلهم في النقابات ومجالس إدارات الشركات، حيث يحتوى أي مجلس إدارة لأي شركة – من بين ذلك مرسيدس بنز – على عمال يمثلون 50% من أفراد المجلس. ويفهم أن الإبقاء على طبقة متوسطة قوية وواسعة هو الضمان الحقيقي لاستقرار المجتمع، ولمنع استقطاب حاد بين طبقة فاحشة الثراء وطبقة مدقعة الفقر كما هو منتشر في دول عديدة، منها الولايات المتحدة نفسها، التي يعيش فيها 43 مليون مواطن مصنف تحت خط الفقر.

المثير في ألمانيا أيضًا كم الأحداث الثقافية والتعليمية التي خصصتها الحكومة لدراسة الحقبة النازية من تاريخها، حيث قادت ألمانيا النازية دول المحور لتقتل ملايين البشر خلال الحرب العالمية الثانية، هذا إلى جانب جرائم التطهير العرقي التي قام بها نظام هتلر.

يرى الألمان أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه وتعويض الضحايا وأهلهم هو سبيل عدم تكراره، وسبيل التصالح مع الذات من أجل التقدم الحقيقي. ويتساءل مور: «هل يمكن لأمريكا أن تفعل المثل، وتصارح شعبها بجرائمها في حق السكان الأصليين لأمريكا، أو جرائمها في حق السود؟».

المزيد من الغزو والغنائم

يمضي بنا مور في فيلمه إلى عدة دول أخرى، تونس التي توفر عيادات مجانية تمامًا للسيدات، وتقر لهم الحق في الإجهاض ما دام اختيارًا شخصيًا، ورغم مجيئ حكومة بخلفية إسلامية لسدة الحكم بعد ثورة 2011، إلا أن السيدات ضغطن لينلن حقوقًا متساوية مع الرجال وأن ينص الدستور الجديد على ذلك.

وكذلك أيسلندا التي تعمل على تمكين السيدات أيضًا وإدراجهن في الوظائف الحكومية المختلفة، وفي مجالس إدارات الشركات والبنوك، ولاحظ أن البنك الوحيد الذي لم ينهر في أيسلندا إثر الأزمة الاقتصادية في 2008 هو بنك يدار بالكامل عن طريق سيدات.

أيضًا سلوفينيا، حيث يُقدّم التعليم الجامعي مجانا للجميع، سواء لمواطنين أو قادمين من الخارج، ولا يثقل كاهل الطالب بديون يدفعها في المصروفات ويسددها على مدار حياته من مرتبه.

وفي النرويج زار السجون التي تعتبر منتجعات متكاملة لا تعاقب المسجون إلا بسلب حريته، أما باقي حقوقه من أمان وغذاء وراحة ورياضة وتعليم وترفيه فإنها تُمنح له كاملة، كذلك ألغوا عقوبة الإعدام تمامًا لأنها من وجهة نظرهم عقوبة تسلب الكرامة الإنسانية من وجهة نظرهم.

يسأل والد شاب قتل في المذبحة التي نفذها نرويجي متطرف في 2011، عندما أطلق النار على معسكر دراسي قتل فيها 100 شاب: «إذا سنحت لك الفرصة، هل ستقتل هذا الشخص؟»، يجيب الرجل: «لا بالطبع، لا يمكنني النزول لمستواه، واعتبار قتل نفس حقًا لي، إنه ليس من حقي في الأساس».

يزور مور فنلندا، التي تتصدر دائمًا قائمة أفضل نظم تعليمية في العالم، رغم أن عدد ساعات العمل في اليوم أربع ساعات فقط، بما فيها وقت الغداء. ولا يُعطى الطلاب أية فروض دراسية للمنزل.

تقول له مديرة إحدى المدارس أنه «على الأطفال أن يعيشوا طفولتهم، ولا نكدسها لهم بمواد وواجبات لا تنتهي. بعد الدراسة سيذهبون ويمارسون هواياتهم ويتعرفون على أصدقاء جدد ويتواصلون مع أسرهم، هذه خبرات تعليمية في حد ذاتها، وفي اليوم التالي سيحضرون إلى المدرسة ويناقشون مع معلميهم وزملائهم تلك الأشياء. هذا هو التعليم الحقيقي».

يسلم مور بأن إحدى أسباب قدرة هذه الدول على تقديم كل تلك الخدمات لمواطنيها، هو فرض ضرائب على الدخول أعلى مما يفرض في الولايات المتحدة، ما يُمكّن تلك الدول من تقديم خدمات تعليمية وصحية وتوظيفية على أعلى مستوى.

لكنه يكتشف أن كل شيء من تلك الأشياء، يُقدم في الولايات المتحدة بتكلفة باهظة، تتجاوز أضعاف الفارق بين ضريبتي الدخل في أوروبا وأمريكا.

في فيلم مور «Where to Invade Next?»، نجده وقد خفّضَ بشدة من أسلوبه لاذع السخرية، فيما يبدو احترامًا للتجارب الإنسانية المذهلة التي نقلها، والتي تشكل معًا وصفة غنية لمجتمع ناجح وسعيد.

The post عندما تبدو أمريكا أسوأ مكان في العالم.. عرض لفيلم «Where to Invade Next؟» appeared first on ساسة بوست.

سر في يد آخر ملوك الأندلس.. عرض لفيلم «Assassin’s Creed»

$
0
0

ربما لا يعلم الكثيرون أن أصل كلمة «Assassins» (بمعنى قتلة أو فرقة اغتيالات أو سفاحين) قادم من كلمة «حشاشين»، والحشاشون هم طائفة إسماعيلية نزارية انفصالية، خرجت عن طوع الدولة الفاطمية في القرون الوسطى (بين 11 و 13 ميلادية) لتدعو إلى إمامة شخص آخر غير الخليفة الفاطمي، وهو الإمام المختفي «نزار المصطفى لدين الله»، ونتيجة لمطاردتهم فقد تفرقوا بين بلاد فارس والشام، واتخذ قائدها الغامض صاحب الشخصية الأسطورية المبهمة في التاريخ الإسلامي «الحسن بن الصباح» قلعة حصينة تسمى قلعة «آلموت» – وتعنى عش النسر – في فارس لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته الجديدة.

وكانت الاستراتيجية الرئيسية للحشاشين تعتمد على الاغتيالات بمفهومها المعاصر، والتي يقوم بها «فدائيون» لا يخافون الموت في سبيل تحقيق أهدافهم، كانت تلك العمليات تلقي الرعب في قلوب أعداء الطائفة من الحكام والأمراء والقادة والنافذين، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة في تلك الحقبة، منها على سبيل المثال الوزير السجلوقي «نظام الملك» والخليفة العباسي المسترشد، والخليفة العباسي الراشد، هذا بجانب «كونراد» ملك بيت المقدس. وقد قيل إن اسمهم مشتق من «الحشيش» نظرًا لأن الفدائيين كانوا يتعاطونه بانتظام ليزيد من قدرتهم على مواجهة المخاطر بشجاعة واستهانة، وليتمكنوا من احتمال آلام العراك والجروح.

عقيدة طائفة قديمة

فيلم Assassin’s Creed أو «عقيدة طائفة الاغتيالات» تدور أحداثه عبر قصتين متوازيتين في عصرين مختلفين يربطهما الممثل الرئيسي في الفيلم «مايكل فاسبيندر» – المشهور بدوره في شخصية ماجنيتو في سلسلة أفلام X-Men، كما جسد العام الماضي شخصية Steve Jobs في فيلم يحمل الاسم ذاته من إخراج داني بويل – يلعب فاسبيندر دور «كال لينش» وهو مجرم محكوم عليه بالإعدام، وفي يوم تنفيذ الحكم يتم تقييده بإحكام في طاولة خاصة وضخ سوائل مميتة لجسده، إلا أن لينش يستيقظ ليجد نفسه داخل ما يشبه عيادة طبية حديثة وأمامه سيدة ترتدي أيضًا زيًا غريبًا يشبه إلى حد ما زي الأطباء أو العلماء، تخبره تلك السيدة التي تحمل اسم «صوفيا» – تلعب دورها الممثلة الفرنسية الجميلة ماريون كوتيلارد – أنها تعطيه فرصة ذهبية للنجاة والفوز بحياته مرة أخرى، عبر خضوعه لما يشبه تجربة علمية.

يحاول لينش عبثًا الهرب ، لكنه في النهاية يستسلم لإرادة صوفيا – التي يتضح أنها عالمة وليست طبيبة- حيث تصطحبه إلى مختبر ضخم للغاية يحتوى آلة جبارة ومتقدمة تسمى «The Animus»، وهي تكنولوجيا تقوم بقراءة الذاكرة المخزنة جينيًا في الحمض النووي للبشر ثم تعرضها بشكل هولوجرامي ثلاثي الأبعاد يوضح الأحداث التي وقعت لأسلاف صاحب الـ DNA. يتم وضع لينش على ذراع الآلة فيجد نفسه فجأة في عالم آخر حيث يدور سيناريو القصة الثانية التي يقدمها الفيلم.

تعود تلك الآلة بـ «لينش» ليجد نفسه واحدًا من طائفة الاغتيالات، تحت اسم «أجويلار»، في إسبانيا بالقرون الوسطى حيث محاكم التفتيش التي نشأت بالتوازي مع انهيار الحضارة الإسلامية في الأندلس وقرطبة وغرناطة، للتفتيش عن المسلمين وباقي الأقليات لمحاكمتهم وقتلهم أو حرقهم إذا لم يستبدلوا دينهم بالمسيحية، ويخضعوا للحكم المسيحي.

يقسم أجويلار على افتداء طائفة القتلة بروحه إذا اقتضى الأمر ذلك، ويقاتل مع أفراد الطائفة للتصدي لمجموعة شريرة تسمى فرسان المعبد، يهدفون للحصول على سلاح سري يعطي من يمتلكه القدرة على التحكم في «الإرادة الحرة» للشعوب. هذا السلاح يمتلكه السلطان عبد الله الثاني عشر حاكم غرناطة وآخر ملوك المسلمين بالأندلس، يقوم بدوره الممثل البريطاني من أصل مصري خالد عبد الله.

من لعبة إلى تحفة سينمائية

فيلم Assassin’s Creed مبني على لعبة حركة شهيرة تحمل نفس الاسم، وعكس ألعاب كثيرة تحولت لأفلام، يبدو الفيلم على قدر كبير من التشويق والنضوج، وربما لا يقارن إلا بفيلم الحركة والتشويق Max Payne من بطولة «مارك وولبيرج» المعتمد على أحداث لعبة ناجحة أيضًا.

الفيلم اعتمد على مؤثرات بصرية رائعة، لينقل إلينا حقبة من أحلك الحقب التي مرت بها أوروبا. استطاع أن يبرز قسوة ووحشية جيوش «فرديناند وإيزابيلا»، وجمال عمارة الحضارة الإسلامية الآفلة في إسبانيا، ورشاقة وخفة ومهارة المنتمين للطائفة، وسيطرة وتنظيم المنتمين لفرسان المعبد.

المخرج «جاسيتين كورزيل» – سبق وقدم مع مايكل فاسبيندر معالجة بصرية رائعة لمسرحية شكسبير «ماكبث» في فيلم حمل نفس العنوان تم عرضه العام الماضي – اهتم بأدق تفاصيل الملابس والحلي والإكسسوارات والأسلحة المستخدمة في تلك الحقبة، وخصوصًا أسلحة الطائفة المستخدمة في عمليات الاغتيال، من خناجر آلية يتم ارتداؤها على الرسوغ وتنطلق لتنغرس في أجساد الضحايا قبل أن يدركوا ما يحدث، وقنابل دخان للتمويه والاختباء والتشتيت، هذا بجانب السهام والأقواس والنصال بأنواعها ومنها النجوم المسنونة التي تذكرك بتلك التي يستخدمها مقاتلو النينجا، بجانب نماذج بدائية من المسدسات من النوع الذي يسمى «الغدارات».

يعود لينش من تجربته الأولى مع آلة الـ Animus ليبدو غاية في التوتر والاندهاش، يخبر صوفيا أن كل ما شاهده بدا حقيقيًا للغاية، فتؤكد له صوفيا أنهم بحثوا عنه لفترة طويلة جدًا بعدما تأكدوا أنه من سلالة الطائفة، وأنه بالفعل مر بتجربة حقيقية قد مرت لأسلافه منذ أكثر من 500 عام، والآلة قامت بقراءة تلك الأحداث المدفونة في حمضه النووي وإعادة تمثيلها بصريًا أمامه وإدماجها في جهازه العصبي ليتم عمل محاكاة للأحداث وكأنه شخصيًا يمر بها. يسألها لينش عما تريده منه بالضبط. فتخبره أنها تريد مساعدته للوصول إلى السلاح السري.. سلاح الإرادة الحرة.

هدف نبيل بين عالم شرير

تعمل صوفيا في مؤسسة غامضة يديرها والدها «ريكين» – الممثل الإنجليزي الكبير جيريمي آيرونز – في منشأة كبيرة تقع أيضا في إسبانيا بالمستقبل غير البعيد في عالم تديره أنظمة شمولية تهدف لتعزيز سيطرتها على المجتمع. وبعكس والدها الذي يبدو وكأنه يسعى لتنفيذ أجندة غامضة تهدف لحماية تلك الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، تبدو صوفيا غاية في البراءة، تهدف للحصول عى سلاح «الإرادة الحرة» لتستطيع تحرير المجرمين من أمثال «لينش» من إجرامهم، وإعطائهم فرصة للتخلص من الجزيئات الشريرة التي تسري في أعماق حمضهم النووي وتفرض عليهم – من وجهة نظر صوفيا – القيام بتلك الأفعال الإجرامية. كانت تحاول إعطاء لينش وآخرين مثله موجودين في تلك المنشأة التجريبية الممولة بمليارات من الدولارات، أملًا في التحرر وامتلاك إرادة لفعل الخير.

كانت صوفيا من السذاجة لتدرك أن الحكومات ستدفع مليارات الدولارات من أجل برنامج إصلاحي لمجموعة من المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام، كانوا يريدون «السلاح السري» لغرض آخر ينكشف مع نهاية الفيلم.

تمضي أحداث الفيلم ولينش يذهب ويعود للماضي عبر آلة الـ Animus في محاولة للعثور على مكان السلاح، ثم يكتشف أن المجرمين الآخرين الموجودين في المنشأة هم أعضاء للطائفة التي استمرت عبر القرون والعقود لتحافظ على وجودها وهدفها، ويحاولون إقناعه بعدم كشف مكان السلاح السري لـ «صوفيا» لأن حماية ذلك السلاح واحد من أعظم أسرار الطائفة التي تبذل من أجل حمايته الأرواح.

فيلم Assassin’s Creed تجربة سينمائية غنية سوف تتبع بأجزاء أخرى، تمزج التاريخ مع التشويق والحركة والتقنيات القتالية والعوالم السياسية المظلمة قديمًا وحديثًا، كل ذلك في بوتقة تعتمد على مجموعة رائعة من الممثلين ذوي الأداء العالي المستوى، لتجعلها سلسلة أخرى من المغامرات التي لا تنسى، والتي لا تذكرنا سوى بأفلام من المستوى الأول مثل ثلاثية Lord of The Rings أو فيلم «ريدلي سكوت» Kingdom of Heaven.

The post سر في يد آخر ملوك الأندلس.. عرض لفيلم «Assassin’s Creed» appeared first on ساسة بوست.

بابا نويل يُنقذ الاقتصاد الأمريكي.. عرض لفيلم «Office Christmas Party»

$
0
0

في واحد من أحدث أفلام موسم «الكريسماس»، تعود النجمة «جينيفر أنيستون» للعمل مجددًا مع الممثل خفيف الظل «جايسون باتمان»؛ لتقديم كوميديا جديدة خفيفة في فيلم «حفل الكريسماس في المكتب» Office Christmas Party، في وجبة ترفيهية مشبعة لعشاق النجمين.

وتدور أحداث الفيلم في مدينة شيكاجو الأمريكية، وتحكي قصة شركة كبرى تعمل في مجال التكنولوجيا يمتلكها الأخوان «كلاي فانستون» (الممثل تي جي ميلر نجم سلسلة Silicon Valley)، و«كارول فانستون» (جينيفر أنيستون)، حيث يدير كلاي فرع الشركة في شيكاجو المكون من طابقين واسعين يضجان بفريق ضخم مكون من 200 موظف، ويستعين بصديقه والمسؤول التقني الأول «جوش باركر» (جايسون باتمان) في السيطرة على الفريق، وملء الفراغ الناتج عن نقص خبرته الإدارية، ومحاولة المضي بالشركة قدمًا وسط اقتصاد أمريكي ليس في أفضل حالاته.

وعبر تتبع مسارات مجموعة من الأشخاص البارزين داخل شركتهم «زينوتيك»، يبدو المرح وعدم المبالاة مسيطرًا على الأجواء في الشركة، وخاصة مع اقتراب موسم الأعياد، حيث الجميع يخططون لشراء الهدايا، والتجهيز لعطلاتهم، وكتابة كروت المعايدة، والأمر الأكثر أهمية: التخطيط لحفل الكريسماس داخل المكتب.

شركة كبيرة وموظفون مرحون

وتبدأ الشخصيات المرحة بمديرة شؤون الموظفين «ماري» (كيت ماكينون نجمة برنامج Saturday Night Live)، حيث تمزج ماري وجهين متناقضين، بين التزامها البالغ في مراقبة الموظفين، والتأكد من التزامهم بقواعد العمل، وفي نفس الوقت قدرتها على الاحتفال والمرح حينما تخرج الأمور عن السيطرة.

هُناك أيضًا مدير خدمة العملاء «جيريمي» (روب كوردري الحائز على أربع جوائز Emmy)، الذي بالرغم من مسؤوليته عن ضمان حوار هادئ ومحترف مع عملاء الشركة، إلا أنه يبدو دائمًا في حالة غريبة من تبدل المزاج، بين نشاط خارق وتبادل نكات صاخبة مع الموظفين، وبين عصبية وتشنج وشبه انهيار عصبي، مع أقل المواقف استفزازًا من الموظفين أيضًا.

هناك أيضًا «نيت»، الموظف ذو الأصول الهندية، الذي يحاول إقناع الآخرى بأهميته، موحيًا إليهم أن لديه صديقة غاية في الجاذبية، لكنه في الحقيقة ليس لديه أي أصدقاء. وهناك كذلك «أليسون»، الأم العزباء التي تحاول إثارة إعجاب زميلها «فريد» (الممثل ذو الأصل الكوري راندال بارك)، والذي سبق ولعب دور الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج»، وأيضًا حارسة المبنى «كارلا»، التي تبالغ في إظهار حاستها الأمنية؛ لتبدو كما لو كانت فشلت في الالتحاق بـ«FBI»، وتحاول تعويض فشل حلمها في وظيفتها المتواضعة.

جينيفر أنيستون قاتلة المرح

تتوقف حالة المرح مع زيارة مفاجئة للأخت القاسية كارول، حيث تطلب اجتماعًا عاجلًا مع مدير الفرع (أخيها) وباقي الموظفين الكبار، وتعلن لهم أنها تقوم بمراجعة مالية شاملة لجميع فروع «زينوتيك» وأنها أغلقت لتوها فرعين لا يحققان أرقامًا ربحية جيدة، وأن فرع شيكاغو سيكون تحت مراقبتها الفترة القليلة القادمة؛ لتستطيع أن تقرر إذا كان سيستمر أم لا.

يطمئنها الجميع أن الأمور تمضي في الفرع على ما يرام، وأنهم يحققون نموًا جيدًا، ويدعونها لحضور حفل الكريسماس الخاص بفريق العمل بالمكتب. تنفجر كارول فيهم، وتطالبهم بضغط النفقات لأقصى حد ممكن، وتأمر الجميع بإلغاء الحفل، يحاول الفريق استرضاءها والإيحاء إليها أنهم سيلغون الحفل بالفعل، فيما يتغامزون لبعضهم البعض أن الحفل سيتم من وراء ظهرها، لكن كارول تلاحظ محاولاتهم الطفولية، ويستفزها ذلك أكثر، وتعلن أنها ستغلق الفرع، إذا لم يحققوا أرقامًا كبيرة تعجيزية ذكرتها لهم.

أسقط في يد الجميع، إلا أن جوش يذكرهم بعميل كبير هم على وشك عرض خدمات الشركة التقنية عليه، ويقترح عليهم أن يتعجلوا مقابلته قبل إجازة الكريسماس، فإذا نجحوا في إغلاق الصفقة؛ فسيمكنهم حينها الاحتفاظ بوظائفهم، وإنقاذ الفرع من قرارات كارول القاسية.

وعندما يقابل جوش وكلاي العميل «والتر ديفيس» (كورتني بي فانس) يجدان أن أخبار تهديد كارول بإغلاق الفرع قد وصلت إليه، ويصارحهم أن شركتهم رائعة، وعرضهم مغريًا، إلا أنه لا يمكنه أن يثق في شركة قد تغلق في أية لحظة، وخصوصًا أن بين أصحابها خلافات. هنا وبدافع اليأس البالغ، يقترح كلاي على جوش إقامة حفلهم السنوي في موعده ودعوة والتر لقضاء وقت رائع، وفي نفس الوقت للتعرف على فريق عمل الشركة عن قرب، واقناعه بمتانة علاقة الشركة بموظفيها، وقدرتهم على الاحتفاظ باستمرارية الشركة، والوفاء بمتطلبات الصفقة.

الكريسماس يخرج عن السيطرة

تمضي أحداث الفيلم داخل الحفل الصاخب في مفارقات كوميدية لا تنتهي، منها استقدام نيت لفتاة محترفة؛ لتقوم بدور صديقته التخيلية الجميلة أمام باقي زملائه، تلك الفتاة التي تحمل مخدرًا داخل حقيبتها يتسرب بطريقة ما إلى ديفيس، الذي يصاب بالانتشاء ويفقد فجأة وقاره، وينخرط بجنون في الحفل الصاخب.

وتكتشف أليسون أن فريد يعاني من اضطراب نفسي ناشئ عن مشكلة ما في صغره مع أمه. وكذلك كارل، الحارسة التي تقف أسفل المبني في ملابس السهرة، تفتش القادمين في مشهد هزلي، بينما تنتظر انتهاء حفل المكتب؛ لتذهب إلى أصدقائها؛ لتلحق حفلها الخاص. فيما تعرف «كارول» عن الحفل بالصدفة أثناء استقلالها سيارة «أوبر»، تحدثها السائقة كثيرة الكلام أنها أوصلت الليلة فقط عدة أشخاص إلى حفل صاخب في وسط المدينة، وتذكر لها العنوان؛ فتهرع كارول إلى الحفل التي تخرج عن السيطرة تمامًا بعدما دعت إحدى الموظفات كل قاطني «شيكاغو» عبر «تويتر» للانضمام للحفل الرائع والطعام المجاني.

المخرجان «جوش جوردون» و«ويل سبيك» اللذان سبق وأخرجا لجينيفر أنيستون وجيسون باتمان فيلم «The Switch»، واستطاعا استكمال الاستفادة من الكيمياء الخاصة بين النجمين، ووضع أنيستون في دور الشخص الشرير المتسلط، ووضع باتمان في دور الضحية الذي يحاول الخروج من المأزق بأية طريقة حتى لو كانت خرقاء مضحكة، كما حدث في فيلم «Horrible Bosses»، الذي يحكي قصة ثلاثة موظفين يعانون من تسلط ثلاثة رؤساء في العمل، فيقررون قتلهم بطرق هزلية.

حاول المخرجان أيضًا غمس المشاهد في تفاصيل كثيرة معاصرة تمس حياته بشكل مباشر، بدءً من الأزمة الاقتصادية، مرورًا بتطبيقات «Uber» و«Tinder» واسعة الشهرة، وليس انتهاءً بالمعاملة العنصرية للمهاجرين.

ربط المخرجان العمل بشكل جيد عبر نسج عدة قصص متداخلة، منها محاولة كلاي إثبات نفسه أمام أخته، وعدم تفريط في الفرع الذي كان محببًا لأبيه الراحل، الذي طالما جمع الموظفين حوله، وأعطاهم شعورًا بأنهم أسرة واحدة, يفعل كلاي من أجل ذلك كل شيء ممكن، لدرجة أن يرتدي كلاي «بابا نويل»؛ ليرفه عن موظفيه بشكل عام، ولاسترضاء ديفيس بشكل أخص. أيضًا جوش المطلق حديثًا، والذي يعاني ماديًا, وأثر تهديد إغلاق الشركة على قراراته ومصيره. كذلك الموظفة المتفانية «تريسي» – الجميلة أوليفيا مان – التي تحاول الاستفادة من أفكارها التكنولوجية الخلاقة في إنقاذ الشركة ماليًا.

«اللوكيشن» سيكاجو

خرج المخرجان من مواقع التصوير الهوليوودية التقليدية في لوس أنجيلوس ونيويورك؛ ليصورا في مدينة شيكاغو، التي تحتل مركزًا مرموقًا في خارطة الثقافة والفنون الأمريكية.

وصورًا في مركز المدينة بالقرب من مجمع إداري ضخم، معروف بـ«Federal Plaza»، بكادرات واسعة لتمثال «الفلامينجو» الواقع وسط ساحة البلازا، كما ركزا على ليل شيكاغو وزينة الكريسماس المنتشرة في كل مكان، لتشيع أجواءً من البهجة.

واعتمد الفيلم على كوميديا المواقف والمفارقات، مع استخدام محدود للعبارات واللقطات الخادشة، مقارنة بأفلام أخرى لموسم الكريسماس؛ ما يجعله مناسبًا للمشاهدة العائلية.

The post بابا نويل يُنقذ الاقتصاد الأمريكي.. عرض لفيلم «Office Christmas Party» appeared first on ساسة بوست.

هل يقف يأجوج ومأجوج وراء سور الصين العظيم؟.. عرض لفيلم «The Great Wall»

$
0
0

 

تقول الأسطورة إن الإمبراطورية الصينية القديمة كانت تواجه خطرًا محدقًا يهاجم أراضيها كل ستين عامًا، ومن أجل ذلك شيدت «سور الصين العظيم» ليصد ذلك الخطر. يبني المخرج الصيني الكبير «إيمو زانج» الحائز على جائزتي BAFTA فيلمه الجديد «السور العظيم» The Great Wall على تفاصيل تلك الأسطورة، التي تنحي جانبًا السبب المعروف لبناء السور –بني سور الصين العظيم على مدى 1700 عامًا، وبدأ إنشاؤه حول عام 221 ق. م. على يد أحد حكام أسرة «تشين» لحماية مملكته من هجوم الممالك المجاورة، وأيضا من القبائل البربرية المغيرة، وواصلت الأسر المتعاقبة مثل أسرة «هان» وأسرة «منج» في البناء، الذي يبلغ طوله 5500 ميل، ويمكن لرواد الفضاء رؤيته بالعين المجردة من مدار أرضي قريب-، ويضع «زانج» سرديته الخاصة لسبب بناء السور والتي تتضح مع تصاعد الأحداث.


مرتزقة من الغرب

في عصور الظلام بالقارة الأوروبية المشغولة بالصراعات والحروب وتسلط الكنيسة، يصل إلى الصين مجموعة من المرتزقة الأوروبيين للبحث عن اختراع غريب كانت أنباؤه تصل إليهم عبر تلك الأراضي الشرقية الشاسعة، مسحوق أسود يستطيع أن يحول الهواء إلى نار مرعبة، وكان أمراء الحرب يدفعون الكثير من المال لهؤلاء المرتزقة للعودة بمثل ذلك الاختراع الحربي الذي يمكِّن أي قائد من تغيير موازين الحرب لمصلحته.

إلا أن صحراء وسهول الصين الشاسعة التي يمر بها هؤلاء المرتزقة، لم تكن نزهة سهلة، فقد تعرضوا للمطاردة والنهب والقتل أيضا من قبل قبائل المغول وقبائل صينية بدائية، وذلك قبل أن يصلوا لأي مدينة صينية يستكشفون فيها حقيقة أخبار ذلك المسحوق المزعوم.

لا يتبقى من تلك البعثة البائسة سوى أربعة أو خمسة رجال على رأسهم الإنجليزي «ويليام جارين» –يجسد دوره الممثل الحائز على الأوسكار مات ديمون- وصديقه الأسباني «بيرو توفار» –يقوم بدوره نجم مسلسل Game of Thrones بيدرو باسكال- الذين يستطيعون تضليل مطارديهم من رجال القبائل مؤقتًا، بعد رحلة شاقة في الصحراء على ظهور أحصنتهم المجهدة. وفي الليل يلجأون إلى الراحة قبل أن يستيقظوا على حركة غريبة وأصوات زمجرة حيوانية تشبه زمجرة ضبع جائع، يهاجمهم وحش غريب لا يستطيعون تبين مظهره في ظلمة الليل، يستطيع هذا الوحش البطش بأفراد البعثة البائسة، لكن في النهاية ينجح «ويليام» بمساندة «بيرو» في قطع يد الوحش بضربة طائشة محظوظة وسط الظلام، تراجع الوحش إثرها ليسقط في جرف من حالق ويموت.

يضع ويليام اليد المخلبية الضخمة في جعبته ليسأل لاحقًا عن طبيعة هذا الوحش المخيف، ويستكمل مع بيرو رحلتهما ليجدان نفسهما في النهاية أمام أحد أبواب سور الصين العظيم، وأصوات عسكرية من أعلى الصوت تحذرهم من الاقتراب، يتبعها مجموعة منذرة من السهام لا تصيب أيا من الرجلين، لكنها تنغرس بدقة في دائرة مكتملة تحيط بهم.

السور العظيم

القبائل الصينية المتوحشة وراءهم، والسور أمامهم، وعليهم أن يحسبوا بسرعة أقل الاحتمالات خطورة، فيختار وليام وبيرو الاستسلام لقوات حماية السور. تصعد بهما القوات إلى الأعلى، فيجدان حشودًا ضخمة من القوات الصينية وآلات حربية وعتاد بكميات هائلة على امتداد السور وكأن البلاد في حالة حرب. يخبران قائد القوات ونائبته القائدة «لين» –الممثلة الصينية الجميلة تيان جينج- أنهما أتيا في سلام من أجل التجارة، يأمر القائد بتفتيش حقيبتهما ويعثران على يد المخلوق وأيضًا حجر مغناطيسي كبير كان ويليام ينوي استخدامه في صنع بوصلة، يخبرهم الأخير أنه وصديقه قاتلا وحشًا غريبًا لم يتبينا شكله وأنهما قاما بالإجهاز عليه.

ينظر القادة لبعضهم البعض في دهشة غير مصدقين، ويعلم الصديقان سبب الاندهاش عندما يعلمان أن قوات الصين كلها تحتشد لصد هجوم عنيف على وشك أن تشنه كائنات متوحشة تزحف قادمة من عمق جبال الصين بالملايين تشبه ذلك الوحش الذي هاجمهما الليلة الماضية.

تدق أجراس السور معلنة اقتراب الوحوش، وقبل أن يبت القادة في أمر ويليام وبيرو، يقررون اصحطابهما معا إلى سطح السور حيث يتأهب القوات لصد هجوم الكائنات المتوحشة.


قوة عسكرية لا نظير لها

يقدم لنا المخرج إيمو زانج صورة مدهشة لمدى تنظيم وقوة وتقدم الحضارة الصينية في هذا الوقت، على سطح السور تبدو القوات غاية في النظام ومقسمة في فرق ترتدي ألوانًا معينة تميز وظيفة تلك الفرق، فرقة المشاة، وفرقة الرماة، وفرقة أخرى من الفتيات لا يستطيع وليام تمييز وظيفتها. أيضا يبرز زانج تقدم الأسلحة الجبارة التي استخدمها الصينين في هذا الوقت، من راجمات نيران، ومدافع للسهام، وقاذفات قنابل –تستخدم المسحوق الأسود الغامض الذي يسعى ورائه وليام وبيرو، وهو مسحوق حقيقي قابل للانفجار ابتكرته الصين مكون من خليط من الكبريت والفحم والبوتاسيوم والنيترات-، ورافعات ميكانيكية تشبه المصاعد والأوناش الحديثة، وأيضا وسائل مذهلة لنقل القوات عبر الجو، كذلك وسائل الاتصال بين الأبراج وبين القوات عبر الأجراس والطبول بشكل شديد الإحكام والتنظيم. استخدم زانج أيضا الملابس بشكل مبهر، ليبدو كل جندي بطلًا خارقًا يزهو في حلته الحربية اللامعة الأشبه بملابس االشخصيات الأمريكية الخيالية Power Rangers لكن أكثر تعقيدًا وقوة وبذائقة تناسب العصر القديم.

يبدأ هجوم الكائنات المتوحشة، التي لا تبدو فقط ضباعًا شديدة الضخامة، وإنما أيضا تمتلك ذكاءً حاد، وتتواصل مع بعضها البعض عبر ذبذات تصدرها في الهواء، وتقودهم ملكة أكبر منهم حجمًا وذكاءً تصدر لهم أوامر التحرك وتجهز تشكيلاتهم الحربية عبر نفس الذبذبات.


تهجم الكائنات في موجات عارمة متتالية تشبه السيل هدفها عبور السور للتغذي على ملايين البشر الموجودين خلفه، وتبدأ القوات في صد الهجوم بالأسهم والحراب والقنابل، وعبر طائفة الفتيات المقاتلات اللاتي يظهر دورهن، حيث يقفن على منصات عالية بارزة من السور، وكل فتاة منهن مربوطة من وسطها بحبل قوي يمكنها من القفز حيث الوحوش، فتغرس إحداهن حربتها في قلب الوحش أو عينه، قبل أن يقوم آخرون في الأعلى بسحبها مرة أخرى.

يجد وليام وبيرو نفسهما وسط خضم الهجوم الشرس، ولا مهرب سوى المشاركة في القتال، ويستخدم وليام مهاراته المذهلة في الرماية بالقوس، ويستخدم بيرو مهاراته بوصفه مصارعًا للثيران في خداع الوحوش واستدراجها والإجهاز عليها.


الهرب مع الثروة أم البقاء مع الموت؟

تستمر الحرب لأيام تالية، يحوز فيها وليام على ثقة القائدة لين التي تخلف قائدها السابق على رأس الجيش، بعد مقتله في كمين أعدته الوحوش بذكاء. وأيضا يكتشف أحد مستشاري لين طريقة يمكن بها القضاء على الوحوش لكن الطريقة خطيرة للغاية. في نفس الوقت يحاول بيرو إتمام المهمة التي أتى إلى الصين من أجلها، وهي العثور على المسحوق الأسود الذي بات على مرمى حجر منه وهو موجود بوفرة في مخازن السلاح داخل السور، ويقنعه مرتزق آخر يظهر بشكل غامض داخل السور –يقوم بدوره الممثل المخضرم ويليام دافو- بالاستيلاء على المسحوق والهروب بينما القوات الصينية مشغولة بالحرب، يحاول بيرو إقناع وليام بتلك الخطة، ويبدو على ويليام التردد بين الهرب معهم وبين البقاء للحرب بجانب القوات الصينية.

فيلم The Great Wall هو في الأصل فيلم صيني مئة بالمئة وليس فيلم أمريكي، مليء عن آخره بمفردات الحضارة الشرقية القديمة وبآلاف من أفرادها، بينما يظهر فيه شخصيات غربية تقل عن أصابع اليد. يُظهر فيه زانج الحضارة الصينية الباهرة في وقت كانت أوروبا غائبة في أحلك عصور الظلام، يحارب فيها المرتزقة مثل ويليام في صف الأمير فلان في الصباح ضد الدوق علان، وفي المساء يحاربان مع الدوق ضد الأمير، بلا ولاء أو غاية أو قيمة إلا الحصول على طعام يسد جوعهم في نهاية اليوم. القتال من أجل الوطن ومن أجل المجتمع الصيني وحضارته المنيرة والتضحية من أجل غاية أعلى فوق غاية الفرد، أثار في نفس ويليام الكثير من الاحترام والتبجيل الذي يشعر به لأول مرة، وجعل أفكاره ترتبك وخططه تتبخر في الهواء، أيضا فاجأه ذلك التقدير الكبير الذي تبديه الصين للمرأة، التي رآها بعينه تشكل خط الدفاع الأول، وتضحي بنفسها قبل الرجال، فتستحق أن تُعين أعلى سلم القيادة العسكرية، وسط تقدير وإذعان باقي القادة الرجال.


تمضي أحداث الفيلم في محاولة القضاء على الخطر الزاحف الذي يذكر المشاهد بقصة قوم يأجوج ومأجوج الذين بنى ذو القرنين سدًا كبيرًا ليحمى البشر من هجومهم، فيبدو سور الصين مثل ذلك السد، وتلك الوحوش مثل قوم يأجوج ومأجوج بأشكالهم الوحشية الرهيبة التي غضت بذكرها ووصفها كتب التراث.

وفي عصرنا الحالي الذي تبدو الحضارة الغربية فيه على وشك الانهيار، مع دعوات لتفكيك القوى الغربية مثل خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي، ومع تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا، ووصول قادة شعبوين إلى الحكم مثل دونالد ترامب في أمريكا، وقادة سلطوين مغامرين مثل بوتين في روسيا، يبدو فيلم المخرج الكبير «إيمو زانج» رسالةً رمزية مقصودة توحي أن إنقاذ البشرية وحمايتها سيأتي من الشرق، وأن الصين كما حمت العالم قديما من خطر تلك الوحوش الرهيبة، قادرة في زماننا أيضا على حماية الإنسانية من الغرب المتهور المتفكك، ومن وحوشه النهمة للسلطة والمال والسيطرة على مقدرات البشر.

تريلر الفيلم:

إنترفيو مع مخرج الفيلم إيمو زانج:

The post هل يقف يأجوج ومأجوج وراء سور الصين العظيم؟.. عرض لفيلم «The Great Wall» appeared first on ساسة بوست.

الباب المفتوح: رسالة حسين هتاف الثورة في قلب ليلى

$
0
0

حين تُجبر على الاختيار يكون لزامًا أن تقف وتحدد ما تريد، هذه ليلى تُوضع دائمًا في مواقف اختيار، وتُحسم الأمور لصالحها، ليلى هي أنا، هي كل فتيات مجتمعنا الشرقي.

ليلى

تقابل ليلى في حياتها ثلاثة رجال: ابن خالتها عصام، وصديق شقيقها حسين، وأخيرًا أستاذها في الجامعة رمزي.

تحب ليلى «عصام» وترسم له صورة مثالية للغاية، ثم تُصدم فيه بشدة، صدمة تمسها وتهز ذاتها، الأولى عندما تكتشف جبنه وضعف موقفه أمام أمه، والثانية عندما اكتشفت علاقته بالخادمة فكانت الصدمة شديدة وأقوى من قدرتها على الاحتمال لدرجة أنها تحولت لعقدة.

ثم قابلت حسين، حسين الذي كان عليه أن يواجه حاجزًا بنته ليلى سورًا أمام قلبه، يحاول حسين ويظل يحاول لا يصيبه اليأس، يبث في قلب ليلى هتافًا خفيًا أو لنقل نشيدًا ثوريًا حلو النغمات، فكان بمثابة الباب المفتوح على الأمل في قلبها.

«عارفة إنتي محتاجة لإيه، محتاجة لحد يهزك لغاية ما تفوقي، لغاية ما تدركي إن الدنيا ما انتهتش، وإن اللي حصل ده كان لازم يحصل لأنك ماعرفتيش تختاري».

وضع حسين يده على العلة، وظل يحاول أن يعطي العلاج، أيقن أن ليلى قد جمدت الحياة بداخلها، فصار لزامًا أن تجد من يهزها؛ حتى يسري تيار الحياة مجددًا فيها، وقبل أن يسافر وضعها على أول الطريق «الطريق المفتوح».

«انتي في قرارة نفسك بتؤمني بالتحرر، بالحب، بالحياة، اعملي اللي بتؤمني بيه قبل فوات الأوان».

ليلى

وهنا ظهر الدكتور رمزي ثالث رجل في حياة ليلى، رمز أصيل للرجل المتعنت الرجعي، المتخفي تحت ستار الثقافة، يكسر ليلى ويجبرها على الخضوع له، ويساعده على ذلك ضعف حيلتها وقلة ثقتها بنفسها.

وفي يوم الخطبة تكتشف ليلى كل ذلك الصلف والزيف، تتخلص منه في النهاية بعد أن توجعها التجربة لثاني مرة، وهنا تختلف الرواية عن الفيلم، وإن كان الفيلم قد صحح اتجاه الرواية في نظري، حيث تنتصر ليلى وتلقي إليه بخاتمه، وتفتح الباب الذي كان يود إغلاقه عليها، كل هذا وحسين بعيدًا قريبًا، غائبًا حاضرًا.

ليلى

كان حسين هو الفاصل بين محطتي تجارب عايشتها ليلى بكامل ألم التجربة، والحق أن «لطيفة الزيات» رسمت شخصيته ببراعة على صفحات الرواية، ليتحول بتحول الرواية إلى فيلم لأيقونة الحب في مخيلة معظم الفتيات حتى هذه اللحظة، ولا ننسى جميعا «كفتيات» رقة «صالح سليم» ولا صوته وهو يتلو الخطابات بذلك الصوت المليء بالحياة.

ماذا فعل حسين بليلى وبنا؟!

ليلى

باعتباره هتافًا خافتًا يظل صوته يعلو شيئًا فشيئًا، يظل يتردد في عقلك ويحرمك النوم ويقتحم عليك لحظاتك الكئيبة الخاضعة، تحاول أن تتخلص منه لتعود لحياتك النمطية التي لا تحتوي أي تغيير، كانت كلمات حسين ذلك الهتاف الذي ظل يطرق قلب ليلى على مهل، ويحرمها النوم، يجلد خنوعها ويفسد عليها حياتها القانعة الخالية من الحب والتحرر، ظل يتردد في قلبها يحرضها على الثورة على كل «تابوهات» حياتها.

«أنت لا تريدين أن تنطلقي وأن تتركي نفسك على سجيتها، لأنك تخشين أن تتعلقي بي، أن يفنى كيانك في كياني، أن تستمدي ثقتك في نفسك وفي الحياة مني، ثم تكتشفين كيانك مدلوقا -كالقهوة- في غرفتي«.

«وأنا أحبك وأريد منك أن تحبينني، ولكني لا أريد منك أن يفنى كيانك في كياني ولا في كيان أي إنسان. ولا أريد لكِ أن تستمدي ثقتك في نفسك وفى الحياة مني أو من أي إنسان. أريد لكِ كيانك الخاص المستقل، والثقة التي تنبعث من النفس لا من الآخرين».

وقرر أن يهتف ما وسعه الهتاف، قرر أن يهز تمثال الشمع لعله يذوب، كان حسين رمزًا لكل ما هو جميل، لكل المعاني الحلوة، ولكن ليلى صارعت بكل قوتها، صارعت حسين ويده الممتدة لتفتح الباب، ولكن ورغم أنها في ظاهرها اختارت السجن الإرادي، كانت في داخلها تصدق حسينًا، وتؤمن بالانطلاق.

«لقد انحبست في الدائرة التي ينحبس فيها أغلب أفراد طبقتنا، دائرة الأنا، دائرة التوجس والركود، دائرة الأصول، نفس الأصول التي جعلت عصام يخونك، وجعلت محمود يشعر بالعزلة في معركة القناة، وجعلت طبقتنا -كطبقة- تقف طويلًا موقف المتفرج من الحركة الوطنية، نفس الأصول التي تكرهينها وأكرهها، ويكرهها كل من يتطلع إلى مستقبل أفضل لشعبنا ووطننا.

وفى دائرة الأنا، عشت تعيسة، لأنك في أعماقك تؤمنين بالتحرر، بالانطلاق، بالفناء في المجموع، بالحب، بالحياة الخصبة المتجددة.

عشت تعيسة لأن تيار الحياة فيك لم يمت بل بقي حيًا يصارع من أجل الانطلاق
فلا تنحبسي في الدائرة الضيقة، إنها ستضيق عليك حتى تخنقك أو تحولك إلى مخلوقة بليدة معدومة الحس والتفكير.

انطلقي يا حبيبتي، صلي كيانك بالآخرين، بالملايين من الآخرين، بالأرض الطيبة أرضنا، بالشعب الطيب شعبنا.

أكاد أراك تبتسمين، فأنت لا تصدقينني، أليس كذلك؟ أنت لا تثقين بي، أنت تقيمين بيني وبينك الحواجز، وإذ ذاك – عندما يتحقق لكِ هذا- لن يستطيع أحد أن يحطمك لا أنا ولا أي مخلوق. إذ ذاك فقط، تستطيعين أن تلطمي من يلطمك وتستأنفي المسير».

رفيقة للحياة كان يريدها كذلك، «وتقدمت إلى الأمام وحسين لا يرخي عينيه عنها، لا ليست نفس الإشراقة القديمة إنها إشراقة جديدة، الأولى كانت فورة تبرق لتنطفئ، كالشمس في يوم مليء بالغيوم، أما هذه فنور هادئ دافئ متصل، نور ينبع من الداخل».

لا يجد حسين أمامه سوى الصبر، لم تكن ليلى من تلك الفتيات المدللات اللاتي يُفنِين الحبيب في عذابات الهجر والوصل، كانت ليلى تعاني، أدرك حسين مأساتها، ذلك كإدراكه بأن عينيها الحزينتين هما نعمته الغالية.

كان حسين هو المحرر لليلى، لا ذلك الذي يملي عليها ما يجب فعله، ولكنه بث في عقلها القدرة على اختيار الطريق الصحيح.

«الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفق، الْمَحَبَّةُ لاَ تَحسد، المحبة لاَ تتفاخر، وَلاَ تَنتفِخ، وَلاَ تُقَبِّح، وَلاَ تَطلُب مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَد، وَلاَ تَظُن السُّوء، وَلاَ تفرَح بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالحَق، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْء. اَلْمَحبَّة لاَ تَسْقط أَبَدًا».

الأمان، هو ما قدمه حسين لليلى على طبق ذهبي جميل، لم يجبرها أن تستجيب له، لم يكن يريد شيئًا بل كان يعطي فقط بكل تلك المحبة التي أطلت من عينيه، لم يجعلها تعاني عن قصد، حقق تلك المسلمة أن «الحب طيب»، ارتشف روحها على مهل ولكنه لم يحبسها بداخله بل أطلقها كعصفور علمه الطريق لكن لم يحدد اتجاهاته، تفهَّم تلك الفتاة التي مستها التجربة بسوء وأوقعها سوء اختيارها من خوف مرضي من كل شرير قد يمر بها.

قدم لها حبًا طيبًا جعلها تشعر بأنها تسير على أرض صلبة، لا تهتز من تحتها، تلك الثقة التي انبعثت منها في النهاية، وهنا حقق حسين ذلك الانتصار الهادئ، لا على ليلى بل على تلك العادات التي تكسر أي بنت في مجتمع كمجتمعنا، «شيئًا هادئًا حلوًا نما نموًا مطردًا وفصلها عن الخيال وربطها بالأرض، وجعلها تشعر لأول مرة فى حياتها أنها تسير على أرض صلبة وجميلة فى ذات الوقت».

وقدم لنا مفهومًا صحيحًا عن الحب، أن تجد روحًا تشربتك وتشربتها حتى وإن كان بينكما مسافات هائلة، تجد روحك وقد انقسمت على نفسها وظل نصفها بعيدًا عنك جدًا قريبًا منك جدًا جدًا، نصفك بعيد عنك ولكنك تلتقي به طوال الوقت، فيصير لك القدرة على امتصاص تلك الروح رشفة رشفة، فهي منك وأنت منها.

(مُزجت روحك في روحي كما.. تمزج الخمرة بالماء الزلال.. فإذا مسَّك شيء مسَّني.. فإذًا أنت أنا في كلِّ حال) الحلاج .

وكما طلبت ليلى إلى صديقتها أن تشكر حسينًا بلطف على كل ما قدمه لها، أشكره أنا أيضًا إذ رفع سقف الكفاية لي ولفتيات كثر مثلي.

هذا ما فعله حسين بليلى وبنا

ليلى

«فانطلقي يا حبيبتي، افتحي الباب عريضا على مصراعيه، واتركيه مفتوحا…
وفى الطريق المفتوح ستجدينني يا حبيبتي، أنتظرك، لأني أثق بك، وأثق في قدرتك على الانطلاق، ولأني لا أملك سوى الانتظار، انتظارك».

The post الباب المفتوح: رسالة حسين هتاف الثورة في قلب ليلى appeared first on ساسة بوست.

مدينة النجوم تتلألأ بالموسيقى.. عرض لفيلم «La La Land»

$
0
0

منذ سنتين أخرج الأمريكي داميان شازيل فيلمه الاستثنائي «Whiplash»، والذي رج مشاعر الملايين من محبي الموسيقى عمومًا، وموسيقى الجاز خصوصًا.

وسرد الفيلم الحائز على ثلاثة جوائز أوسكار، قصة طالب في معهد الموسيقى يحاول أن يشق طريقه إلى المجد. كان يجهد نفسه ليالي طويلة ليتقن اللعب على آلة «الدرامز»، يضع على حائط غرفته صور لاعبي الدرامز الأسطوريين: بادي ريتش، وإليفين جونز، ويستمع إلى شرائطهما بلا انقطاع، ويسلم نفسه إلى أستاذ قاسٍ يريد صناعة أساطير موسيقية جديدة من طلابه، حتى لو بدت طريقته الشرسة غير معتادة وشديدة الصعوبة، يكاد الطالب يتحطم تمامًا ويتخلى عن حلمه تحت الضغط الرهيب، إلا أن الموازين تنقلب في نهاية الفيلم، ويتغلب البطل على نفسه لتشرق موهبته بشكل جديد خارق، وينجح الأستاذ في وضع تلميذه بالفعل على أول سلم المجد.


وفي فيلمه الجديد المنتظر «La La Land» يستكمل شازيل استعراض غرامه بموسيقى الجاز، عبر فيلم غنائي استثنائي، تقع أحداثه في مدينة لوس أنجلوس، ويحكي قصة لاعب بيانو شاب، وممثلة شابة يسعيان لتحقيق ذاتيهما، والبحث عن سلم الشهرة والمجد.

فيلم كلاسيكي

صُوّر الفيلم بتقنية «CinemaScope»، التي يميزها الكادر العريض، الذي يزيد عرضه مرة ونصف تقريبًا عن صورة «Wide Screen»، ما يفسح لكاميرا شازيل التقاط مشاهد واسعة ومريحة وثرية لرقصات واستعراضات أبطال الفيلم، ومشاهد اللاعبين الموسيقيين، وإبراز ديكور الفيلم، وليل لوس أنجلوس المرصع بالنجوم.

نفس التقنية استخدمت ما بين الثلاثينات والستينات في أفلام الأبيض والأسود، الذي يحاول فيلم «La La Land» إعادة غمس المشاهد في أجوائها. رغم أن الفيلم بالألوان، إلا أنه نجح في استدعاء أجواء كلاسيكيات هوليوود الغنائية باقتدار.

الفيلم الذي تقع أحداثه في الوقت الحاضر تبدو فيه ملابس الأبطال، وإكسسواراتهم وكأنها ترجع لعشرينات أو ثلاثينات القرن الماضي، ملابس راقية بسيطة، وألوان زاهية، وسيارات مكشوفة الأسقف، وتصوير المواقع تم بين ضواحي المدينة، وفي نوادي الجاز الليلية، والسينمات التي تعرض أفلامًا قديمة، بعيدًا عن صخب مركز المدينة، وناطحات السحاب، والمباني الحداثية، التركيز في الكادرات على الليل، والنجوم، وألوان الشفق، والغسق ما بين الأحمر الناري والأرجواني الدافئ، لا هواتف ذكية، ولا أجهزة كمبيوتر في الفيلم، ولا تكنولوجيا تزن أو تطن.


وكان من المفترض أن يقوم بدور البطولة، بطل فيلم «Whiplash»، الممثل الشاب «Miles Teller»، وكان أيضًا بطل فيلم War Dogs، وذلك بمشاركة الممثلة الإنجليزية الشابة «Emma Watson» بطلة سلسلة أفلام هاري بوتر، إلا أنه لارتباطهما بأعمال أخرى أُسند الفيلم للثنائي «Ryan Gosling» (في دور سباستيان) و«Emma Stone» (في دور ميا).

ويتمتع الثنائي بكيمياء خاصة فيما بينهما، بخاصة وقد جمع بينهما عملان ضخمان من قبل، وذلك في فيلم «Gangster Squad» المأخوذ عن قصة حقيقية تدور أيضًا أحداثها في لوس أنجلوس،
حول رجل العصابات «Mickey Cohen»، وكذلك الفيلم الكوميدي «Crazy,Stupid,Love» الذي يحكي قصة رجل مطلق يحاول بمساعدة صديق له اكتشاف الحب، والعالم من جديد.

في «لالا لاند»

كلمة «La La Land» لها معنيان، الأول إشارة إلى مدينة لوس أنجلوس (Los Angeles)، والثاني إحالة مباشرة لعالم الفانتازيا الخيالي الذي يهرب إليه الكثيرون في نوع من أحلام اليقظة؛ لينفصلوا عن واقعهم بمشاكله وصعوباته لوهلة قبل أن يعودوا ويصطدموا بقسوته مرة أخرى.

يبدو الفيلم بالفعل كحلم، لا تعرف أين يبدأ الواقع فيه، وأين ينتهي، تكافح ميا من أجل الحصول على دور في مسلسل، أو فيلم، أو مسرحية، تذهب إلى عشرات من تجارب الأداء بلا فائدة، وتعمل في مقهى صغير بجانب أستوديوهات هوليوود حيث يشتري منها نجمات السينما يوميًّا قهوتهن، بينما تنظر هي إليهن في انبهار، تتعرف إلى العازف الموسيقي الشاب سباستيان الذي يعمل في مطعم ملحق به نادٍ للجاز، يعزف فيه خماسي كلاسيكي على آلات الدرامز والترومبيت والترمبون والتشيلو، بجانب البيانو الذي يعزف هو عليه. وعلى الرغم من سعادته بالعمل في هذا المكان، إلا أن تحكم مدير المطعم في القوائم الموسيقية التي ينبغي عليه عزفها للترفيه عن الزبائن، تجعله يشعر أن مواهبه يتم التضييق عليها وخنقها، ويحلم بامتلاك نادٍ للجاز خاص به.

يشجع سباستيان حبيبته على إتمام مشروع كانت قد بدأته، كتابة مسرحية مبنية على شخصية واحدة، تسعى لتقديمها على مسرح صغير، في نفس الوقت يأتيه عرض من فرقة جاز جديدة يؤسسها صديقه القديم كيث (يقوم بدوره المغني الحائز على الأوسكار John Legend)، ينشغل سباستيان مع الفرقة التي تحاول تقديم الجاز بشكل جديد متطور؛ لإعادة إحياء هذا الفن الذي على وشك الانقراض، يقاوم في البداية هذا الشكل الجديد من الموسيقى التي اعتاد عليها، إلا أن إقبال الناس على حفلات الفرقة فيما بعد جعله يشعر بالفارق، ويقتنع. يبدو الممثل رايان جوسلينج مبهرًا وهو يلعب على البيانو، الذي تعلم العزف عليه خصيصًا من أجل الفيلم، والمفارقة أن جون ليجند تعلم الجيتار خصيصًا أيضًا من أجل الفيلم، ليترك آلته الذي تعود أن يلعب عليها -البيانو- لجوسلينج، وصرح ضاحكًا في مقابلة تليفزيونية أنه شعر بالغيرة من الأخير لقدرته على تعلم الآلة، والتمكن منها في وقت قصير.


إعادة تقديم موسيقى الجاز

يبدو المخرج داميان شازيل وكأنه يستكمل ما بدأه في فيلم «Whiplash» من إعادة تسليط الضوء على موسيقى الجاز الكلاسيكية، وإعادة تقديمها لجمهوره من الشباب في قالب جديد مشوق، وفي ذلك مخاطرة كبيرة من المخرج الجريء، لاختلاف موسيقى الجاز الجذري عن موسيقى البوب التي اعتادت عليها الأجيال الحالية لسنين طويلة. فبينما تعتمد موسيقى البوب على بناء «Structure» محكم، بأنماط محددة، حتى ولو كانت شديدة السطحية والبساطة، يعتمد الجاز على التجريب والارتجال والتحرر التام؛ مما يجعل تذوقه شديد الصعوبة للبعض. المفكر العربي الأمريكي الراحل إدوار سعيد كان لا يستطيع استساغة موسيقى كوكب الشرق أم كلثوم، كان يجدها شديدة العشوائية، بالمقارنة مع موسيقاه الكلاسيكية المفضلة من أعمال باخ، ورحمانينوف حيث يوجد بناء متماسك، وأنماط متكررة كان يفضلها.

استطاع جوسلينج وستون تقديم أغانٍ رائعة بصوتيهما، ربما أبرزها أغنية «City of Stars» التي تثير الشجن، وكثيرًا من المشاعر في النفس، لما تتناوله من تساؤلات عن المستقبل، وأملًا في أن يكون مشرقًا، خوفًا ورجاءً في نفس الوقت. ونجحا في تتويج الموسيقى لتكون البطل الرئيسي في الفيلم، وليست القصة، أو العلاقة الغرامية، أو الدراما التي ربما تكون نمطية للغاية.

تبدو الأمور مع سباستيان على ما يرام، ويخطط مع الفرقة لتسجيل أول ألبوم موسيقي لهم، والقيام بجولة ترويج له في أوروبا، بينما تمضي الأمور بميا من سيئ إلى أسوأ، يحضر مسرحيتها عدد قليل من أشخاص لا يزيد عددهم على أصابع اليد، تسمعهم بعد العرض من وراء الستار يهمسون بعبارات قاسية تنتقد المسرحية، وتنتقد أداءها. يحاول سباستيان تهدئتها، وإقناعها بأن آراء الناس لا تهم، المهم هو ما تعتقد هي، وما تحبه هي، وما تجد نفسها فيه، ويحاول أن يساعدها على التقديم في تجارب أداء جديدة، بعد أن كانت على وشك اتخاذ قرار ترك التمثيل للأبد.

يدور كل ذلك وسط موسيقى لا تكاد تنقطع، واستعراضات راقصة غاية في الجمال والرقي، بذل النجمان جهدًا كبيرًا في التدريب على الرقص، وخصوصًا الرقص النقري بالأقدام، إلا أنهما قدما مع باقي أبطال الفيلم لوحات راقصة وموسيقية مذهلة تبهج النفس، وتشبع الروح بفن راقٍ يفتقده المشاهد هذه الأيام. بجانب السحر المقدم في استعراضات يطير فيها البطلان في السماء، ويرقصان فيها وسط النجوم، مرتحلين إلى عالم الفانتازيا، عالم الـ«لا لا لاند»، حيث يتركان مشاكلهما مؤقتًا ويستمتعان بلحظات الحب، والرقص، والموسيقى، والبهجة.

موعد قريب مع الأوسكار

يبدو الفيلم كمزيج بين أفلام وودي آلان الكلاسيكية الهادئة، وبين أفلام روب مارشال الموسيقية الراقصة، ويبدو الفيلم كما لو كان تداخلًا بين فيلم آلان «Café Society»، وفيلم مارشال «Nine».

يُذكر الفيلم أيضًا بعمل قديم للمخرج مارتن سكورسيزي، ومن بطولة النجم روبرت دي نيرو تحت اسم «New York، New York» (لاحظ تكرار اسم المدينة مرتين مثل تكرار اختصار LA في فيلمنا)، ويدور حول قصة عازف جاز أيضًا يلعب آلة الساكسفون، ويرتبط بمغنية، ويسعيان لشق طريقهما أيضًا.

ويبدو التشابه كبيرًا إذا ما نظرنا حتى إلى ملصق فيلم سكورسيزي، حيث سنجد شازيل وقد استخدم نفس الفونت المكتوب به عنوان فيلمه، وهو فونت يحمل اسم «Yasashii Regular» قام بتصميمه فنان ياباني في نهاية القرن العشرين، وظل يستخدم على أفيش أفلام العشرينات والثلاثينات كبصمة أصيلة لأسلوب «Art Nouveau» الفني السائد في هذه الفترة، والذي نجح شازيل في استدعائه مرة أخرى بصريًّا، وموسيقيًّا باقتدار.

حاز فيلم «La La Land» مؤخرًا على سبع جوائز جولدن جلوب، وصعد بسرعة الصاروخ ليحتل الترتيب رقم 24 على قائمة أفضل الأفلام في التاريخ على موقع السينما الأشهر «IMDB»، متخطيًا أعمال كلاسيكية لأساطير السينما الأمريكية مثل «Psycho» لهيتشكوك، و«It’s a Wonderful Life» لفرانك كابرا. ما يجعله مرشحًا بقوة لنيل جائزة الأوسكار لأحسن فيلم في فبراير (شباط) القادم.

The post مدينة النجوم تتلألأ بالموسيقى.. عرض لفيلم «La La Land» appeared first on ساسة بوست.

7 أفلام خرقت القاعدة وتفوقت على الروايات الأصلية

$
0
0

من المعتاد أن يكون العمل السينمائي والدرامي المقتبس من عمل روائي أضعف نوعًا ما من هذا الأخير، فالكتاب أشبه بجبل الجليد الذي يخفي أكثر مما يظهر، كما أن متعته وقدرته على جذب خيال القارئ أكبر بكثير من الفيلم الذي يقدم متعة بصرية جاهزة، فلا يستطيع ترك تلك البصمة التي خلفها الورق.

ولكن رغم ذلك، تمكنت بعض الأعمال السينمائية من خرق هذه القاعدة، وتحقيق نجاح كبير وشهرة طاغية جعلت الكثير من المتابعين يجهلون حتى بوجود روايات اقتُبست هذه الأفلام منها، نستعرض في هذا التقرير نماذج من هذه الإبداعات السينمائية مع إشارة إلى الأعمال الأدبية التي أخذت عنها.

«Forrest Gump»

يعتبر فيلم «Forrest Gump» الذي صدر عام 1994 واحدًا من أهم أعمال هوليوود في التسعينيات، وهو من بطولة الممثل الشهير توم هانكس وإخراج روبرت زيمكس، ويحكي قصة طفل مصاب بنوع من شلل الأطفال، يجر عليه سخرية محيطه، لكنه يرفض الاستسلام لإعاقته ويقرر الركض والتنقل بين الولايات الأمريكية، ليتحول مع مرور الوقت إلى بطل قومي يرصد معه واقع أمريكا بين خمسينيات وثمانينيات القرن الماضي.

ما لا يعلمه معظم من شاهدوا هذا الفيلم المميز، أنه مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم، وصدرت عام 1986 للكاتب الأمريكي وينستون كروم، وأغلب النقاد الذين طالعوا الرواية والفيلم معًا يقولون بأن بعض التعديلات التي أدخلت على سيناريو الفيلم مقارنًة بالعمل الأصلي منحته جاذبية أكبر ربما لم تستطع الرواية تحقيقها.

«The Shawshank Redemption»

واحد من أشهر أفلام هوليوود وأكثرها عبقرية، صدر عام 1994 أيضًا، وهو من بطولة النجم مورجان فريمان وتيم روبينز، ومن إخراج فرانك دارابونت، ويحكي قصة محاسب يودع السجن بتهمة مرتبطة بموت زوجته وعشيقها، ليحكم عليه بـ 20 عامًا، فيتعرض لمضايقات من مأمور السجن وبعض السجناء للحصول على المال، فيقرر مسايرتهم منتظرًا الوقت المناسب للهرب.

اقتُبس العمل السينمائي من رواية «Rita Hayworth and Shawshank Redemption» للكاتب الأمريكي الشهير ستيفن كينغ صدرت عام 1982، وقد أقر الكاتب الأمريكي بأن هذا الفيلم تفوق على الرواية بمراحل، وأنه من أفضل الأعمال السينمائية التي تمكنت من تجسيد رواية، وربما تجاوزها أيضًا.

«The Birds»

هو فيلم ينتمي لحقبة الستينيات، فقد صدر عام 1963، وهو من بطولة ريد تايلور وإخراج الراحل ألفريد هيتشكوك، ورشح للفوز بجائزة الأوسكار عن أفضل مؤثرات بصرية، وينتمي لأفلام الرعب الكلاسيكية، ويحكي عن هجمات غامضة وغير مفهومة يتعرض لها مواطنو بلدة صغيرة في كاليفورنيا، من عصافير من مختلف الأنواع والأحجام.

حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا قياسيًا، تجاهل معه البعض أن العمل مقتبس أصلًا من رواية للكاتبة البريطانية دافن دي موريي وصدرت عام 1952.

«Planet Of The Apes»

سلسلة أفلام ناقشت جوهر الفكرة وتبعاتها، لكن أشهرها يبقى الفيلم الأول الذي يحمل هذا العنوان وصدر عام 1968، من بطولة شارلتون هوستون وإخراج فرانكلين شافنر، ويحكي في أجواء مليئة بالغموض والخيال العلمي عن مركبة فضائية تغادر الأرض سنة 1972 بسرعة مقاربة لسرعة الضوء، قبل أن تتحطم سنة 3978 في منطقة صحراوية بكوكب مجهول، يسيطر فيه قردة متقدمون علميًا على مجموعة من البشر المتخلفين، لتبدأ المطاردات بين رواد المركبة والقردة، في محاولة لحل لغز هذا الكوكب.

حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا أسس لحقبة أفلام الخيال العلمي في سبعينيات القرن الماضي، كما أن فكرته المختلفة ورسائله الخفية والمحذرة من المستقبل المخيف للبشر لاقت استحسان المتابعين الذي اكتشفوا فيما بعد أن الأمر يتعلق برواية تحمل نفس العنوان وصدرت عام 1963 للكاتب الفرنسي بيير بول.

«The Notebook»

واحد من أشهر الأفلام الرومانسية التي قدمتها هوليوود في بداية الألفية الثالثة، صدر عام 2004، وهو من بطولة ريان كوسلينغ وراشيل ماك آدمز، وإخراج نيك كازافيت، ويحكي قصة حب سبقت بقليل الحرب العالمية الثانية، بين نواه وألي، وتفرق بينهما الظروف، قبل أن يلتقيا مجددًا في الوقت الذي كانت فيه راشيل على وشك الزواج بشخص آخر، ليقتنعا بأنهما غير قادرين على العيش بعيدًا عن بعضهما، وبعد سنوات من الزواج تصاب ألي بألزهايمر، فيقرر نواه سرد تفاصيل قصة حبهما على مسامع زوجته المريضة؛ تلك القصة التي دونتها قبل ذلك في مذكراتها.

حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا باهرًا، فاق شهرة الرواية الأصلية التي كتبها الأمريكي نيكولاس سباركس ونشرت لأول مرة عام 1996.

«The Godfather»

الفيلم الذي يعتبر بحق من أبرز الأيقونات سينمائية في القرن العشرين، وربما هو الأهم في القرن كله، صدر الجزء الأول منه عام 1972، وحصد ثلاثة جوائز أوسكار، من بطولة مارلون براندو وآل باتشينو، وإخراج فرانسيس فورد كوبولا، ويتناول خفايا عصابات المافيا الإيطالية، وحقق نجاحًا جماهيرًا ونقديًا كبيرًا، كان في الأصل رواية بنفس الاسم كتبها الأديب الأمريكي الإيطالي ماريو بوزو وصدرت لأول مرة عام 1969، وربما لم تحقق نفس نجاح الفيلم إلى يومنا هذا.

«Shrek»

فيلم كرتون شهير أدى بطولته الصوتية كل من إدي مورفي وكاميرون دياز، وإخراج أندرو أدامسون وفيكي جانسون، من إنتاج عام 2001، ويحكي قصة خيالية في قالب كوميدي لغول أخضر يدعى شريك مع صديقه الحمار، ويقرران إنقاذ الأميرة فيونا من الخطر الذي يهددها، ما يوقعهما في سلسلة من المواقف المضحكة والمليئة بالعبر.

حقق الفيلم نجاحًا منقطع النظير، ساهم في رفع أسهم الشركة المنتجة «Dream Works»
في عالم صناعة الكرتون، وأصدرت أجزاء أخرى من الفيلم، ولم يعلم الكثيرون أن العمل مقتبس عن رواية مصورة تحمل نفس الاسم وصدرت لأول مرة عام 1990 للكاتب ويليام ستيغ.

The post 7 أفلام خرقت القاعدة وتفوقت على الروايات الأصلية appeared first on ساسة بوست.


شيخ السلطة أم سلطة الشيخ؟.. عرض لفيلم «مولانا»

$
0
0

على طريقة رواية عمارة يعقوبيان للأديب المصري علاء الأسواني، تحاول رواية مولانا للكاتب الصحافي المصري إبراهيم عيسى، أن ترصد صراعات القوى الكبرى المهيمنة على المشهد السياسي المصري المضطرب، ومنها الإعلام ومؤسسات الدين الإسلامي والمسيحي، ورجال الأعمال وبيت الرئيس وأجهزة الأمن.

بدأ عيسى كتابة الرواية في عام 2009 قبل اندلاع الثورة المصرية وخلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وأنهاها في عام 2012 أثناء حكم المجلس العسكري.

تحولت الرواية إلى فيلم يحمل نفس الاسم، استخدم الحوار الأصلي الموجود في نص إبراهيم عيسى، بينما كتب مجدي أحمد علي التصور البصري للمشاهد إلى جانب إخراجه للعمل.

من هو مولانا حاتم الشناوي؟

يتتبع الفيلم أحداث الصعود السريع لواعظ أزهري شاب هو حاتم الشناوي، (يقوم بدوره الممثل عمرو سعد)، من مجرد كونه خطيب مسجد متواضع الحال، إلى أن يصير داعية مشهورًا من نجوم الفضائيات والبرامج المسائية.

يعرض المشهد الافتتاحي للفيلم لقطات واسعة من الأعلى للقاهرة القديمة بمآذنها ومساجدها التي زاحمتها المباني العالية الإسمنتية القبيحة، وحاصرتها العشوائيات وصراخ الباعة وزحام السيارات والمواصلات.

يبدو الجو من أعلى كئيبًا مع كل ذلك الدخان والتلوث. في وسط كل ذلك يبرز الشيخ حاتم الشناوي، وليدًا من رحم هذا الكويكب الملوث المتعب الحزين المسمى القاهرة، يمشي في الشارع متجها إلى أحد المساجد لإلقاء خطبة الجمعة وإمامة الناس في الصلاة، حين يجد أجهزة الأمن تسيطر على المسجد وتقوم بتفتيش المصلين، ويعرف أن وزراء مهمين في الحكومة سيقومون بالصلاة في المسجد، وأن وكيل وزارة الأوقاف هو من سيقوم بإقامة شعائر صلاة الجمعة. إلا أنه وفي مفارقة ستغير حياته، يصاب الشيخ (أحمد راتب) بإعياء مفاجئ، ويقوم حاتم بخطبة الجمعة، فيحظى بقبول علية القوم من الجهاز الحكومي، واطمئنان من جانب الأجهزة الأمنية، ويكون ذلك بمثابة علامة تسمح له بالانطلاق للأعلى.

يعتاد حاتم بعد ذلك على إلقاء الخطب في المساجد الكبرى، ويصبح له مريدون، وتزيد قاعدة متابعيه ومحبيه بشكل سريع، أيضا يتزوج من فتاة جميلة (تؤدي الدور الممثلة درة) وينجبان بعدها طفلًا، يكون قرة عين والده.

من الأزهر إلى الفضائيات

ثم تحدث المفارقة الثانية، عندما تدعوه قناة فضائية ليحل مكان شيخ يتغيب عن الظهور في أحد البرامج، وعلى الرغم من تهيب حاتم الجلوس أمام الكاميرات والظهور أمام الناس في الشاشات، إلا أنه أبلى بلاءً حسنا في البرنامج، مما شجع صاحب المحطة على استضافته لاحقًا بشكل دوري في برنامج حواري له صبغة دينية، يديره المذيع ثقيل الظل ملتوي الأسلوب أنور عثمان (أدى دوره بيومي فؤاد)، وسرعان ما يصير التحكم في البرنامج في يد حاتم نفسه، بينما يتوارى أنور في الظل مراقبًا في مكر ثعلب.

تفتح الدنيا أبوابها على مصارعها للداعية حاتم الشناوي، يصبح ضيفًا دائمًا على موائد الأغنياء وأصحاب الحظوة ليبارك مناسباتهم وأفراحهم، أو يشاركهم أتراحهم ويساعدهم في حل مشاكلهم عبر فتاواه الحاضرة دائما، وتفسيره الخاص للدين الذي يمكنه ببراعة من إرضاء زبائنه الأغنياء، وتهدئة خواطرهم، وإعطائهم شعورًا حقيقيًّا حينا وزائفًا أحيانا أخرى بالرضا عن النفس. ومع كل مرة كان يشعر فيها بالسلطة المطلقة التي منحتتها إياه صفته الدينية، ووجوده وسط أضواء الإعلام، كان يشعر بالانتشاء والقوة المطلقة.

ينتقل أيضًا للسكن مع أسرته الصغيرة في فيلا ضخمة، ويشتري سيارة فارهة، ويتنقل بصحبة سائق ويستأجر مساعدًا، ويفتتح لنفسه مكتبًا يقابل فيه مريديه، ويحميه رجال أشداء أثناء دخوله وخروجه من المساجد والقنوات الفضائية.

فيلم الفرد الواحد

يتمحور فيلم مولانا بشكل أساسي حول شخصية حاتم الشناوي، وتبدو باقي شخصيات الفيلم ضئيلة وذات مساحات محدودة للغاية في مقابل المساحة الواسعة التي أُفردت لعمرو سعد، والذي على الرغم من منحه هذا الميزة وتسليط الضوء عليه بشكل دائم، باعتبارها فرصة لإظهار مواهبه الأدائية، إلا أن أداءه جاء متناقضًا ويفتقر إلى أي تناسق منطقي، فيصاب المشاهد بالحيرة من شخصية حاتم، هل هو شخص متدين؟ أم أفاق؟ هل هو صاحب قيم، أم أنه انتهازي ومتسلق؟ هل هو أزهري فقير قادم من الأرياف، أم هو شخص عاش طول عمره في زهوة الحياة الرغدة؟ هل يتكلم بلهجة ريفية، أم يتحدث بلغة مدنية قاهرية؟ هل لديه رسالة حقيقية، أم أنه يدع الحياة ترفعه وتخفضه كما تشاء دون أن يبالي؟

ولا يبدو أن أداء عمرو سعد على المنبر وداخل المسجد كان مقنعًا، وجاءت محاولاته لتقليد خطباء المساجد التقليديين فقيرة وشكلية بدرجة كبيرة، فيما بدا وكأن هناك نية مبيتة من قبل صناع الفيلم للحكم مبكرًا على شخصية حاتم بالسطحية والتظاهر، وإيصال رسالة مبكرة أيضًا للمتلقي تنفره من الشخصية، قبل أن يحظى المتلقي بفرصة كاملة لمعرفة محركات الشخصية، وملاحظة ما يدور في أعماقها.

ورغم الإمكانيات الفنية الكبيرة المتاحة للفيلم، والتي ظهرت جلية على الشاشة من حيث جمال الكادرات، واختيارات أماكن التصوير، والاستعانة بمجاميع ضخمة أضفت واقعية على مشاهد محورية في الفيلم؛ إلا أن ركاكة الأداء ظهرت جلية على السطح، مصاحبة أيضا لأحداث غير منطقية تبدو طفولية للغاية وغير واقعية وبها نوع من الاستخفاف بعقلية مرتاد السينما العصري، الذي أصبح من الذكاء وقوة الملاحظة وسعة الاطلاع على أفلام عربية وأجنبية متنوعة، بما يمكنه من فصل الغث عن السمين، وملاحظة هذا النوع من مسارات الأحداث الذي أعد بإهمال على عجل بدون مجهود متمهل في دراسة الشخصيات، ومحركاتها ودوافعها، وتقاطعات مساراتها ومصائرها، وتفاعلها مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة، وطبيعة حوارها وحركة جسدها وتعبيراتها وما إلى ذلك.

انتهاء شهر العسل

تبدأ حوادث ضخمة في التأثير وتعكير صفو حياة حاتم الشناوي، أولها تعرض ابنه الذي كان يحبه أكثر من أي شيء في العالم لحادث أودى به في غيبوبة طويلة، مما وضع حاتمًا في اختبار حقيقي لإيمانه، تجربة هزت روحه وقلبه وربما جعلته لا يلقي بالا لشيء سوى نجاة ابنه. الأمر الثاني هو استدعاؤه من قبل ابن الرئيس للمساعدة في أمر جلل أيضا هز البيت الرئاسي، حيث قام أخو زوجة ابن الرئيس حسن –يقوم بدوره أحمد مجدي- باعتناق المسيحية وغير اسمه لـبطرس، وبين الترغيب والترهيب يطلب ابن الرئيس من حاتم أن يقنع حسن بالرجوع إلى رشده وإلا سيتسبب هذا الأمر في أزمة هائلة في الشارع المصري وبين المسلمين والأقباط، إذا ما تسرب الأمر. الأمر الثالث هو تعرض أستاذه المتصوف الشيخ مختار –قام بدوره رمزي العدل مع عودة للتمثيل بعد 40 عاما من التوقف- لمطاردة قاسية من السلطة ومنع من السفر وتسليط المتشددين دينيًّا على مهاجمته هو وعائلته ورميهم بالزندقة، لسبب يظل غامضًا فترة طويلة ويظهر على عجل في نهاية الفيلم بشكل غير مقنع.

إبراهيم عيسى ومشاكل الرقابة

في ثنايا كل تلك الأحداث الجسام، تبدو جميع الشخصيات ثانوية وضئيلة وبلا تأثير حقيقي، مثل أميمة زوجة حاتم التي كان لها دور أكبر وأعقد في الرواية إلا أنه اختُزل، كذلك ضابط الأمن كارم الذي لم يتجاوز حواره عدة سطور قليلة، حرم الفيلم من خبرات ممثل محنك مثل صبري فواز وحرمه من إلقاء المزيد من الضوء عن علاقة أجهزة الأمن بالدعاة والمؤسسات الدينية. كذلك حسن الذي يتنصر بلا سبب، ويتطرف بلا سبب، ويتخذ ردود أفعال راديكالية غير متوقعة وغير مبررة لا لسبب سوى إضافة إثارة إلى الفيلم كما يبدو.

وأيضا الفتاة الغامضة نشوى (ريهام حجاج) التي تظهر في أحد حلقات برنامج حاتم وتتهمه بحدة بأنه من فرقة المعتزلة وأنه ينكر السنة مما يثير حفيظة صاحب القناة (مجدي فكري) ويطالب بطردها، إلا أن نشوى تظهر مرة أخرى في حياة حاتم وتحاول التقرب إليه بشكل مريب.

وسبب تشوه الكتابة والشخصيات وحبكة الأحداث لا يرجع فقط لركاكة أسلوب إبراهيم عيسى الروائي، المشهور بكتابته التي تخلط العامي والفصيح والجد والهزل، فتجده يكتب مثلا عبارات صادمة مثل: «فإذا بالرئيس يمد قدمه ويضربه حتة دين شلوت» في روايته الشهيرة مقتل الرجل الكبير، وإنما أيضا لتدخلات الرقابة التي وجهت بإجراء تعديلات جذرية على الشخصيات والمشاهد، وسُربت وثيقة بتعديلات الرقابة على موقع «Goodreads.com»، أكد صحتها المخرج مجدي أحمد علي في حوار مطول نشر له مع إحدى وكالات الأنباء.

وكان يمكن لفيلم مولانا أن يصبح نافذة حقيقية للإطلال على علاقة السلطة والإعلام ورجال الدين بشكل موضوعي ودقيق، إلا أنه تحول لمحاولة لفرض سيناريو مشوه معين على الرأي العام، يهدف لزعزعة ثقة المتلقي في كل الأطراف، دون دراية ودون علم ودون تمحيص.

 

The post شيخ السلطة أم سلطة الشيخ؟.. عرض لفيلم «مولانا» appeared first on ساسة بوست.

الينبوع الذي يرغب الجميع في بعضٍ من مائه.. عرض لفيلم «Everybody Wants Some»

$
0
0

بعد ثلاثيته الشهيرة «قبل الشروق» و«قبل الغروب» و«قبل منتصف الليل» وبعد فيلمه «Boyhood»، يعود إلينا المخرج الأمريكي «ريتشارد لينكلاتر» بفيلم حواري آخر يبرز قدرة هذا الرجل الفذة على تحويل أشد السياقات ضجرًا ومللًا إلى أعمال سينمائية عظيمة.

المخرج الذي رشح من قبل لخمس جوائز أوسكار، قدم لنا في ثلاثيته «القَبلِية» التي صورها بين 1995 و 2013 حوارًا مطولًا على ثلاث مراحل بين شخصيتين رئيستين، شاب وشابة لعب دوريهما «إيثان هوك» و«جولي ديلبي»، يرتحلان في الأفلام الثلاثة بين مدن مختلفة في أوروبا وأمريكا، يقعان في الحب، وتفرقهما الأيام، وتجمعهما الظروف، وتفرقهما مرة أخرى وهكذا، وفي خضم هذا الرحلة يناقشان كل شيء يمكن أن يخطر على بالك عبر حوار ثري. الثلاثية لا تحتوي خطًا دراميًا، فقط مناقشة حميمة عن الحب والحياة والموت والدين والإله والثقافة واللغة والجنس والغاية والمصير.

وفي فيلمه «Boyhood» الذي استغرق تصويره 12عامًا تتبع فيه «لينكلاتر» مراحل نمو بطل الفيلم «مايسون» منذ طفولته المبكرة، وحتى دخوله للجامعة. حيث يرصد فيها رؤية الحياة من وجه نظر طفل صغير، وكيف تتطور تلك الرؤية من خلال حوار ذاتي مع النفس وحوار آخر خارجي مع باقي شخوص الفيلم، ومع تفاعلات المواقف المختلفة.

مرحبا بكم في عام 1980

وفي فيلمه الجديد المعتمد على حوار مطول وذكي ورشيق يعود بنا لينكلاتر 37 عامًا إلى الوراء حيث عام 1980؛ ليرصد لنا تفاصيل ثلاثة أيام قبل بدء فصل دراسي جديد بجامعة تكساس، حيث نغوص مع بطل الفيلم «جيك» (يقوم بدوره «بليك جينر») الذي أوشك على التسجيل في عامه الأول بالجامعة ملتحقًا بها عبر منحة رياضية تعطيه أيضًا ميزة الإقامة في منزل «أخوية» فريق الجامعة لكرة القاعدة (Baseball)؛ ما يعني أنه سيقيم ويدرس ويتدرب مع باقي أفراد فريقه طول العام الدراسي.

فيلم «Everybody Wants Some!» يغمس المشاهد في حقبة نهاية السبعينات الأمريكية، حيث يمرح الشباب في سياراتهم «الشيفروليه» الرياضية الشبيهة بقوارب بخارية، وهم يلوكون العلكة، ويستمعون إلى أغاني «الروك» الصاخبة. يتركون شعورهم الطويلة – على الموضة – تطير في الهواء، ويطلق بعضهم اللحى، أو يكتفى بشارب مهذب بعناية، ويستعرضون عضلات أذرعتهم الطويلة التي تظهر من تحت قمصان ضيقة قصيرة الأكمام، يعاكسون الفتيات اللائي يرتدين تنورات أو سراويل قصيرة للغاية، وأيضا يتركن شعورهن تنطلق دون تضييق.

ولا يستدعي الفيلم فقط «ديكور» أو ملابس أو عادات أو حتى أغاني الثمانينات، والتي من بينها أُغنية شهيرة من اُلبوم فريق للروك يُدعى «Van Halen» تحمل عنوان الفيلم نفسه Everybody Wants Some! ولا أحداث اجتماعية وسياسية مصاحبة لنفس العام، ومنها حملة الرئيس «جيمي كارتر» الانتخابية لفترة رئاسية ثانية، ليس ذلك فقط، وإنما صُوّر ليعطي نفس انطباع الأفلام التي تم تصويرها وإنتاجها في نفس الفترة! بنفس الألوان ذات درجة التشبع المنخفضة، والتباين المنخفض، والسطوع العالي. وبنفس طريقة تصوير الكادرات القريبة Close، ونفس الزاويا، ونفس وضعيات أداء الممثلين، وكل شيء، بل تجاوز لينكلاتر ذلك؛ ليقرب لنا تأثير عام 80 عبر شريط الصوت التي تشوب نعومته خربشة خفيفة كريح لطيفة تمر أمام ميكروفون التسجيل، أيضًا ليحاكي مستوى تقنية الصوت المستخدمة في ذاك الوقت. باختصار, من الصعوبة للغاية الاقتناع أن ذلك الفيلم تم تصويره في عام 2016.

داخل عالم الذكور

يحاول «جيك» التأقلم مع زملائه الجدد، سواء الملتحقين حديثا بالجامعة – والفريق – أو القدماء منهم، وسريعًا ما يجد لنفسه مكانًا كواحد من شلة الشباب المشاغبين، بالرغم من محاولاتهم الأولى لإستفزازه ومضايقته وتحديه، كعادة الشباب في هذه المرحلة من العمر.

تبدو مجموعة الشباب كصورة مجسمة لـ«Super Models» خارجين لتوهم من كتالوج للملابس الرياضية أو الملابس الداخلية الشبابية. يقضون وقتهم في الاعتناء بعضلاتهم ومظهرهم، يستخدمون «السشوار» في فرد شعورهم الطويلة، ويطيلون النظر إلى المرآة، وهم يتأكدون من نعومة شواربهم وحسن تصفيفها، ويضعون ماء «الكولونيا» في كل بقعة ممكنة من أجسادهم، وكأنهم يرغبون في بث رائحة ذكورية في الجو تجذب الفتيات، وتؤكد ذكورتهم الراسخة أمام أقرانهم.

يعكس لينكلاتر الجو الشبابي المفعم بهورمون «التوستيسترون» الذي يملأ جو «بيت فريق البيسبول»، حيث روح المنافسة بين الذكور موجودة طوال الوقت بشكل مركز، يتعارك الشباب بسبب وبدون سبب، بمزاح أو بشكل أخرق. يمارسون جميع أنواع الرياضة – وليس فقط البيسبول – بدءً من كرة السلة، والسباحة، ومرورًا بالبلياردو ولعبة تصويب السهام وسباق السيارات، وليس انتهاءً بضرب أكفهم بقسوة في أكف بعض؛ ليروا من يتحمل أكثر، حتى ولو انتهى الأمر بالخاسر إلى أن تدمى يداه.

تمضى الأيام الثلاثة بدون أي خط درامي، يظهر على الشاشة من حين لآخر مؤقت زمني يقوم بالعد التنازلي؛ حتى موعد بدء أول محاضرة في الفصل الدراسي الوشيك، وينتظر المشاهد أن يحدث شيء ما يعطى معنى للفيلم، أن تحدث أزمة أو مشكلة أو عقدة، لكن أمرًا من ذلك لا يحدث. كل ما يظهر على الشاشة فقط هو جيك وزملاؤه وهم يتشاجرون، ويتفاكهون، ويتعرفون على الفتيات، ويخرجون في حفلات موسيقية صاخبة تذكرك بأجواء فيلم «Saturday Night Fever» الشهير، للنجم «جون ترافولتا» (عام 1977)، يشربون الكثير من الكحوليات، ويمارسون الكثير من الجنس في كل مكان، ويتحدثون حول كل شيء بكثرة وحماس لا يهدأ.

لن تجد منهم من يتحدث في الهاتف، أو ينظر إلى شاشة التليفزيون، وبالطبع لم تكن الحواسب الآلية الشخصية منتشرة في هذا الوقت، ولم يكن هناك إنترنت أو ألعاب إلكترونية مجنونة تشغل الشباب، كان عليهم أن يخرجوا طاقاتهم الجسدية والنفسية في أنشطة بدنية وذهنية متوالية لا تنقطع.

«كلنا نرغب في بعض الـ..»

وعلى ما يبدو فقد كان «لينكلاتر» يقصد أن ينقل إلينا هذه الحالة «الصافية» من حالات النشاط والابتهاج والانطلاق والعنفوان، حالة «الشباب» التي يعرضها الفيلم خلال ما يقرب من الساعتين، وكأن الزمن قد توقف تمامًا؛ ليسلط كشافًا مبهرًا من الضوء على هذه الفترة الزمنية من عمر كل إنسان، الفترة التي تلي مرحلة المراهقة بقليل، وتتأخر عن مرحلة النضج، وتحمل المسئوليات، والتعقل والاتزان أيضًا. وبالتالي فلا يعنيه كثيرًا أن يضع «قصة» أو «حبكة» داخل تلك «الحالة»، فهذه الحالة في حد ذاتها هي القصة، وهي «الفيلم».

وحتى الأحداث السلسلة والنمطية التي تعرف فيها جيك على الفتاة الجامعية «بيفرلي» – الجميلة «زووي دوتش» بطلة فيلم «Why Him?»، وخروجه معها، وحديثهما المسهب حول «سقراط»، وحول «ديناميات» اللغة الإنجليزية، والتنافسية بين الذكور، كل ذلك كان في إطار الاحتفاء بطاقة الشباب المبهرة، «الينبوع» الذي يرغب الجميع في بعض منه.

وليس المقصود بكلمة «Some» في عنوان الفيلم فقط الجنس أو النساء كما قد يتبادر للذهن من أول وهلة، وإنما المقصود أن الكل يرغب فيما لدى الشباب؛ لأن لديهم أغلى ما في الوجود: الوقت الجميل الرائع الذي يتمتعون به، وهم في قمة صحتهم وعنفوانهم وبهجتهم ورغبتهم في الحياة، دون شعور حقيقي بكآبة الدنيا بمشاكلها ومسئولياتها التي يمكن أن تعكر صفو ذلك كله.

وفي مشهد هام يؤكد لينكلاتر هذه الفكرة: عندما تبدأ أول حصة في الفصل الدراسي؛ ليصادف أنها درس في «التاريخ»، حيث يحضر جيك إلى قاعة الدرس في الصباح، دون نوم؛ حيث قضى الليلة السابقة في الاحتفال مع الشباب، ومع صديقته، يترك جيك الأستاذ المحاضر يبدأ حصته «التاريخية»، فيما يريح هو رأسه على ذراعه، ويبدو وكأنه سيغيب في نوم عميق، وكأن لحظته «الشبابية المتفجرة» لا تخضع لسياق التاريخ، ولا لجريان الزمن، وإنما هي حالة متوهجة يريد أن يغيب فيها إلى الأبد، دون أن يتحرك الزمن للأمام خطوة واحدة.

The post الينبوع الذي يرغب الجميع في بعضٍ من مائه.. عرض لفيلم «Everybody Wants Some» appeared first on ساسة بوست.

هل يقترب «بن أفليك» من أوسكار ثالثة؟.. عرض لفيلم «Live by Night»

$
0
0

يعود إلينا الممثل والمخرج الحائز على جائزتي أوسكار، «بن أفليك»، بفيلم جديد يدور عن عالم العصابات في مدينة بوسطن بالساحل الأمريكي الشرقي، نفس المدينة التي استضافت فيلمه «The Town»، الذي قام أخرجه عام 2010، ولعب فيه دور رجل عصابات متخصص في سرقة البنوك، يقع في غرام شاهدة على سرقة البنك، لكنها لا تعلم أنه أحد أفراد العصابة.

في فيلمه الجديد «Live by Night» يلعب أيضًا أفليك دور رجل عصابات ينشأ في حي «تشارلز تاون»، نفس الحي الذي تدور فيه أحداث «The Town» أيضًا، ولأفليك ولع خاص بالمدينة التي قضى بها جانبا من حياته، إلا أن القصة تدور في عوالم العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بفترة بسيطة، وفي خضم فترة «منع الكحول» في الولايات المتحدة، والتي استمرت بين عامي 1920 و1933 بهدف تقليل معدل الجريمة، والإساءة للنساء، وتحسين الصحة العامة.

وفي المدينة التي يسيطر عليها رجلان: أولهما «ألبرت وايت»، الأيرلندي العنيد الذي يريد التحكم في الصناعة السرية لإنتاج وتوزيع مشروب «الروم»، ومنافسه «ماسو بيسكاتوري» رجل المافيا وعصابته الإيطالية التي ترغب في إزاحة وايت عن طريقهم بأي شكل؛ في هذه المدينة، يقوم الشاب «جو كوفلين» (بن أفليك) بصحبة صديقيه الأخوين «بارتولو» بعمليات صغيرة لسرقة المتاجر، متسلحين ببنادقهم وجرأتهم وقدرتهم على الفرار السريع في سيارات يقومون أيضًا بالسطو عليها؛ مما يصعب على الشرطة القدرة على ملاحقتهم والعثور عليهم.

رجل جريمة مثير للإعجاب

يضعه القدر في طريق «ألبرت وايت»، بعد أن سرق متجرًا على صلة به، يعجب وايت بجرأة وسرعة كوفلين، ويعرض عليه العمل في عصابته، إلا أن كوفلين يبدو قانعًا بمغامراته الإجرامية الصغيرة، ويرفض أن يكون خاضعًا لزعيم عصابة مثل وايت، والذي سيأمره بأشياء من ضمنها القتل، والذي أقلع عنه كوفلين من زمن. يتركه وايت على أمل أن يغير رأيه.

تجتذب فتاة من حاشية وايت انتباه كوفلين، حسناء نحيلة لعوب تضع الكثير من أحمر الشفاة، أسمها «إيما» (سيينا ميلر)، وسرعان ما تقرب إليها، وجمعتهما علاقة عاطفية، ولم يبال كثيرًا عندما عرف أنها خليلة وايت، وأن علاقته بها قد تؤدي إلى مقتلهما.

ويتضح أن وايت ليس المعجب الوحيد بكوفلين، ولكن أيضًا الأب الروحي «بيسكاتوري» يرغب في أن يضمه إلى عصابته الإيطالية، ولديه الاستعداد لغض الطرف عن أصول كوفلين الأيرلندية، وفي هذا العهد كان ينظر إلى العرق الأيرلندي نظرة دونية، والمشاهد لفيلم «مارتن سكورسيسي» «Gangs of New York»، سيكتشف الصراعات بين الأصول القومية للعصابات التي تحكمت فيما بعد في مسرح الجريمة الأمريكي.

وكان هدف «بيسكاتوري» وراء ذلك، التخلص من غريمهما المشترك وايت، وباحترام بالغ يعيد كوفلين على مسامع رجل العصابات الإيطالي نفس اعتذاره اللبق لوايت، مضيفًا «توقفت عن تقبيل الخواتم منذ زمن»، في إشارة للعادة الإيطالية التقليدية في إبداء الولاء والتبعية لزعماء أسر المافيا، لكن بيسكاتوري بعناده الإيطالي العتيد لم يكن ليقبل أن يرفض عرضه أحد، ويهدد كوفلين بأنه يعلم علاقته بـ «إيما»، وأنه إذا ما قام بتسريب هذه المعلومات إلى وايت، فلن يتبق من كوفلين ما يكفي ليتعرف عليه أهله بعد مقتله.

عالم العشرينات والثلاثينات المثير

تتصاعد أحداث الفيلم، الذي يغمس المشاهد تمامًا في عالم الجريمة في تلك الفترة، حيث استخدم أفليك جيشًا من الممثلين والمجاميع، وبنى ديكورات كاملة لأحياء وملاهي ليلية ومحطات قطار، واستخدم عشرات سيرات كاديلاك وفورد وبويك العتيقة ليعود بنا إلى هذا الزمن باقتدار، مع استخدام واسع ومشبع لملابس هذه الفترة واكسسواراتها، وحتى اللغة والمصطلحات نفسها، اهتم بها صناع الفيلم باقتدار.

وكان لافتًا الأزياء والحلي التي استخدمتها سيينا ميلر من طراز «آرت نوفو – Art Nouveau» التي اشتهرت بها هذه الفترة، والتي رأيناها أيضًا منذ وقت قريب في فيلم جي كي رولينج «Fantastic Beasts and Where to Find Them»، هذا إلى جانب استخدامها لهجة أيرلندية قحة في حديثها طول الوقت، ما أعطى انطباعًا بواقعية الأداء والحبكة والمشاهد البصرية.

بعد رفضه وعناده المتواصل، ينكشف سر كوفلين وإيما بالفعل، ويقسم وايت أن يقتل خليلته الخائنة، وأن يلحق بها كوفلين الذي يتكالب عليه أفراد عصابة وايت ويبرحونه ضربًا وركلًا قاسيًا، ولا ينقذه سوى أبيه، ضابط الشرطة الكبير توماس كوفلين، والذي يؤدي دوره الممثل الأيرلندي بريندن جليسون.

علاقة بسيطة معقدة

علاقة كوفلين الأب مع كوفلين الابن، بالرغم من أنها تبدو معقدة، إلا أنها في حقيقتها بسيطة للغاية، كلاهما يريد فقط أن يعيش، كلاهما لا يقبل أحدًا أن يتحكم فيهما، كلاهما يبذل كل ما يلزم حتى لو كان غير شرعي أو أخلاقي؛ ليحمي هدفيه الأولين.

اختار الأول طريق السلطة، فيما اختار الثاني طريق الجريمة، وإن كان الاختيار الثاني يُظهر الوجه البشع علانية، فالأول يخفي هذا الوجه، عبر بذة رسمية وخطاب دبلوماسي.

يبدو كوفلين الأب شديد الحمائية تجاه ابنه، ويحاول أن يعزله بقدر ما يستطيع عن الأخطار، لكنه في نفس الوقت يترك الشرطة تؤدبه بطريقتها التقليدية، إلى جانب الطريقة القانونية، إذا ما مس ابنه أحد من الشرطة بسوء. شريعة الغاب تحكم، والقوانين العرفية تسود، لدى الأب والابن.

يُحكم على كوفلر الابن بالسجن ثلاث سنوات إثر اتهامه هو وعصابته الصغيرة، بقتل عدة رجال من الشرطة في مطاردة عنيفة بعد محاولة فاشلة لتنفيذ جريمة سطو. يموت والده وهو في السجن، وبعد أن يخرج لا يجد أمامه، بعد أن فقد أبيه وحبيبته، هدفًا سوى الانتقام من وايت، فيذهب طواعية إلى غريمه بيسكاتوري يعرض عليه العمل لحسابه من أجل تحقيق هذا الهدف المشترك. يقبل بيسكاتوري بسرور بالطبع، ويخبره أن أمورًا تغيرت أثناء وجوده بالسجن، وأن وايت نقل منطقة نفوذه إلى الجنوب، وأن على كوفلين الانتقال إلى مدينة «تامبا» لبسط نفوذ عائلة بيسكاتوري هناك عبر تجارة الخمور والمخدرات، وتقييد حركة وايت لأقصى حد، ثم التخلص منه في النهاية.

مغامرة جديدة وعالم جديد

يختار كوفلين صديقه القديم «ديون بارتولو» (كريس ميسينا)، ليكون ساعده الأيمن في بناء إمبراطوريته الصغيرة في تامبا، ويتحالفان مع عصابة كوبية يقودها أخ وأخته لتوريد مستلزمات صناعة الخمور، وخصوصًا قصب السكر من كوبا، ولا يمضي وقت طويل حتى يقع كوفلين في غرام الفتاة الكوبية «جراسيلا» (زووي سالدانا)، ومعًا يُوسعان أعمالهما بوتيرة سريعة، وفرض سيطرتهما بالدبلوماسية حينًا وبالعنف أحيانًا أكثر، محاولين تخطي عقبات، مثل عنف عصابات «الكو كلوكس كلان» الشهيرة، بالمعارضة والعنف ضد جميع أجناس الأرض، ما عدا جنس الرجل الأبيض البروتستانتي، وكذلك تخطي عقبة أخرى تمثلها شابة صغيرة تقوم بالتبشير في أهالي تامبا من أجل التخلص من جميع الخطايا، ومعارضة مشروعات كوفلين في بناء فندق ضخم سيحتوى أكبر ملهي ليلى وصالات للقمار في الجنوب الأمريكي.

الفيلم الذي تزيد مدته عن ساعتين، محتشد بالعديد من الأحداث والصراعات، ولا تكاد تنفك عقدة حتى تظهر عقدة أخرى أكثر تشويقًا. كذلك يحبس الأنفاس عبر مشاهد المطاردات ومشاهد القتال بين العصابات والشرطة، وبين العصابات وبعضها البعض. ويبدو أن «أفليك» نجح في خلق مزيج رائع بين أفلام عالم الجريمة الشهيرة لمارتن سكورسيسي، مثل «Goodfellas»، وأفلام جريمة تدور في حقبة كلاسيكية، مثل فيلم روبين فيشر «Gangster Squad»، وفيلم مايكل مان «Public Enemies».

مقابلة مع مخرج وبطل الفيلم، بن أفليك:

The post هل يقترب «بن أفليك» من أوسكار ثالثة؟.. عرض لفيلم «Live by Night» appeared first on ساسة بوست.

روح الغابة اليابانية الغامضة.. عرض لفيلم «The Sea of Trees»

$
0
0

 

يجمع فيلم «The Sea of Trees» ثلاثة أبطال ممن يعتنون باختيار أدوارهم، أولهم «ماثيو ماكونهي» الحائز على جائزة الأوسكار عن دوره كمصاب بمرض نقص المناعة في فيلم «Dallas Buyers Club»، ثم الممثلة الإنجليزية الأصل «نايومي واتس»، التي أدت دور الأميرة الراحلة «ديانا» في فيلم يحمل نفس الاسم عام 2013، وثالثهم الممثل الياباني الأصل «كين واتانابي» المشهور بدوره أمام «توم كروز» في فيلم «The Last Samurai».

والفيلم من للمخرج المقل جدًا في إنتاجه، «جاس فان سانت»، الذي قدم من قبل أفلامًا هامة مثل «Good Will Hunting»، أو الذي كان بمثابة انطلاقة للنجمين «بن أفليك» و
«مات ديمون»، بل ترك أثرًا في الطريقة التي يخرج بها بن أفليك أفلامه الخاصة مثل «The Town».

من أفلام المخرج فان سانت أيضًا، هناك فيلم «Milk» للمثل «شون بين» عن قصة حقيقية لـ«هارفي ميلك» المدافع عن حقوق المثليين، والذي قتل على يد متعصبين ضد المثلية الجنسية.

وحاز كلا الفيلمين على جائزتي أوسكار. وينتظر محبو «فان سانت» أعماله على أحر من جمر لقلتها واستثنائيتها، وهو ما جعل فيلم «The sea of Trees – بحر الأشجار»، محط أنظار الكثيرين منذ أُعلن عن بدء تصويره في منتصف 2014.

قصتان متشابكتان

وتدور أحداث هذا الفيلم بين الولايات المتحدة واليابان، في قصتين منفصلتين زمنيًا لنفس الأبطال، تدور الكادرات بينهما، لتنقل جزءًا من الوقت الحاضر الذي تقع أحداثه في اليابان، وجزء من الماضي بطريقة «الفلاش باك»، بالتتابع، لتجدل في النهاية قصة متكاملة تتسم بشاعرية وصوفية، وحرفية ممتعة سواء في الكتابة أو الأداء أو الإخراج.

يحكي فيلم «The Sea of Trees» قصة أستاذ الرياضيات «آرثر برينان» (ماكونهي) وزوجته المتخصصة في مجال العقارات «جون برينان» (واتس)، اللذين يمران بأزمة كبرى تهدد زواجهما، فالزوجة مدمنة للكحوليات وبمزاج عصبي، والزوج ترك وظيفته الناجحة ذات الدخل العالي، ليتفرغ لإعداد وكتابة مجموعة من الأبحاث الرياضية، ويقوم بالتدريس لساعات معدودة في المدرسة الثانوية المجاورة.

تتهمه زوجته طول الوقت أنه يعتمد عليها ماديًا ولا يكترث بالمساهمة في أمورهما المعيشية، فيحاول أن يذكرها بهدوء أن تركه لعمله كان بالاتفاق معها منذ البداية، وأن أمورهما المادية تسير على ما يرام، إلا أن إدمان الزوجة، وانشغال بال الزوج الدائم بأبحاثه ومعادلاته، وعدم وجود أطفال في حياتهما، خلق أجواءً متوترة تسيطر على حياتهما، حتى مع وجودهما بين أصدقائها.

يصور فان سانت ببراعة ابتسامات الزوجين العصبية، وأكف أيديهما التي تتعارك تحت مائدة العشاء، ونظرات أصدقائهما المتوترة وهما يراقبان هؤلاء الصديقين الذين توشك حياتهما المشتركة على الانهيار.


ينتقل فان سانت بالمشاهد زمنيًا لما بعد تلك الفترة بسنوات قليلة، حيث نجد آرثر وقد فقد كيلوجرامات من وزنه، وتبدو عيناه أكثر شرودًا. يستقل سيارته إلى المطار حيث يتركها في موقف السيارات دون أن يتكلف عناء سحب مفاتيح السيارة من المقود، يطلب تذكرة إلى اليابان، ذهاب بلا عودة. يسافر دون أي أمتعة أو حقائب، سوى معطف مطر خفيف يرتديه.

غابة بحر الأشجار

بمجرد وصوله إلى اليابان، يتجه فورًا إلى غابة شاسعة تسمى «بحر الأشجار». يتخذ طريقه للتوغل إلى قلب الغابة المليئة بنباتات وأشجار وزهور وصخور وشلالات ونهيرات مياه صغيرة، إلا أنها لا تحتضن أي حيوانات، وفيما يمكن سماع أصوات الطيور من بعيد، لا يمكن في المقابل رؤية أي منها.

يتوقف آرثر ويريح جسده على صخرة قبل أن يخرج علبة دواء تمتلئ عن آخرها بحبوب منومة، ثم يبدأ في ابتلاعها واحدة بعد الأخرى، ومن حين لآخر يرتشف من زجاجة ماء يحملها رشفة صغيرة تعينه على ابتلاع كل قرص. كان من الواضح أن آرثر على وشك الانتحار.

واللغز الكبير الذي يضعنا فان سانت أمامه، ليس فقط التساؤل حول أسباب آرثر في الانتحار هذه اللحظة، ولكن أيضًا «لماذا يتجشّم مشقة عناء السفر الطويل لليابان كي ينتحر؟»، كان بإمكانه القيام بذلك في الولايات المتحدة.


عودة أُخرى إلى الماضي القريب، حيث يقع حادث غير متوقع للزوجين، يتسبب في اقترابهما مرة أخرى من بعضهما، وينسيان فورًا كل المشاكل التي كانت بينهما، لكن ورغم ذلك فإن الحادث لم يكن فأل خير بشكل كامل، إذ يكتشف الزوجان أن جون مصابة بورم سرطاني في المخ، وعليها إجراء جراحة استئصال قد تعرضها للموت.


عودة إلى الغابة اليابانية، حيث يفاجأ آرثر بشخص قادم من بعيد، يبدو تائهًا ومتعبًا، ويصدر أصواتًا كالنحيب. يتوقف آرثر عن ابتلاع الأقراص، ويضع علبة الحبوب وزجاجة المياه الصغيرة في جيوب معطفه، ويتجه فورًا إلى الرجل الياباني، الذي يبدو أنه في العقد الخامس من عمره، وتظهر عليه علامات الإعياء، وتملأ الجروح وجهه ويديه، وتلطخ الدماء سترته، وتظهر آثار جروح قطعية في مواضع جريان شرايينه.

كان الرجل يتمتم بكلمات ذاهلة، ويرتعش بردًا، ليخلع آرثر معطفه ويدثر به الرجل، ويسقيه من الماء الذي يحمله، ناسيًا خطته للانتحار، ولا يُفكر سوى في إنقاذ النفس التي كانت بين يديه.


رحلة التيه

بعد أن يرتاح الرجل قليلًا، يحاول آرثر إرشاده إلى طريق الخروج من الغابة والعودة إلى الطريق الرئيسي، لكن آرثر يكتشف أنهما قد تاها في الغابة ولا يستطيعان الخروج.

تبدأ رحلة من التيه تجمع آرثر مع الياباني «تاكومي» (كين واتانابي) في خضم الغابة الشاسعة، يصادفان فيها أمور غريبة، بين جثث لرجال ونساء متوفين، بعضها مشنوق، وبعضها ملقى على الأرض، وآخرون نائمون في سلام داخل خيام صغيرة.

يصادفان أيضًا زهور أوركيد يانعة، تنمو من قلب جلاميد الصخر. يتعثر آرثر ويسقط من فوق صخور جبلية قاسية، فيصاب بجروح خطيرة، ووسط الرياح الشديدة والبرد القارس والأمطار التي لا تتوقف عن الهطول، لا يقوى تاكومي على الحركة، ويبدو وكأن لا أمل لهما في النجاة.

يعود بنا الفيلم مرة أُخرى إلى آثار الحادثة التي تعرض لها الزوجان، فقبل أن تجري جون عملية استئصال الورم، تطلب من آرثر: «إذا كنت تعلم أنك ستموت، فاختر أجمل مكان في العالم لتموت فيه، لا تمت مثلي في منزل كئيب أو في حجرة عمليات بمستشفى. عدني أن تفعل ذلك».

نعرف أن الغابة التي تاه فيها آرثر مع تاكومي هي غابة «أوكيجاهارا»، وهي غابة حقيقية إلى جوار جبل «فوجي» الشهير، ويقصدها عشرات اليابانيين سنويًا للانتحار.

ولأنها شاسعة ويصعب مراقبة كل جزء فيها، فلا يُعثر غالبًا على جثث المنتحرين، إلا نادرًا، أما الحيوانات والطيور فتتوارى لتترك هؤلاء يرقدون في سلام. بينما تخفيهم الأشجار الكثيفة والممتدة.

يقول تاكومي لآرثر: «هذه الغابة تسكنها الأرواح.. هل تسمع هذه الأصوات التي تنقلها الرياح، إنها أصوات أرواحهم». يستنتج تاكومي أن آرثر جاء للغابة من أجل إنهاء حياته، فيما لم يستطع أن يجب على سؤال آرثر عندما استعلم عن الأمر ذاته، يبدو تاكومي كروح معذبة، يخفض رأسه في ألم قائلًا: «لا أعلم، الألم الحقيقي عندما لا تريد الموت، ولا تريد الحياة في نفس الوقت».


يمضي فيلم «The Sea of Trees» ليربط أحداث الفترتين الزمنيتين المختلفتين معًا، ليبدأ الغموض في التكشف رويدًا على مدار الفيلم.

يبدو الفيلم المقتضب، وكأنه يأخذ المشاهد في رحلة سوداء إلى مناطق الاكتئاب في نفوس البشر، حيث يصل أبطال الفيلم لقاع اليأس، منجرفين فيه لفترة طويلة، قبل أن تظهر بمعجزة بالغة نافذة إلهية تنتشلهم من قاع اليأس وتنقلهم لنور الرضا والأمل، وتمسح على رؤوسهم بيد المواساة والرحمة.


The post روح الغابة اليابانية الغامضة.. عرض لفيلم «The Sea of Trees» appeared first on ساسة بوست.

أطفال السماء The Children of Heaven

$
0
0

إنه الفيلم الإيرانى الرائع «أطفال السماء» للمخرج ومؤلف السيناريو مجيد مجيدي، تدهشني دوما السينما الإيرانية إذ إنها قادرة على صنع فيلم عبقري وجذاب بأقل الإمكانيات وبفكرة بسيطة للغاية، ولكنها عميقة وثرية بالتفاصيل، فتجعلك تعيش الفيلم كأنك تراه أمامك لشدة واقعيته وبساطته.

يبدأ الفيلم قصته بالطفل (علي) الذي يفقد حذاء أخته ( زهرة) في إحدى محلات بيع الخضار والفاكهة، حين يضع الحذاء بين الأقفاص ليدخل للبائع يسأله بضع حبات من البطاطس، فيعطيه البائع كيسا صغيرا وما إن يذهب (علي) تجاه أحد أقفاص البطاطس المعروضة حتى ينهره البائع بشدة، ويشير إلى قفص صغير بالأسفل به حبات البطاطس الصغيرة والذابلة والتي خصصها للزبائن الفقراء وغير ميسوري الحال، ولا ينسى البائع وهو يعطيه الكيس مرة أخرى بعد أن وزنه له «بيده» أن يُذكِّر الطفل بأن يُبلغ أباه بضرورة دفع ما سبق وأخذه من خضروات لم يدفع ثمنها ودُونت على الحساب، يأخذ منه (علي) كيس البطاطس الذابلة ويخرج من المحل إلى الأقفاص المرصوصة بالجوار، يبحث عن حذاء أخته فلا يجده، تملأ الدموع عينه فيجتهد في البحث داخل الأقفاص حتى تتدحرج وتقع ليخرج البائع وينهره ويَهُم أن يضربه، فيسرع الطفل بالجري بعيدًا متجهًا إلى منزله.

يعود (علي) بلا حذاء أخته، حذاؤها الوردي اللون بلون أحلامهما الوردية المفقودة أيضًا وفي عينيه حزن وأسى العالم كله وفي رأسه ألف سؤال، كيف سيخبر أخته؟ وماذا ستفعل أخته المسكينة، كيف ستذهب إلى المدرسة؟ ماذا إن هي أخبرت والدها الذي بالكاد استطاع تدبير ثمن هذا الحذاء الذي ستذهب به إلى مدرستها؟

يظل (علي) تائها في حيرته إلى أن يخبر أخته (التي تصغره بعام أو عامين تقريبا) بالحقيقة متوسلًا إليها ألّا تخبر والديهما وأنه سيفكر في طريقة لإيجاد حذاء بديل لها، ويتكتمان الأمر بينهما ويتوصلان إلى حل مؤقت توافق عليه الصغيرة على مضض إذ أنه ليس هناك حل آخر، وهو أن تذهب بحذاء أخيها إلى مدرستها صباحًا بينما ينتظرها أخوها على باب المنزل ليذهب إلى مدرسته التي من حسن الحظ (أو أنه بدا لهما كذلك) في الفترة المسائية، ولكن الفارق بين موعد عودتها والموعد المقرر أن يذهب فيه (علي) هو بضع دقائق فقط! ولكن القدر الذي يعاند الفقراء دائمًا لا يعلم كم هي ثمينة تلك الدقائق فيتفنن في مراوغتهما واللعب على أعصابهما خلال هذه الدقائق القليلة، تذهب (زهرة) إلى مدرستها لتؤدي امتحان الحساب وهي قلقة لا تفكر في الأسئلة التي أمامها بقدر ما تفكر في السؤال الذي يحتل عقلها ويجعل دقات قلبها تتسارع وهو: هل ستستطيع العودة قبل ميعاد مدرسة أخيها أم أن الوقت قد انقضى وتأخرت على الموعد!

تنظر إلى معصم المعلمة التي تراقب عليهم في لجنة الامتحان وعلى الساعة التي تلتف حول هذا المعصم نظرات زائغة، مترددة إذا كان من حقها أن تسأل كم الساعة الآن! تتحلى بالشجاعة وتسأل فتجيبها المعلمة لتضع إجابات عشوائية سريعة لتنهي الامتحان وتسلمه للمعلمة سائلة إياها إن كان باستطاعتها المغادرة الآن، تتعجب المعلمة من استعجالها ولكنها في استسلام أمام إصرار الطفلة تسمح لها بالخروج.

تبدأ (زهرة) في طريقها للعودة قاطعة الطريق عدوًا وركضًا كي تلحق بأخيها الذي ينتظرها الآن على باب المنزل، ولكن عند جدول ماء صغير ومن سرعتها ومع كون الحذاء أوسع قليلًا من مقاس قدميها الصغيرتين تقع إحدى فردتي الحذاء في جدول الماء!، يا إلهي أي تعاسة هذه؟ كيف تواجه هذه المسكينة وحدها كل هذا القدر من الحظ السيء بمفردها؟، ألا يستحي الحظ السيء من دموع الصغار!

ألا يخجل من معاندته لهم! تبكي الصغيرة وهي تحاول التقاطه بينما يجرفه تيار الماء بعيدًا، تجري خلفه ولكنه يواصل جريانه مع تيار الماء، تلهث راكضة خلفه دون جدوى فتشعر بخيبة الأمل وضياع حلمها في أن تصل المنزل في موعدها، الآن لا جدوى من وصولها لأخيها في الموعد المحدد إذ لا حذاء من الأساس.

تجلس بالقرب من الجدول ودموعها تجري أسرع من جريان فردة الحذاء مع التيار في جدول الماء، يراها صاحب محل صغير أمام جدول الماء فيجلس إلى جوارها ليسألها ماذا بها، تواصل الصغيرة بكاءها وهي تحكي له كيف سقط حذاؤها حتى استقر تحت الجسر، ينهض الرجل ويأتي بعصًا طويلة يحاول تحريك فردة الحذاء في اتجاهه فينزلق مرة أخرى الحذاء فيجريان خلفه إلى أن يجدهم عامل نظافة يقف في آخر الجدول يطلبان منه انتشال الحذاء بسرعة قبل أن يضيع مرة أخرى, وينجح العامل بالفعل ويعطيه للصغيرة التي تعود أخيرًا لتجد أخيها يقف في فناء المنزل بانتظارها والقلق والغضب كليهما قد نالا منه، يؤنبها ويزجرها برفق وحزن فهو لا ينسى أنه السبب في ضياع حذائها وانتهاء الأمر إلى هذا الوضع المأساوي، تنهمر «زهرة» في البكاء بينما يرتدي حذاءه متسائلًا لماذا هو مبتل هكذا، تخبره غاضبة أنها لن تذهب بهذا الحذاء مرة أخرى إذ أنه واسع عليها، كما أنها تعبت من الركض مسرعة كي تلحق به مما أدى إلى سقوطه بالماء!

انتهت معاناة (زهرة) لتبدأ معاناة (علي) الذي يركض مسرعًا قبل أن يفوته ميعاد المدرسة ولكنه بالفعل يفوته ويدخل مسرعًا كي لا يراه مدير المدرسة، ولكن مرة أخرى -الظروف السيئة- تكون من نصيب الضعفاء و المساكين وحدهم، يراه المدير وهو يتسلل مسرعًا ويقفز على درجات السلم، فيوقفه ويسأله: لماذا أنت متأخر هكذا؟

يجيب (علي) والدموع تملأ عينيه والرعب يملؤ قلبه: إنه وقع  في جدول الماء لهذا تأخر، يتعجب المدير لماذا ثيابك جافة إذن! يتلعثم الولد فيظن المدير أن الولد يكذب، فيأمره أن يخرج من المدرسة ويعود إلى المنزل ليحضر والده، يبكي الطفل -مستعطفًا إياه- والدي في العمل يا أستاذ! يرد المدير إذن أحضره غدًا، يستأذنه الطفل وعلامات البؤس قد أخذت مكانها على وجهه: ولكنه سيكون في العمل غدًا أيضًا أستاذي!

والدتك إذن؟

والدتي مريضة ولا تستطيع الخروج، يقرر المدير العفو عنه هذه المرة مشددًا على ألا يكرر ذلك مرة أخرى، يتكرر الأمر ذاته عدة مرات ويتأخر (علي) رغما عنه ولكن يتدخل أحد أساتذته بالاستئذان له وطلب العفو من مدير المدرسة حيث إنه تلميذ مجتهد ومهذب.

ثم تعلن المدرسة عن مسابقة للجري لمسافة معينة، ومن يفوز بها ويحصل على المركز الثالث سيحصل على جائزة «حذاء».

يا الله، يفرح (علي) كثيرا ها هو الحذاء المنتظر يُلّوح له من بعيد، ها هو حلمه يقترب ولا يحتاج منه إلّا بعض الأنفاس، بسيطة، الفقراء أساسًا لا يملكون سوى النفس الطويل، من الآن سيصبح كل همّه هو كيف يحصل على المركز الثالث.

يعود (علي) إلى المنزل تحمله فرحته بحلمه الذي أضحى قريبًا جدًا يكاد يلمسه بيديه، يخبر أخته التي تقابل الخبر بفتور حيث إنها اعتادت خيبة الأمل ولم تعد تثق بلحظات الفرح الماكرة، متسائلة «وما أدراك أنك ستحصل على المركز الثالث؟» فيجيب بثقة سأحصل على المركز الثالث، فتبادره بسؤال آخر، ولكنه سيكون حذاء ولد وليس حذاء لبنت، يجيبها وابتسامته لا تفارقه والحماسة تملؤه، سأبدله بحذاء بنت، إنه أمرُ سهل، يفرحان ويتبادلان اللعب بفقاعات الصابون التي تشبه أفراحهما ما أن تلوح في الأفق حتى تتلاشى.

أي حياة تلك التي يصبح «الحذاء» فيها هو حلم وغاية ليس من الأمر اليسير إدراكها! كيف استطاع هذا الفيلم العبقري أن يصور لنا، لا بل أن يجعلنا نعيش هذا البؤس والشقاء والأسى مع الطفل والطفلة لحظة بلحظة!

يمكنك أن تقرأ الحوار كاملًا من عيون الطفلين ونظراتهما فقط، فقد جربّت أن أشاهد الفيلم بدون ترجمة وبدون صوت ولم أندهش حين وجدتني قادرة على فهم كل كلمة وكل حرف من خلال عيون الأطفال، عيونهم كانت كل شيء، كانت تتحدث حتى في لحظات الصمت، كانت تحكي كل شيء، كل شيء تمامًا.

طوال مشاهدتي للفيلم وأنا أبكي معهم في لحظات بكائهم الكثيرة وأضحك معهم في المرات النادرة التي ضحكوا فيها وأردد بيت الشاعر الفلسطيني توفيق زياد:

وأعطي نصف عمري للذي يجعل طفلًا باكيًا يضحك.

وأعطي نصفه الثاني لأحمي زهرة خضراء أن تهلك.

The post أطفال السماء The Children of Heaven appeared first on ساسة بوست.

Viewing all 367 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>